رئيس التحرير
عصام كامل

د. حسن مهدي «خبير النقل»: الحمولات الزائدة ترفع تكلفة صيانة الطرق بمصر من 2 إلى 7 مليارات جنيه

فيتو

  • وسائل النقل الذكية ستقضى على "متعرفش أنا ابن مين في مصر".. وستطبق المخالفات على الجميع 
  • قطاع البضائع بالسكك الحديدية "ميت" 
  • المسئول في مصر بيرفع شعار "أنا قاعد يومين وماشى" 
  • 3.5 مليار جنيه فاتورة التعديات على طريق مصر إسكندرية الزراعى 
  • المواطن يبدأ التعدى على الطريق بـ "جامع" وبعد ذلك يبنى "عزبة" له ولأولاده
  • تهالك الطرق قبل عمرها الافتراضى ليس فسادا.. والسبب "الحمولة الزائدة" 
  • الدائرى هيتقفل بـ"التريلات" لو مُنعت الحمولة الزائدة 
  • قطارات الغلابة "مفيهاش شباك" 
  • مسارات الدراجات آخرها "التريض" ولا يمكن الاعتماد عليها كوسيلة نقل
  • على المواطنين الإبلاغ عن عمال السكة الحديد الذين يستقلون القطارات "مجانا"
  • دراسة لتحديث ماكينات تذاكر المترو القديمة بدلا من استبدالها بجديدة 
  • 55 مليار جنيه مديونية السكك الحديدية للدولة 
  • النقل النهرى يفتقد سياسة النقل "الباب للباب"


حاوره : محمد شحاتة، أمانى فلفل، آية مصطفى، نورهان ماجد
عدسة : هدير صالح

قال الدكتور حسن مهدى، أستاذ النقل بهندسة عين شمس، إن منظومة النقل تعرضت خلال السنوات الطويلة الماضية لإهمال شديد، كان له تأثير سلبى كبير على أدائها سواء بالنسبة للنقل داخل القاهرة والجيزة أو المترو أو السكك الحديدية..
 
وأوضح مهدى خلال تواجده بصالون" فيتو"، أن زيادة أسعار مترو الأنفاق والسكك الحديدية، كانت أمرا طبيعيا في ظل تحريك أسعار كافة المدخلات التي تؤثر في تكلفة تشغيل المترو والسكك الحديدية، سواء كانت كهرباء أو بترولا..
 
وأكد أن زيادة أسعار تذاكر القطارات لابد أن يصحبها إعادة تقييم لمستوى الخدمات المقدمة من السكك الحديدية، وإلى نص الحوار..


*في بداية الحديث، دعنا نتحدث عن ما يجب أن تفعله محافظتا القاهرة والجيزة في وسائل النقل العام، حتى تستوعب المواطنين الفترة المقبلة خاصة بعد رفع تذكرة مترو الأنفاق ؟
يجب تحسين وسائل النقل العام في المحافظتين من خلال وجودة طريقة منظمة للإدارة، ولا تُترك للمواقف العشوائية، بالإضافة إلى تحديد خطوط سير الميكروباصات وتشديد الرقابة عليها، فكافة السائقين يقومون بتقطيع المسافة، كما يجب إدخال أنظمة النقل الذكية التي تقلل الاعتماد على ضابط المرور، بحيث يكون هناك كارت تعريفى لكل سيارة، يتم تسجيل المخالفات إلكترونيا، وتكون جميع المخالفات موثقة بالرادار، والكاميرات المثبتة، وبالتالى من الصعب أن يكون هناك تمييز في تطبيق المخالفات، بمعنى مش هنسمع "أنت متعرفش أنا ابن مين في مصر"، وذلك لأن أدوات النقل الذكية لا تميز بين المواطنين، فالمخالفة ستطبق على المخالف أيا كان منصبه أو سلطته.

