رئيس التحرير
عصام كامل

د. سعد الزنط عن استحقاقات الرئيس القادم: الإرهاب وضبط الأمن.. وإعادة إحياء مصانع القطاع الحكومي

فيتو


  • التركيز على التعليم والإعلام والصناعة.. والتحلي بالصبر في العلاقات الدولية
  • بدون إنسان مؤهل علميا وأخلاقيا جيدا لا يمكن استكمال المسيرة
  • بدون أمان لا يوجد استقرار.. وبدون استقرار لا يوجد استثمار
  • التركيز على السياحة الصينية.. والقضاء على التطرف بالتعليم والإعلام
  • على الإعلام رسم صورة ذهنية جيدة عن مصر
  • التعامل مع الملف الصحي بالشكل الإنساني.. وليس الفني
  • ربط التعليم بمجالات وسوق العمل والواقع المحيط.. والتطوير بمعرفة إداريين

يرى "سعد الزنط"، مدير مركز الدراسات الإستراتيجية والسياسية، أن التنمية المستدامة يمكن تحقيقها خلال الفترة الرئاسية القادمة من خلال التركيز على الاهتمام بالتعليم والإعلام والصناعة، مؤكدا أن المعالجة الفكرية هي الخطوة المنتظرة فيما يخص ملف الإرهاب، وتفعيل دور الأجهزة الرقابية بأكملها كلمة السر في القضاء على الفساد.. وإلى نص الحوار..

• ما المطلوب من الرئيس القادم لتحقيق التنمية المستدامة؟
= خلال الـ4 سنوات القليلة الماضية، ومنذ ثورة يونيو، تم وضع البنية التحتية الأساسية للدولة من مرتكزات سياسية واقتصادية وعسكرية وعلاقات خارجية، وحان وقت استكمال المسيرة بالتركيز على التعليم والإعلام والصناعة، والانتباه جيدا إليها.. التعليم بإعادة بناء البنية الفكرية للشعب المصري لتربية جيل جديد ذي ثقافة مختلفة تماما عما نحن فيه الآن، جيل ذو فكر ووعي مستنير، وسيتم ذلك من خلال الاهتمام بزراعة الجذور الأساسية للمواطنة والأخلاق لدى الناشئين، وربط التعليم بمجالات الحياة المختلفة، فبدون إنسان مصري مؤهل علميا وأخلاقيا جيدا لن نستطيع استكمال المسيرة.
أما فيما يخص الإعلام فلابد من التخلص نهائيا من مظاهر الإساءة الإعلامية لمصر من قبل وسائل الإعلام، بمنع التركيز على الجوانب السلبية والتغاضي عن تسويق الأنشطة الوطنية، فالإعلام بحاجة لإعادة طرح الجانب الوطني بالتركيز على رسم صورة ذهنية جيدة عن مصر، أما الصناعة فيوجد أكثر من 7 آلاف مصنع مغلق، ولابد من التركيز على الصناعة في الفترة القادمة، وخاصة أنها لم تحصل على العناية المطلوبة الفترة الماضية، إلى جانب إعادة إحياء مصانع القطاع الحكومي مثل مصانع الغزل والنسيج والحديد والصلب ومصانع دمنهور وغيرها للاستفادة منها، هذا الملف مهم للغاية الفترة القادمة.. وفي تقديري لابد من إجراء بعض التعديلات الدستورية لبعض مواد الدستور، ليسمح بأن يكون البرلمان مختلفًا عما هو الآن، بتكوين علاقة متوازنة بين الحكومة والرئاسة والبرلمان لتكون أكثر مرونة من الوقت الحالي، لأن الدستور جعلها مقيدة أكثر من اللازم.

