رئيس التحرير
عصام كامل

على هامش معرض الكتاب.. رحلة في رحاب سيرة «آل البيت»

فيتو

"نفحة من عند الرسول"، عبارة ألقاها رجل ستيني على زوجته، متجهين معًا نحو صندوق زجاجي عملاق يترأس إحدى زوايا الصندوق، يلمس شاشة حاسوب كبيرة، فتضيء جوانب الصندوق الداخلية بومضات بيضاء خافتة.
 

"هنا وطأت أقدام الرسول عليه الصلاة والسلام أرض المدينة، من هذا المدخل الجانبي للمدينة، وهنا بُني أول مسجد في الإسلام"، يقاطعه أحدهم "لكن النبي دخل المدينة من الجهة الغربية"، الأضواء الخافتة والطابع البدوي الذي يغلب على الركن الخلفي للجناح السعودي بمعرض الكتاب، والملابس التي يرتديها ياسر، المصري الذي يقيم بالمملكة السعودية منذ نحو خمسة عشر عامًا، "من طول عمري فترة بقائي في السعودية بقيت أتكلم زيهم".

مع الساعات الأولى من صباح اليوم ارتدى ياسر ملابسه، الجلباب الأبيض والعقال، يشغل جهازه ويشرع في الشرح، رحلتك كزائر لا بد أن تبدأ من الجهة الخلفية، حيث المجسم الخاص بمكة المكرمة، فلتُغمض عينيك وتعود للوراء 1400 عام، "أنا حاسس أني رجعت لأيام النبي عليه الصلاة والسلام"، يشير الحاج محمود إلى المجسم الخاص بمنزل السيدة خديجة بالمدينة، متحدثًا إلى رفيقه داخل أروقة الجناح، يقطع ياسر حديثهم "وهنا كان النبي يسير نحو 10 كم من بيته حتى غار حراء".

بوجهه شديد السمرة وملامحه الحادة، يحملق في تفاصيل المجسم العملاق وتفاصيله الدقيقة، "أنا أول مرة أسمع المعلومات دي رغم أني قرأت كثيرًا عن السيرة النبوية"، بلهجة عربية ضعيفة، يحاول "نور" الثلاثيني الذي جاء من مدينة "كانو" النيجيرية، أن يلتقط أحرفها من خلف أسنانه ناصعة البياض، "أنا هنا من أربعة أشهر، أول مرة أزور المعرض وشدتني الفكرة الخاصة بسيرة الرسول في خمس دقائق".
عند الجزء الخاص بوصف مدينة الرسول حين كان يقيم بها، يتوافد العشرات من المصريين من أعمار مختلفة، سيدة أربعينية، جاءت من حي شبرا بالقاهرة خصيصًا، بعد أن سمعت من صديقتها عن مشروع السيرة النبوية في دقائق، "أنا حريصة أن بناتي يعرفوا أكثر عن سيرة النبي وأهم ما يميز الفكرة هنا أنها تضعك في قلب الفترة والحدث"، تمسك ابنتها بها متسائلة "ماما هو ده إيه؟!" فتجيبها "ده جبل أحد يا حبيبتي وده الخندق اللي النبي وأصحابه حفروه بطول المدينة علشان الكفار".

لم تكن السيرة العطرة مصدر الاطلاع عليها المجسمات وشاشة الحاسوب فحسب، فالقائمون على المعرض حرصوا على تلخيص كل ما يقوله ياسر، الشبراوي المصري مسئول الدعاية بإحدى دور النشر السعودية، للوافدين على الجناح، في كتيب لا يتعدى المائة صفحة "كل اللي بقوله ده موجود في كتيب علشان بعد ما يسمعوا يقدروا يرسخوه في أذهانهم".
الجريدة الرسمية