رئيس التحرير
عصام كامل

«مراكبي» معرض الكتاب.. ترك الصحافة من أجل المراكب الفرعونية

فيتو

"طول عمري بحب المراكب والبحر وكل شيء يتعلق بها.. وجيت مخصوص لركن الأطفال علشان أعلمهم فنا دقيقا وراقيا زي ده"،.. بين أكوام ورق مقوى وعبوات ألوان، تجذب نحوها فتيان وفتيات جاءوا من أجل ركنهم المخصص بأرض معرض الكتاب بمدينة نصر، بعدما خصصت هيئة الكتاب جانبا من الجزء الأمامي لمعرض الكتاب للأطفال، يتحدث سعيد الباجوري، الذي جاء خصيصيًا إلى خيمة بابا شارو بمعرض الكتاب، من منطقة روكسي بالقاهرة، ليتخذ ركنًا لا يخطئه أبدًا، ويقول عن نشاطه: "كل يوم باجي لنفس المكان، مبغيرهوش لكل اللي عايز يتعلم".


يضع "مراكبي معرض الكتاب معداته، استعدادا ليومه الجديد.. وفي مثل هذه الأيام منذ ثلاثة أعوام، كان سعيد الرجل الخمسيني الذي ترك الدنيا خلفه، من أجل حلم راوده منذ كان صغيرًا، على موعد مع عالم طالما كان أقرب إلى قلبه الذي ما زالت الطفولة تحتل أرجاءه، فأبى هو ألا ينزل إلى نداءاتها، تاركًا وظيفته وحياته التي كانت قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011، وكأنه جسد جديد انشطر عن آخر غرق في الروتين اليومي،ليحلق في سماء برائحة البحر وألوان مراكبه، ويقول عن ذلك "أما هنا وما بين الأطفال لقيت نفسي، حياتي الأولى كانت بتقيدني".

"حياته الأولى".. تلك الكلمة التي حينما ألقاها على مسامعنا والحضور، تساءلت إحدى السيدات اللاتي كن مندمجات مع شراع قيد التصنيع!، "كنت شغال إيه يا أستاذ سعيد؟! "، يبتسم هو كاشفًا عن أسنان ترك النيكوتين آثاره عليها، "كنت بشتغل في مجال الإعلام والصحافة"، يخرج بعدها "كارنيه" اتحاد الإذاعة والتليفزيون ليوثق حديثه الذي شرع في المضي نحوه، "أنا خريج كلية تجارة وبعدين حقوق واشتغلت مساعد مدير تحرير لمجلة الحوار العربي، من وأنا سني 37 سنة لحد ما وصلت الخمسين وقت الثورة"، حينما ينطق عبارة الثورة تتبدل ملامحه ويمتعض وجهه"..

وقت ما قامت الثورة وأنا سبت الصحافة، بالرغم من إني مكنتش مبسوط إلا إني ما صدقت علشان أروق حياتي وفضي دماغي لشغل صناعة المراكب".

لم يدرس سعيد الإعلامي سابقًا، وصانع تصميمات المراكب الفرعونية الست حاليًا، التجارة فقط، فبعد أن أنهى دراسته بكلية التجارة جامعة عين شمس، شرع في دراسة القانون لحبه وتعلقه الشديد به، ويبرر ذلك: "دخلت كلية الحقوق ودرست الأربع سنين حبًا في القانون، أولادي الاتنين كمان دخلوا حقوق".

ترك سعيد كل ذلك ليذهب إلى هناك حيث يسكن حلمه الصغير في ابتسامة إحدى الفتيات، أول نظرة فضولية تلقيها سيدة على ورقة ملقاة على الطاولة، "هتعمل بيها إيه؟! " ليجيبها قائلًا:"هنعمل مركب الملك زوسر اللي كان بينقل فيها القمح لتوريده"، مشيرًا إلى فتحات ضيقة أحدثها في منتصف الورقة الكرتونية التي اتخذت شكل القارب.
الجريدة الرسمية