رئيس التحرير
عصام كامل

الشيخ الصباح.. 12 عاما على قيادة سفينة الحكم في الكويت

الشيخ صباح الأحمد
الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح

تحتفل دولة الكويت هذه الأيام بالذكرى الثانية عشرة لتولي الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح مقاليد الحكم في البلاد، حيث تولى مقاليد الحكم في 29 يناير 2006، وخلال هذه السنوات كانت الكويت وما زالت نموذجا للدولة المستقرة وواحدة من أهم الدول العربية ومثلت رمانة ميزان إقليمي للحفاظ على الثوابت بين العرب.


العمل الخيري
وكانت الكويت في عهد الشيخ صباح الأحمد مركزا للعمل الخيري والإنساني بناء على ما تقدمه من مساعدات لمختلف الدول والشعوب على المستوى العربي والدولي، ورعايتها لعدد من المؤتمرات لرعاية الشعب السوري والفلسطيني وإعمار اليمن والعراق، وكذلك وساطة الكويت في عدد من الملفات والأزمات العربية.

وتبلور دور الكويت الإنساني بحصول أمير الكويت على لقب أمير الإنسانية من قبل الأمم المتحدة، ومساهمته في اختيار الكويت عاصمة للإنسانية ومركزا للعمل الخيري على مستوى العالم،  فضلا عن دوره في اختيار الكويت عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2016.

القائد الحكيم
لأمير الكويت تاريخ كبير في العمل الدبلوماسي، وارتبط اسمه بعدد من الملفات المحلية والعالمية، وأطلق عليه عدد من الألقاب التي مثلت دوره على مدى تاريخ الكويت الحديث والمعاصر مثل القائد الحكيم، حامي الدستور، مخطط المستقبل، وأخيرا أمير الإنسانية ورجل السلام ورجل المصالحة  وذلك على  المستوى العربي والدولي، كما أن عددا كبيرا من المراقبين والمتابعين  للسياسة الدولية يرشحونه لجائزة نوبل للسلام، نظرا لما قدمه للأمة العربية والإنسانية جمعاء من مبادرات شملت أسمى معاني العفو والصلح تترجمت في تقديم المساعدات والجمع بين الفرقاء.

حضور فاعل
ويعد  الشيخ صباح الأحمد الأكثر حضورا في المناسبات الوطنية والخليجية والعربية والعالمية، والأكثر حرصا على الفعاليات العربية والخليجية التي تجمع الأشقاء العرب، وكان آخرها القمة الخليجية الماضية التي صمم على عقدها في موعدها بالرغم من آثار الخلاف بين عدد من أعضاء مجلس التعاون، وذلك حرصا منه في الحفاظ على منظومة مجلس التعاون الخليجي التي كانت الكويت وراء إنشائها قبل نحو أربعة عقود.  

كما أن أمير الكويت يعتبر رجل المبادرات الأول في المنطقة، فلا يفوّت فرصة للالتقاء بإخوانه القادة العرب للتشاور في سبل حل القضايا العربية، وأخيرا ومنذ اندلاع الخلافات داخل البيت الخليجي والعربي لم يفُت فرصة للتوسط بين الأشقاء لتجاوز الخلاف وتخفيف الأجواء إلا كان مبادرا بها.

دولة حديثة
وعلى المستوى الداخلي يحسب لأمير الكويت أنه جعل منها دولة عصرية حديثة، وفي أولى كلماته بعد مبايعته أميرا وأدائه اليمين الدستورية، وعد الشعب الكويتي بتحمل الأمانة وتولي المسئولية، وعلى مواصلة العمل من أجل الكويت وأهلها، ويشهد الجميع في الداخل والخارج أنه أوفى بوعده.

ودعا الجميع للعمل من أجل جعل الكويت دولة عصرية حديثة مزودة بالعلم والمعرفة يسودها التعاون والإخاء والمحبة، ويتمتع سكانها بالمساواة في الحقوق والواجبات مع المحافظة على الديموقراطية وحرية الرأي والتعبير.
   
وتحولت الكويت في فترة وجيزة تحت حكم الشيخ صباح الأحمد إلى مركز لصنع القرارات العربية والتأثير في المواقف الدولية والتي كانت نتاجا للأحداث التي احتضنتها أرض الكويت وساهمت رعايته بشكل فاعل في إنجاحها على الرغم من التحديات الكبيرة والأزمات المتلاحقة التي تشهدها الدول العربية.
 
عميد الدبلوماسيين
وعلى المستوى السياسي والدبلوماسي أثبت الشيخ أمير الكويت استحقاقه لقب رجل السياسة الكويتية وعميد الدبلوماسيين في العالم، فنجح خلال قيادته للدبلوماسية الكويتية على مدى أربعة عقود في ربط الكويت دبلوماسيًا واستراتيجيًا بالعالم الخارجي، فاستضافت الكويت على أرضها أكثر من 95 ممثلية ما بين سفارة وقنصلية ومنظمة دولية وإقليمية وتبادلت معها التمثيل الديبلوماسي والقنصلي وحصلت على عضوية غير دائمة في مجلس الأمن الدولي عدة مرات آخرها العام الحالي، ما يعكس النجاح الذي حققته هذه الدبلوماسية.

