رئيس التحرير
عصام كامل

سيادة اللواء سمير فرج.. عفوا!


كالكثيرين في مصر وخارجها نحمل كل التقدير والاحترام للواء سمير فرج، ليس لكونه أحد أبطال قواتنا المسلحة فحسب، ولا لكونه أدى دورا مهما في مرحلة مهمة ربما نراها في مذكراته يوم ما، ولا لأنه خبير عسكري قدير يتابع ويطالع شرقا وغربا، ولا لنهضة بدأها ولم تكتمل في أغلى ما نملك عند آثارنا بالأقصر، وإنما لكل ما سبق، فضلا عن سببين آخرين، وهو قدرته على قول الحق وإعادة الاعتبار لأبطال كبار في العسكرية المصرية ظلمتهم السياسة وظلمهم أعلام الساسة وأقلام الكاذبين منهم. 


ولسبب آخر لا يعرفه اللواء فرج، وله قصة أخرى ليس هنا مجالها، وهو سبب لا يعرفه إلا زميلنا شريف عارف محررنا العسكري السابق بالأحرار، والذي عمل محررا عسكريا في وقت تولي سيادته الشئون المعنوية فعمل وتعامل مع سيادة اللواء وسمع منه أشياء كثيرة مهمة!

ومع كل التقدير السابق إلا أننا نختلف مع سيادة اللواء فيما جاء على لسانه بحلقة الأمس من برنامج "على مسئوليتي" مع الزميل الأستاذ أحمد موسى بصدى البلد، حين قال إن السياسة الخارجية الأمريكية في عهد ترامب تعتمد على مصر كإحدى ركائزها ضمن دول أخرى هي إسرائيل والسعودية، بعد أن كانت في عهد أوباما تعتمد على "إسرائيل وتركيا وقطر"!

ما يقوله اللواء فرج لا يتم إلا إذا اتفقت المصالح والسياسة الخارجية الأمريكية مع المصالح والسياسة الخارجية المصرية.. وهنا نسأل السؤال المباشر بعيدا عما يسميه البعض أننا نعيش على أفكار قديمة، ولذلك لن نسأل كيف نكون في معسكر واحد للمصالح مع إسرائيل وسنترك القضية الفلسطينية، بل ودعنا ومن المقدسات بالأرض المحتلة لكننا سنسأل: أين ذلك في محيطنا الإقليمي؟ هل تتفق مصالحنا وسياساتنا مع أمريكا في سوريا؟ إصرار مصري على الحفاظ على وحدة سوريا وإصرار أمريكي على العكس!

وفي ليبيا تدعم مصر الجيش الوطني ممثلا في قائده المشير حفتر وتدعم أمريكا أعداء الرجل وخصومه.. وفي حين تطالب مصر برفع الحظر عن تسليح الجيش الليبي تدعم أمريكا العكس! فهل نتفق مع أمريكا ضد الإرهاب؟ فلماذا اذن لم نشارك في التحالف الدولي ضده؟ ولماذا لم تضع أمريكا الإخوان على قوائم الإرهاب وهو التعهد الانتخابي الوحيد تقريبا الذي لم يلتزم به ترامب !!

فهل نتفق مع أمريكا في الموقف من إيران؟ مصر ترى أن إيران دولة لها تطلعات في المنطقة وأحلام بعودة الدولة الكبري القديمة وربما تطورت الرؤية المصرية إلى الحديث عن نفوذ قومي فارسي لكن لا تري مصر في إيران خطرا مذهبيا، وتجلى اختلاف الرؤية عمليا في مؤتمر الرياض.. ذهب الرئيس السيسي للحديث عن الإرهاب الحقيقي الذي نواجهه بينما تكلم باقي الحضور وأولهم ترامب عن إيران.. وإيران فقط!

الأمثلة عديدة وكلها تبرز التباين في المصالح والسياسات من استبدال الدولار في التبادل مع الصين إلى تعاون غير مسبوق منذ الستينيات مع روسيا وستبرز التباينات أكثر في الفترة المقبلة كلما سارت مصر في طريق التنمية الذي يزعج العدو الإسرائيلي بشدة والذي تواجهه إسرائيل منذ فترة بأدوات أخرى غير المواجهة المباشرة.. وإلا فليقل لنا اللواء فرج أي مؤامرة التي نواجهها ومن يقف وراءها ومن يخطط لها سرا ويديرها في الخفاء؟!!

هل هي قطر منفردة من الأول للآخر؟ بلا توكيل من طرف آخر خفي لا يظهر ولن يظهر؟! أم ماذا بالضبط ؟! ثم مصر الجائزة الكبري لمن؟ لقطر أيضا؟ هل هذا معقول؟!

إن كان اللواء فرج يريد تلطيف الأجواء مع أمريكا وتهدئة الغضب الشعبي المصري فيجب ومع احترامنا الكامل وحبنا الصادق لسيادته أن يكون على أسس واقعية وليس على أساس سياسات قديمة ذهب مؤسسوها وأصحابها وانتهت كل فرضياتهم إلى الفشل.

الأخطر أن نفعل ذلك فنخسر روسيا ولن نكسب أبدا الولايات المتحدة!
الجريدة الرسمية