الموقف الروسي بين «درع الفرات» و«غصن الزيتون» التركيتين
عندما بدأت القوات التركية عملية "درع الفرات" في نهاية أغسطس من العام 2016 والتي كانت تهدف إلى تطهير مدينة جرابلس من أيادي تنظيم الدولة الإسلامية وحماية الحدود التركية حينها من هذا التنظيم، وجدنا صمتا بطعم الرضا من جانب روسيا تجاه هذه العملية العسكرية التي مكنت تركيا بالوجود في الشمال السوري.. فقد كان هدف هذه العملية الحقيقي هو السيطرة على مدن دابق، الراعى والباب في الشمال السوري، نظرا لموقع هذه المدن الاستراتيجي.. فهذه المدن تقع وسط جناحي الأكراد في مدينتي منبج وعفرين وبعملية السيطرة على هذه المدن تمكنت تركيا بمنع اتحاد أكراد منبج وعفرين في هذا الوقت.
وجاء الصمت الروسي بسبب حالة التقارب الكبيرة التي أحدثتها المحاولة الانقلابية الفاشلة ضد أردوغان في يوليو 2016 ووقوف القيادة الروسية بجانبه بعد فترة عداء كبيرة بين الدولتين بسبب إسقاط الدفاعات الجوية التركية للطائرة السوخوى الروسية في نوفمبر 2015.. وحتى بعد ذلك تخلت روسيا عن صمتها وبدأت بمساعدة القوات التركية جوا خلال معارك السيطرة على مدينة الباب.
وذلك بسبب المصالح الروسية الكبيرة التي تجمعها مع تركيا سواء على مستوى العلاقات الثنائية أو على مستوى الأزمة السورية.. استراتيجية رجب طيب أردوغان بدأت في الوضوح فيما يخص الوضع الكردي وتتلخص هذه الاستراتيجية في ثلاث مراحل:
1- العمل على منع توحيد جناحي الأكراد في الشمال السوري "منبج" و"عفرين" بالسيطرة على مدن دابق، الراعى والباب وهذه المرحلة تمت من خلال عملية "درع الفرات".
2- التخلص من القوات الكردية الموجودة في مدينة "عفرين" من خلال عملية "غصن الزيتون" وهذه العملية بالفعل قد بدأت وستستمر بأى شكل حتى يتم التخلص من قوام القوات الكردية.
3- التوجه بعد ذلك إلى مناطق أكراد مدينة "منبج" لكى تنهى تركيا تمامًا على حلم الدولة الكردية في الشمال السوري.
والموقف الروسي الخاص بالتحركات التركية في منطقة عفرين تعدى مرحلة الصمت التي رأيناها في عملية "درع الفرات" في البداية، لكن هنا نجد تبريرات روسية لعملية "غصن الزيتون" على حميع مستويات القيادة في روسيا سواء من جانب وزير الخارجية الروسية أو من جانب المتحدث الرسمي باسم الكرملين أو عن طريق النائب الأول لرئيس لجنة شئون الدفاع والأمن في مجلس الاتحاد للبرلمان الروسي.
وهذا الدفاع الروسي الكبير عن هذه العملية يرجع لرغبة موسكو في الحفاظ على وحدة الأراضي السورية ويرجع إلى رغبتها في أن تحارب تركيا بالنيابة عنها المصالح الأمريكية في الشمال السوري خصوصا بعد إعلان التحالف الدولي تشكيل قوة أمنية حدودية قوامها 30 ألف مقاتل لنشرها على الحدود السورية مع تركيا والعراق وشرقي الفرات.
وهنا نجد الموقف الإيراني متفق مع الموقف الروسي فيما يخص عملية" غصن الزيتون" فالتحالف الإيراني-التركي الخاص بمنع إقامة الدولة الكردية في سوريا أو العراق هو الأهم حتى لو كان على حساب السيادة السورية، فللأسف السيادة السورية منتهكة حاليا بشكل كبير حتى بعد الانتصارات السورية على الجماعات الإرهابية في الفترة الأخيرة، فتم استبدال وجود الجماعات الإرهابية بالوجود العسكري الأمريكي والتركي في الشمال السوري.
ولكن هنا نجد فرضية الصدام بين الجيش السوري والتركي بسبب التدخل التركي.. والسؤال المهم: مع من ستقف روسيا في هذا النزاع؟ أم سيكون الصمت الروسي هو الحاكم كما العادة فيما يخص تركيا؟ وهل لو تم إضعاف قدرات الجيش السوري عن طريق تركيا.. تكون قاعدة حميميم في أمان؟ وهل ستكون قاعدة طرطوس في أمان؟