رئيس اتحاد نقابات عمال مصر الحر: الأرقام المتداولة عن عدد المصانع المغلقة بمصر مبالغ فيها
- لا أحد يملك التصريح بالرقم الحقيقي للمصانع المغلقة إلا وزارة الصناعة والشركة القابضة
- أطالب بتشكيل لجنة لحصر المصانع وتحديد ما لا يصلح منها وبيعها كأراضٍ
- إصدار قانوني التأمينات والعمل ولائحة الحريات النقابية بعد عرضها على العمال
يتزامن حلول الذكرى السابعة لثورة 25 يناير، مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في مصر، أهداف تحققت، وأحلام مازالت في لائحة الانتظار، تحدث عنها على البدري، رئيس اتحاد نقابات عمال مصر الحر، في حواره مع "فيتو"، مقدما للرئيس الجديد "روشتة إصلاح" لمشكلات مزمنة منذ عقود، وقائمة مطالب عادلة لفئة هي العمود الفقري للوطن.. وإلى نص الحوار:
• ونحن على مشارف انتخابات رئاسية جديدة.. ما تقييمك لوضع العمال في مصر؟
= هناك تحسن ملحوظ طرأ على وضع العمال، بعد ظروف صعبة مرت بها البلاد بشكل عام، يمكن أن نلمسها في مبادرات طيبة من المؤسسات المعنية تمثلت في إصدار قانون الحريات النقابية بعد الموافقة عليه من قبل مجلس النواب، ومناقشة مشروع اللائحة التنفيذية لقانون التنظيمات النقابية مع وزير القوى العاملة مؤخرا، كما أننا على أعتاب إصدار قانون العمل ولكنه ما زال قيد المناقشة في البرلمان، ولا ننسى ما حققه الرئيس السيسي من إعادة حالة الأمن والأمان؛ ما ساعد على خلق مناخ مناسب يسمح بتدفق الاستثمارات من الخارج، وضخ رجال الأعمال بالداخل أموالهم بالسوق المصرية مرة أخرى دون قلق، ولكن بالطبع مازلنا على الطريق، وننتظر كثيرًا من الخطوات الجادة نحو الإصلاح.
• وعدت وزارة القوى العاملة بحل أزمة المصانع المغلقة التي تبلغ نحو 4 آلاف مصنع في القريب.. فهل تنجح؟ وما رؤيتك بهذا الخصوص؟
= الأرقام التي يتم تداولها في وسائل الإعلام عن عدد المصانع المغلقة مبالغ فيها إلى حد بعيد، ولا أحد يملك أن يصرح بالرقم الحقيقي إلا وزارة الصناعة والشركة القابضة، وأعتقد أن هناك اهتمامًا من قبل الدولة بحل ملف المصانع المغلقة خاصة أن لي تجربة شخصية في هذا الشأن، فقد سبق وقدمت مذكرة إلى الرئيس السيسي حول توقف العمل بمصنع زجاج تابع لشركة النصر بشبرا الخيمة، وعلى الفور كلف الشركة القابضة بدراسة المشكلة، وعاد المصنع للعمل من جديد، لذا أتمنى تكرار تلك التجربة، خاصة في القطاعات الأكثر تضررًا مثل صناعة الغزل والنسيج، والملابس الجاهزة، والجلود، فبعد أن كنا روادًا بتلك الصناعات، أصبحنا، للأسف، نستورد 95% مما نحتاجه من ملابس، في حين أننا إذا أعدنا تشغيل تلك المصانع، وأنتجنا ملابس جاهزة مصنوعة من القطن المصري الرائع، وأوقفنا الاستيراد من الخارج حتى تقف الصناعة على أرض صلبة، وقتها لن نحتاج إلى الصين وغيرها لشراء ملابسنا، ونكون في الوقت نفسه حققنا مكاسب كبيرة على أصعدة مختلفة.