*هل بعد زيادة أسعار تذاكر القطارات والمترو وأتوبيسات النقل العام لن ينقم المواطن عليها بعد ذلك؟
زيادة الأسعار لابد وأن يقابلها زيادة في الخدمة، ويجب ربط تكلفة المترو بعدد المحطات والمسافة، وهذا المقترح ليس جديدا، وكانت موجودة منذ وزراء سابقين، لكن الصعب هو القدرة على التحكم في الركاب، فآلية التنفيذ صعبة جدا في البداية، خاصة مع العدد الكبير الذي يستقل المترو، بالإضافة إلى أنه يلزم لتنفيذ ذلك تغيير الماكينات القديمة بالمترو واستبدالها بأخرى جديدة تستطيع التمييز بين المحطات. 

*وأين ستذهب الماكينات القديمة؟
لا أعرف بالضبط فيما ستستخدم بعد ذلك، لكن هناك دراسة يُعدها أساتذة بقسم الكهرباء والاتصالات بجامعة عين شمس لتحديث الماكينات القائمة، بدلا من تغييرها، بحيث يمكن للماكينة التفريق بين تذكرة الخط الأول من الخط الثانى.

*كيف سيساهم الطريق الدائرى الإقليمى في تقليل الحوادث في مداخل المحافظات والطريق الدائرى ؟
الطريق الدائرى الإقليمى سينتهى قريبا ويعد نقلة نوعية، وسيحدث انسيابية في المرور، وعند تشغيله بشكل كامل سيمتص 35% من أحجام المرور المتواجدة على الطريق الدائرى الحالى والذي يصل طوله إلى 104 كيلو مترات، ويمر عليه 160 ألف عربية في اليوم، 40% منهم نقل ثقيل، وبالتالى ستقل الحوادث، ودعنى أقول أن الطريق الدائرى أصابه "الشيخوخة"، تم إنشاؤه في الثمانينات، وبسبب سلوكيات المواطنين الخاطئة تهالك وأصبح أي حلول به مجرد مسكنات.

*ماذا عن التعديات المتواجدة بالطريق الدائرى ؟
دعنى أوضح كيف يحدث التعدى أولا، يقوم المواطن ببناء جامع في البداية، وبعد ذلك يقوم ببناء بيت له ثم لأولاده وفجأة تظهر مئات المبانى ويتحول الطريق إلى "عزبة"، لذلك يجب مواجهة هذا الفكر بالقانون وأن تواجه المحليات وهيئة التخطيط العمرانى أي تعد على الطريق، لأنه يكلف الدولة كثيرا..
 
على سبيل المثال، بسبب التعديات على جانبى طريق مصر إسكندرية الزراعى، فشلت الدولة في توسيع الطريق، فلجأت إلى إنشاء طريق " شبرا، بنها " وهى عبارة عن تحويلة للخروج من الكتلة السكنية، بتكلفة وصلت إلى 3.5 مليار جنيه ونصف، لذلك أناشد المواطنين بالحفاظ عليه وعدم التعدى على جانبيه، حتى إذا رغبت الدولة التوسع به في المستقبل لا تتكلف المليارات مثلما حدث في طريق إسكندرية الزراعى.
 

*ما سبب الحوادث على الطريق الدائرى ؟
الحمولة الزائدة لسيارات النقل الثقيل، فالسيارة التي حمولتها 60 طنا تحمل حتى 200 طن ومن هنا تبدأ الحوادث والتي تصل فاتورتها سنويا 30 مليار جنيه، وذلك بسبب الخلل المتواجد بمنظومة النقل، فـ99.6% من تداول البضائع من الموانئ للأسواق تتم بسيارات النقل الثقيل البرى، وذلك لأن دور السكك الحديدية في نقل البضائع " ميت "، رغم وجود قطاع كامل لنقل البضائع، حيث تقوم بنقل البضائع من غلال وسلع بنسبة 2. % وتكاد تكون صفرا. 

*إذن.. لماذا لم نمنع الحمولة الزائدة من الطريق الدائرى؟
منع الحمولة الزائدة مع عدم وجود وسيلة غير النقل الثقيل لنقل البضائع، سيؤدى إلى غلق الدائرى بـ"التريلات"، حيث ستنقسم الحمولة على سيارتين بدلا من سيارة، وتزيد كثافة السيارات بالطريق، ولعلى أتذكر عندما كان الدكتور إبراهيم الدميري وزيرا للنقل منع سير الحمولات الزائدة على طريق السويس، الأمر الذي أدى لإغلاق طريق الأدبية بالتريللات بسبب تكدس السيارات المخالفة التي تم إيقافها وتقسيم الحمولة على سيارتين. 