وكانت له لمساته الواضحة في بلورة العديد من الاتفاقيات والمعــاهدات بين صفوف دول مجلس التعاون الخليجي، كما كان له دور كبير في دعم قضايا العالم الإسلامي، ومشاركات حثيثة ومهمة في مآسي العالم أجمع ودعوة المجتمع الدولي للقيام بمهامـه والحديث دومًا عن معاناة شعوب العالم وخصوصا الدول النامية والفقيرة المثقلة بالديون والأزمات.

ولعل أبرز ما يجسد ذلك قول أمير الكويت في أحد خطاباته «إن المسئولية جسيمة والعبء ثقيل ولكننا بعون الله وتوفيقه قادرون على تحمل مسئوليتنا بثقة وايمان وعزم واصرار مسترشدين بتعاليم ديننا متمسكين بقيمنا وثوابتنا نعلي صوت القانون والحق والعدالة».

ويؤمن الشيخ صباح الأحمد بأن الديموقراطية هي المحرك الديناميكي الذي يجسد مساحة الأمان والاطمئنان للقيادة والشعب في الوقت نفسه. 

ويقول: «لن يكون الأمن والاستقرار بديلا للحرية والديموقراطية بل هما صنوان متلازمان يمثلان ضمانة أساسية لأمن كل مجتمع واستقراره ولنا في ما آلت إليه الدول ذات الأنظمة الديكتاتورية خير شاهد ودليل».

سفينة الحكم
وتسلم الشيخ صباح الأحمد قيادة سفينة الحكم في البلاد، فكان ربانا ماهرا نظرا لعقود الخبرة وتجارب السنين المعجونة بحنكته السياسية والتفوق الدبلوماسي المشهود له عربيا وإقليميا ودوليا منذ أن كان وزيرا للخارجية، حيث كرس خبرته وجهوده في الوصول بالكويت إلى دولة عصرية حديثة يسودها التعاون والإخاء والمحبة والألفة، هدفها تعزيز العلم والمعرفة، وإقامة مركز تجاري ومالي دولي يعطي للكويت وهجها ودورها الريادي عبر العصور في الانفتاح التجاري والاستثماري في الداخل والخارج.

التعاون مع الجميع
ويشدد دائمًا في كلماته على أهمية تقوية أواصر التعاون مع الدول الشقيقة والصديقة وتجنب كل ما يعكر صفو العلاقات مع هذه الدول أو الإساءة إليها.

ويرى أن العالم الإسلامي يشهد واقعا مؤلما يتطلب من المسلمين كافة الوقوف صفا واحدا لمواجهة تحدياته في تكاتف وتآزر عملا بقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى». مشيدا ومفتخرا بالقيم السامية التي جبل عليها أهل الكويت منذ القدم السباقون دائما لعمل الخير ومد يد العون لإخوانهم المسلمين في أنحاء المعمورة كافة.

وتبلورت جهوده لإغاثة المحتاجين والمنكوبين العرب والمسلمين وحتى غير المسلمين في أحداث كثيرة لعل أهمها المبادرة إلى تنظيم مؤتمر مانحي سوريا لثلاثة مرات على أرض الكويت علاوة على مشاركته في رعاية المؤتمر الرابع في لندن  وتقديمه تبرعا للشعب السوري يقترب من ملياري دولار علما أن الكويت بتوجيهات من الشيخ صباح الأكثر حرصا بين المانحين على الالتزام بصرف هذه التبرعات، حيث أكد الشيخ صباح أن المجتمع الدولي يقف أمام مسئولية تاريخية وأخلاقية وإنسانية وقانونية، تتطلب منا جميعا تضافر الجهود والعمل الدءوب للوصول إلى حل ينهي هذه الكارثة ويحقن دماء شعب بأكمله ويحفظ كيان بلد ونصون فيه الأمن والسلام الدوليين.

إعادة إعمار العراق
وأصبح أمير الكويت أحد أبرز الشخصيات السياسية المؤثرة في العالم العربي، وصاحب مكانة مرموقة على الصعيدين الإقليمي والدولي،  لما يتمتع به من رؤية سياسية عميقة وحنكة جعلته رجل مصالحة في كثير من الدول ولدى العديد من الجهات المتنازعة وفي عدد من الملفات، الأمر الذي أدى إلى نجاح الكثير من المبادرات التي أطلقها أو الخلافات التي أزالها وأدت إلى مصالحات ناجحة، وقد حفلت العقود الماضية بالكثير من الإنجازات المهمة التي حققها الشيخ صباح في مسارات المصالحة العربية ولم الشمل وتوحيد الصفوف والحفاظ على مصالح الشعوب ودعم الأشقاء حيث أطلق مؤخرا مبادرة كريمة لإعادة إعمار العراق بعد تحريره من التنظيمات الإرهابية وأبرزها تنظيم داعش، ونشطت على الفور الترتيبات الدبلوماسية لضمان نجاح هذه المبادرة، وهو ما تكلل بالنجاح عبر إعلان نحو 100 دولة ومؤسسة دولية على المشاركة في الفعاليات المقرر أن تنطلق في الكويت منتصف فبراير المقبل.
الجريدة الرسمية