• ماذا تنتظر من الرئيس القادم فيما يخص ملف الإرهاب والأمن؟
= الإرهاب وضبط الأمن من أهم وأصعب الملفات. وفيما يخص ملف الإرهاب، فقد تمكنت مصر بالفعل من تأدية مهمة استخدم القوة مع هذا الملف ونجحت بالفعل فيه، وحان الوقت لاستكماله بالمعالجة الفكرية من خلال الاستعانة بالقوى الناعمة، ولوقف بث الأفكار الإرهابية من تلك الجماعات، فالفكر المنحرف يبدأ بالتطرف ثم العنف إلى أن يصل للإرهاب، ومعالجة الجانب الأول أهم جزء فيه، ولن يتم ذلك باستخدام السلاح والقوة، ولكن بالتعليم والإعلام.

• كيف يمكن القضاء على الفساد وتشجيع التميز؟
= مصر تحولت من فساد الإدارة إلى إدارة الفساد، فالفساد كان له منظومة متكاملة سابقا تمد جذورها لكل مؤسسات الدولةـ، أما الآن فهو فساد فردي، كما أن الجهاز الإداري للدولة تمكن بالفعل من تأدية دور أمثل، وانخفضت معدلات الفساد بفضله، ولكن لابد من تفعيل أدوار كل المؤسسات الرقابية لتؤدي دورًا شبيهًا بدوره، وعلى رأسها الجهاز المركزي للمحاسبات والهيئة المهمة للرقابة المالية، ومصلحة الرقابة الصناعية والهيئة العامة للرقابة والبحوث الدوائية، كل هذه الجهات رقابية ولكن أدوارها لم تكن مفعَّلة بالشكل المطلوب الفترة الماضية كالرقابة الإدارية، وهو ما ينبغي على الرئيس القادم العمل عليه، كما أنه بالتعليم والإعلام والصناعة نتمكن من القضاء على ثقافة الفساد في حد ذاتها.

• ما الخطط التي يجب اتخاذها للحفاظ على مياه النيل، ومواجهة مشكلة سد النهضة؟
= بعدما رفضت إثيوبيا وساطة الكثيرين من أجل حل الأزمة، وعلى رأسها البنك الدولي، أعتقد البعض أن الملف وصل لطريق مسدود، ولكن ذلك لم يحدث، بالفعل مصر فشلت في استخدام الطريق الثلاثي من خلال المفاوضات المشتركة بين مصر وإثيوبيا والسودان، ولكن هذا لا يعني الفشل في الملف كاملًا، فمازالت هناك سيناريوهات أخرى لم تستخدمها مصر، فعلى سبيل المثال؛ كسب ود الجيران وتقوية العلاقات مع دول الحوض والاتحاد الأوروبي والأفريقي للتأكيد للعالم أجمع أن ما تفعله إثيوبيا يضر بالمنطقة، وربما تحتاج القضية لتدخل عسكري وحروب، ولابد أن تكون مصر على قناعة بأنه ينبغي توافر المبررات المقنعة للتدخل العسكري وإشعال نار الحرب في ظل توترات المنطقة.

• كيف يمكن تحسين صورة مصر بالخارج ومواجهة الدول المعادية؟
= العلاقة بين مصر وقطر ليست جيدة، منذ سنوات وقطر تتآمر على مصر، ولكن التآمر في الوقت الحالي امتداد للشراكة مرة مع إيران وأخرى مع تركيا، فلابد من أن يتحلى الرئيس القادم بالصبر، وأن يكون على قناعة بأن تلك الدول وظيفية تؤدي مصالح ذاتية لها، ولكن تتحرك خارج الإقليم، وإذا أرادت الولايات المتحدة الأمريكية التخلص منها نهائيا ستتمكن من ذلك بكل سهولة.

