انسحاب بطعم «الهزيمة»!
وصف أنصار الحقوقي خالد علي المرشح المحتمل لخوض معركة الرئاسة الانتخابية، قراره بالعدول عن الترشح بأنه «انسحاب بطعم النصر»، ولا أظن أن الانسحاب من المعارك السياسية يمكن أن يوصف بأنه «انتصارات»، وإلا فبماذا نصف من يقبلون التحدي ويستمرون في المعركة حتى النهاية، رغم كل العقبات والمتاعب المتوقعة، والتي تزيدهم إصرارا على البقاء من أجل طرح برامجهم الانتخابية المستمدة من مبادئ الأحزاب، أو التيارات السياسية التي ينتمون إليها، وينتهزون فرصة المعركة الانتخابية للإعلان عنها على أوسع نطاق..
ليس فقط من أجل الحصول على أصوات الناخبين، وإنما أيضا لإقناع القاعدة الواسعة من المواطنين بعدالة القضايا التي يتبناها التيار السياسي الذي يعبر عنه، وصلاحيتها للتطبيق لو حقق المرشح الفوز في الانتخابات، ولا أحد يعترض على القرارات التي اتخذها المرشحون المحتملون، لخوض المعركة الانتخابية الرئاسية بالعدول عن خوضها، وتقديم العديد من الحجج الواهية التي لا تضع المواطنين بجد بينها.
فعندما يبرر محمد أنور السادات انسحابه بأنه جاء لعدم رغبته في أن يشارك في «تمثيلية».. وليس في انتخابات يتوفر لها الشفافية والنزاهة، وكأنه اكتشف فجأة أن الانتخابات القادمة تحددت نتائجها مسبقا. ولا أعرف وهو السياسي المخضرم والقريب من مؤسسات الدولة، لم يكن يدرك تلك الأساليب التي زعم أنها وراء قراره بالانسحاب، وإذا كانت مزاعمه صحيحة فلماذا أقدم على الترشح؟!
وتثير واقعة عدول الفريق أحمد شفيق عن الترشح العديد من التساؤلات.. التي لم تجد لها إجابات بعد، فقد أقام الرجل الدنيا ولم يقعدها عقب إعلانه رغبته في الترشح من دولة الإمارات التي أحسنت استضافته خمس سنوات، وزعم أن السلطة في الإمارات تمنعه من السفر للخارج للإعلان عن برنامجه الانتخابي، وما تبع ذلك من فيديو الجزيرة، ثم قرار المجيء إلى مصر، والالتقاء بأعضاء الحزب الذي يرأسه، وفجأة أعلن أنه قرر الانسحاب، لأنه لا يستطيع تحمل أعباء رئاسة الدولة في تلك الظروف الصعبة التي تمر بها.
والسؤال.. ألم يكن الرجل وهو المتابع لكل ما يجري على أرض الوطن، يدرك أن مصر تواجه تحديات صعبة، وأنه ليس الرجل المؤهل لمواجهتها.. وألم يدرك أيضا أن الشجاعة المفاجئة ساعدت على نشر شائعات عديدة من أجهزة إعلام معادية قدمت إساءة بالغة لسمعة مصر ولسمعة الرجل نفسه!
وكان المحامي والناشط الحقوقي "خالد علي" آخر المنسحبين رغم أنه قطع شوطا في استيفاء أوراق ترشحه، بما فيها الحصول على ١٨ ألف توكيل من مؤيديه، وكان بمقدوره استكمال التوكيلات خلال الأيام الماضية، ولكنه آثر الانسحاب تجنبا لعقبات محتملة كانت ستواجهه وتواجه أفراد حملته.
ولا أتصور أن "خالد على" كان يتوقع أن يجد الطريق أمامه مفروشا بالورود، وأنه سيجد كل المعونة من الجهاز البيروقراطي الذي يعتبر المعارضة خيانة، وينظر إلى كل مرشح معارض على أنه عدو للدولة، ويبادر بإعاقة مسيرة كل معارض حتى دون أن يتلقى أوامر من المسئولين الكبار، ما يمكن المرشح من فضح تلك الأساليب أمام الرأي العام بدلا من اتخاذ القرار السهل بالانسحاب.. والادعاء بأنه انسحاب «بطعم» النصر!