• برأيك.. ما الصعوبات التي تواجهها الدولة لإعادة تشغيل تلك المصانع؟
= غالبية تلك المصانع المغلقة أنشئت بالقاهرة، وعلى مر السنين زحف عليها العمران، وأحاطتها الأحياء السكنية، كما تم بيع ما بها من آلات ومعدات في عهد الرئيس حسني مبارك، وإعادة تشغيلها الآن سيكلف الدولة مليارات الجنيهات لترميمها وشراء الآلات اللازمة، إضافة إلى تضرر المواطنين بالأحياء السكنية المحيطة بها من العوادم والأبخرة السامة نتيجة لتشغيلها، خاصة إن كانت مصانع لإنتاج الأسمدة أو الجلود، لذا فإن الحل الأمثل هو تشكيل لجنة من وزارتي الصناعة والقوى العاملة لحصر تلك المصانع، وتحديد ما لا يصلح منها لإعادة التشغيل وبيعه كأراضٍ، وخصخصة ما يصلح منها للعمل مرة أخرى، ولكن بضوابط صارمة، على أن يتم استخدام تلك الأموال في إقامة مصانع جديدة بعيدًا عن الأحياء السكنية.
• وما ضوابط خصخصة تلك المصانع؟
= للقطاع الخاص علامات بارزة في مجال الصناعة، وذلك يعود إلى رب العمل الذي لا يسمح بالتهاون في الإنتاج، أما القطاع الحكومي فمناخ العمل به مختلف، حيث يشعر العاملون به بالأمان فمهما كان تقصير العامل لن يتم الاستغناء عنه؛ لذلك من الممكن أن تكون الخصخصة حلًّا جيدًا، ولكن بضوابط محددة، أهمها: ضمان حقوق العمال بما لا يجور على حق رب العمل أيضًا، كذلك إلزام المستثمر ببقاء المنشأة وعدم تغيير نشاطها حتى لا تهدم تلك المصانع ويتم استغلال الأراضي في بناء عقارات تباع بملايين الجنيهات كما حدث في عهد مبارك.
• لماذا يستبدل كثير من المستثمرين العمالة المصرية بأخرى أجنبية؟ وكيف نتصدى لتلك الظاهرة؟
= يلجأ كثير من أصحاب المصانع إلى العمالة الأجنبية خاصة الآسيوية؛ لسببين: الأول عزوف شباب الخريجين عن العمل في المصانع، واستعلائهم على تلك المهن، والثاني نقص الخبرة وعدم تأهيل أصحاب الشهادات الفنية الصناعية للعمل، في حين أننا نمتلك عمالًا مهرة بكل المجالات لا يملكون شهادات تعليمية، اكتسبوا خبرتهم من ممارسة المهنة بشكل عملي، يستطيع أحدهم إعطاء أساتذة الهندسة دروسًا ومحاضرات ويتفوق عليهم في العمل على أرض الواقع، فسوق العمل تحتاج الخبرة قبل الشهادة، لذلك يجب دراسة احتياجات السوق أولا، ووقف الالتحاق بالكليات التي لا يجد خريجوها فرصة عمل كالتجارة والآداب، وتوجيههم إلى كليات أخرى عملية، وكذلك إعادة النظر في طريقة التعلم نفسها.
• قلت إن الخبرة تسبق الشهادة.. فما مقترحاتك بهذا الشأن؟
= يجب تغيير نظام التعليم الفني، فعلى سبيل المثال يتلقى الطلاب محاضرات نظرية يومين فقط في الأسبوع، ويتم توزيعهم – حسب تخصصاتهم - على المصانع والشركات للعمل النظري باقي الأيام، وبذلك نضمن تخريج دفعات من الشباب مدربين يمكن أن يعملوا فور حصولهم على شهادة الدبلوم، وتناسب احتياجات سوق العمل، أما عن شباب الخريجين الذين لا يجدون فرصة عمل بشهاداتهم الجامعية، فإنهم يخضعون لدورات تدريبية وتثقيفية توفرها وزارة القوى العاملة في مراكزها التدريبية القائمة بالفعل في كل المحافظات، على أيدي عمال مهرة بمختلف التخصصات، وبذلك يجد آلاف شباب الخريجين فرصة عمل بعائد مجزٍ.