• ما الخطة المثلى لتوفير وتطوير الخدمات الصحية في القرى وكافة المحافظات؟
= تسير مصر في الطريق السليم فيما يخص تناول ملف الصحة، بتطوير أكثر من 29 مستشفى على مستوى الجمهورية خلال سنوات، فيكفي افتتاح ما يقرب من 7 مستشفيات مؤخرًا، ومستشفي النجيلة بمرسي مطروح الذي تم افتتاحه مؤخرا واحد من أكثر المستشفيات تقدما على مستوى العالم، نحن بحاجة الفترة القادمة إلى الحفاظ على مستوى الأداء وتوافر الأمانة والإخلاص، بالتعامل مع الملف الصحي بالشكل الإنساني وليس الفني.. كما ينبغي التركيز على بعض الأمراض والعمل عليها كما حدث مع فيروس سي، ومن الممكن أن نتعامل مع مرض الفشل الكلوي والسرطان بنفس الطريقة، بتنظيم مبادرات لمعالجة المصابين، والاهتمام بالوقاية من خلال التخلص من المبيدات المسرطنة، ومنع ري المحاصيل بمياه الصرف الصحى.

• تحقيق العدالة من أهم مطلب الثورات المصرية.. كيف يمكن استكمال مسيرتها؟
= لابد من تقدير الموقف تقديرًا صحيحًا، دولة تعاني من معارك داخلية وخارجية منذ 7 سنوات، فكيف يمكن النظر إليها، لا شك أن الطبقة المتوسطة ازدادت فقرًا، ولكن العدالة الاجتماعية لن تتحقق إلا بالإنتاج الوفير من خلال اقتصاد جيد، وهو ما تسعي إليه مصر حاليًا، وعمل الشباب فكثير من الشباب لا يعمل رغم وجود فرص ولكنه لا يقبلها، لأنه يركز على مجالات معينة في وقت صعب توافرها، لذلك أطالب بربط التعليم بمجالات وسوق العمل والواقع المحيط.

• ما المعايير التي نستطيع من خلالها تطوير التعليم؟
= التعليم الأساسي بداية التغيير، ونحن ما زال لدينا فهم خاطئ بأن مَنْ صنع الأزمة يستطيع أن يعالجها، فلا يمكن لصانع الأزمة أن يشارك في مواجهتها، فالتغيير عمل إداري وليس تعليميًّا أو فنيًّا، وبالتالي لابد أن يعمل عليه رجال إدارة وليس تعليم، فالمنظومة التعليمية حاليا تحتاج لخطة تغيير يضعها رجال الإدارة ويعمل مسئولو التعليم على تنفيذها.. الواقع يقول إن وزارة التعليم أكثر الوزارات التي تنظم مؤتمرات ومجالس واجتماعات وكتبًا وأبحاثًا، ولكن ما زال التعليم في ذيل القائمة عالميا بل خرج من التصنيف نهائيا، فأي تطوير في التعليم لأبد أن يكون من قبل إداريين وليس فنيين، فالذي صمم الهيكل العظمي هي الإدارة، وكل فشل سببه عدم الاستعانة بالإداريين والاعتماد على الفنيين.

• السياحة.. ما الخطط المطلوبة لتنميتها؟
= مصر سوق عرض كبير لا يتكرر في العالم، توجد به كافة مقومات السياحة الجيدة، وتتوافر فيه كل أنواع السياحة، ولكن ليست هناك أي قدرة على التسويق، فعلى سبيل المثال الكل ينظر للسياحة الروسية، وهل تم إعادتها أم لا، وكيف يمكن إعادتها، وأغفلوا أن الصين يخرج منها وحدها أكثر من 200 مليون سائح.. فكل مجالات الحياة، سواء سياحة أو غيرها بحاجة للإبداع والخيال وحلول غير تقليدية، وأنا أتوقع أن وزيرة السياحة الحالية ستنجح في هذه المهمة لأنها من خارج الصندوق، والملف بحاجة لإبداع وقيادة جيدة ورؤية وحلول إبداعية.