• ما مطالب العمال للرئيس القادم؟
= لنا مطالب عديدة أهمها سرعة إصدار قانون التأمينات الذي يتم مناقشته في البرلمان الآن، وإجراء بعض التعديلات على بنوده؛ بما يضمن حماية العامل من الفصل التعسفي الذي قد يتعرض له خاصة هؤلاء الذين أفنوا أعمارهم في العمل، ووضع آليات لإلزام أصحاب المهن الحرة بالتأمين على أنفسهم من الإصابات الخطيرة، وكذلك تفعيل دور وزارة القوى العاملة فيما يخص تبني تدريب وتثقيف الأجيال الجديدة لإعدادهم لسوق العمل، في المهن المختلفة وتوزيعهم على الشركات والمصانع التي تحتاج إلى عمالة، فيجب ترجمة كل تلك الأهداف في صورة قوانين بأقرب وقت، وعلى اتحاد نقابات عمال مصر الذي يملك من الصلاحيات والإمكانيات المادية ما يؤهله لتقديم الدعم الكامل للعمال أن يلعب دورًا حقيقيا لتحسين وضع العمال في مصر والدفاع عن حقوقهم، بعيدا عن الوعود التي لا تتعدى الحبر على الورق.
• هل تعتقد أن بعض الكيانات الرسمية لا تعبر بشكل حقيقي عن العمال؟
= بالطبع، وخير مثال على ذلك أن أعضاء لجنة القوى العاملة بمجلس النواب لا يفقهون شيئا عن أحوال العمال، وبعضهم لم يدخل المنشأة التي يعمل بها منذ أكثر من 10 أعوام، ويكتفي فقط بالعمل النقابي، علاوة على ذلك أن غالبية القوانين العمالية يتم تمريرها دون عرضها على العمال أنفسهم، وآخرها قانون الحقوق النقابية، الذي لولا تزامن موعد زيارة لجنة تطبيق المعايير الدولية لمصر مع وقت طرحه بالبرلمان ما كنا دعينا إلى مناقشته قبل إصداره مثلما سبقه من قوانين، وقد قلت لوزير القوى العاملة خلال هذا الاجتماع: "أين نحن من جلسات مناقشة القوانين؟ ومادمنا نحن العمال فمع من تجلسون؟"، كل هذه الأوضاع المغلوطة أعلم جيدا أن الرئيس السيسي لا يرضى عنها، فقد أوصيته بالعمال يوم التقى معنا فور توليه الحكم فأجابني مطمئنا: "العامل عيني والفلاح ذراعي".
• بصفتك قياديًّا عماليًّا.. هل لديك "روشتة إصلاح" يمكن أن تقدمها للرئيس القادم؟
= أثق أن الرئيس عبد الفتاح السيسي سيفوز في الانتخابات القادمة، ولكنه وحده لن يستطيع حل كل المشكلات التي يعاني منها قطاع العمال في مصر، لابد من تكاتف الوزارات المعنية، وبذل مزيد من الجهد، والانفتاح على الكيانات العمالية الفاعلة التي تحمل هموم العمال بشكل جاد، وعقد لقاء شهري معهم، لمناقشة أوضاع العمال، والبت في مشاكلهم، وقتها لن نجد عمالًا عاطلين عن العمل، أو مصانع مغلقة، أو عمالة آسيوية تسيطر على سوق العمل، لأن العامل المصري إذا أعطى الفرصة كاملة سيثبت كفاءته، ورسالتي للرئيس السيسي أن عمال مصر يقفون بجانبك، ويقدرون جهودك للنهوض بالبلاد، وفور فوزك بالانتخابات الرئاسية أتمنى أن تتاح لي الفرصة لمقابلتك وتقديم مذكرة بمطالب العمال ومقترحاتهم.