• اكتشاف المواهب الإبداعية وإعادة مراكز الإبداع والتراث أهم طرق التنمية، كيف يمكن تحقيق ذلك؟
= المواهب تُصنع بالإعلام والتعليم من خلال رصد الطلاب المبدعين، كما أنني تحدثت سابقا في كتابي "نظرية الذكاوات المتعددة للبشر".. عن أن بعض المواطنين لديهم ذكاء اجتماعي وآخرين يتمتعون بذكاء اقتصادي والبعض الآخر بلغوي وفريق رابع بذكاء فني وهكذا، ونحن مصممون على أن يدرس الطلاب كل المجالات، وإذا كان فاشلًا في مجال لابد أن يحصل على درس خصوصي فيه.. نظرية الذكاوات تقوم على أنه لابد أن تركز المنظومة التعليمية على أن يثبت الطفل ذكاءه وقدراته في مجال معين، ويتم اكتشاف قدرات ومواهب الأطفال من خلال المدارس والجامعات والقصور الثقافية والإعلام والنوادي، ولو بالصدفة، ثم العمل على تطويره بتركيز اهتمامه ودراسته في مجال معين ليتمكن من الإبداع فيه وتطويره.

• ما الخطط العامة المفترض وضعها لمواجهة المناطق الفقيرة؟
= لا يجب على الدولة أن تسمح للشعب أن يسبقها ولكن العكس، لأن معنى أن الشعب يسبق الدولة أن هناك عشوائية سواء فكرية أو اقتصادية أو سياسية، وكلها نتيجة تخلي الحكومة عن دورها، فمبدأ أن تبدأ الدولة ثم الشعب بعدها التمثيل الإداري الصحيح، مصر كان يوجد بها أكثر من 1200 منطقة عشوائية يسكنها أكثر من 2 مليون مواطن، فلابد من وقف بناء المزيد من هذه المناطق، باستكمال بناء المدن الجديدة كما حدث في غيط العنب وحي الأسمرات.

• ارتفاع الأسعار أهم المشكلات التي تواجه المواطن البسيط كيف يمكن مواجهتها الفترة القادمة؟
= لماذا عندما نتحدث عن حقوقنا صوتنا يعلو ونزداد طاقة، وعندما نتحدث على واجباتنا ينخفض الصوت، لماذا لم يلفت انتباهنا أن التجار هم من يخزنون البضائع والأدوية والأسماك بما أدى لزيادة أسعارها، وأكبر دليل على ذلك انخفاض الأسعار الفترة الأخيرة، مثل الأسماك والدواجن واللحوم، فالمسئولية أخلاقية بالنسبة للمواطن وعملية بالنسبة للحكومة.. فما يجب اتخاذه الفترة القادمة لتخفيض الأسعار أولا تحسين سلوكنا في الاستهلاك، ثانيا تدشين المزيد من المشروعات لدفع عجلة التنمية، وثالثا التسويق لها، خطة الحكومة الاقتصادية بدأت بشائرها تظهر بخفض أسعار بعض السلع، وسيكون العرض الفترة القادمة أكثر من الطلب، وأكبر دليل على ذلك القمح.

• ما الخطة الأصلح لجذب المزيد من الاستثمارات في السوق المصري، وتوفير مناخ مناسب لهم؟
= بدون أمان لا يوجد استقرار، وبدون استقرار لا يوجد استثمار، معادلة في غاية الأهمية لابد من لفت الانتباه إليها، بالتحسين في ملف الأمن ستتزايد الاستثمارات، وخاصة أن الفائض عن المصريين أصبح قليلًا، وبالتالي الاستثمار المحلي قليل، لذلك لابد أن نبحث عن استثمارات جديدة في السويس وغرب بورسعيد، والتسويق لأهمية تلك المناطق ومكاسب الاستثمار فيها وفي كافة المحافظات، كما أنني أتوقع أن أزمة الخليج ستزداد الفترة القادمة، وبالتالي ستنتقل الاستثمارات لمصر.


الجريدة الرسمية