*لماذا لم تطور السكة الحديدية قطاع نقل البضائع؟
لأسباب كثيرة، فهى مشكلة مورثة من عقود ماضية والمسئول بيتعامل بمبدأ "أنا قاعد يومين وماشى، أما أمشى اعملو اللى عاوزين تعملوه"، وذلك بسبب غياب وجود سياسات عامة ينفذها أشخاص وإتباع منهج رؤية الشخص الذي يرأس القطاع. 

*ما مقترحاتك لتطوير قطاع البضائع بالسكك الحديدية ؟
دخول القطاع الخاص هو الحل الوحيد لتطوير هذا القطاع، وذلك لأن الدولة لا تدعم نقل البضائع، فصاحب الشحنة يتحمل نقل بضاعته من الألف للياء، حتى كارتة الشحنة يقوم هو بدفعها، لذلك عند دخول القطاع الخاص في قطاع نقل البضائع ستستطيع الدولة شراء جرارات وربط الموانئ وإنشاء موانئ جافة، وبالتالى سيكون هناك بديل للنقل البرى، وستكون الوزارة "ضربت عصفورين بحجر"، طورت القطاع، وفى نفس الوقت وجدت بديلا لسيارات النقل الثقيل، وبالتالى ستصبح قادرة على إلغاء الحمولة الزائدة، التي تتسبب في تهالك الطرق بعد 4 سنين بدلا من 15 عاما، فتهالك الطرق في وقت قصير ليس فسادا ولكن الحمولة الزائدة السبب.

ودعنى أكشف أن الدولة تصرف 7 مليارات جنيه سنويا لصيانة شبكة الطرق، ومع إلغاء الحمولة الزائدة من الممكن أن يقل المبلغ إلى 2 مليار جنيه، لأن الطرق لن تتهالك بسرعة. 

*معنى ذلك أنك تؤيد دخول القطاع الخاص لتطوير السكك الحديدية؟
تحدثت عن دخولها في قطاع البضائع الذي لا تدعمه الدولة، ولكن دخولها في قطارات الغلابة سيتسبب في رفع قيمة الخدمة، وهنا لن يكون المواطن قادرا على تحملها، وسيصبح على الدولة واجب دعم الخدمة مثلما يحدث في منظومة الخبز، بحيث تدفع الدولة فرق قيمة الخدمة، فقطارات السكك الحديدية في حالة متردية، فلا يمكن لأحد أن يصدق أن قطارات الغلابة لا يوجد بها شباك، ولا أنكر أن دخول القطاع الخاص سيطور منظومة القطارات بالفعل، حيث دخول نظم جديدة أكثر تطورا وإصلاح الإشارات والجرارات، وإنشاء خطوط، لكن سيؤثر على سعر الخدمة للمواطنين، وبالتالي يجب على الدولة دراسة ذلك جيدا .


على سبيل المثال، قطار فائق السرعة لربط العلمين بالعاصمة الإدارية الجديدة إنشاؤه سيتكلف مليارات، وهنا يجب دخول القطاع الخاص لعدم مقدرة خزانة الدولة على ذلك. 

*هناك 85 ألف عامل بالسكة الحديد يستقلون القطارات مجانا، ففي حالة زيادة أسعار القطارات في الفترة المقبلة.. هل يحق للراكب العادي مقاضاة السكة الحديد في حال مشاهدته عمالها يستقلون القطار مجانا؟

إنها منظومة دولة للأسف، والموضوع يحتاج إلى أنني كمواطن يجب أن أكون إيجابيا، وعندما أشاهد مخالفة لابد أن أبلغ عنها، فالسكة الحديد مديونة للدولة بـ 55 مليار، وإجمالى ما تحصل عليه من إيرادات نقل ركاب وبضائع 3.2 مليار جنيه، وإجمالي الرواتب التي تدفعها 3 مليارات و145 مليون جنيه سنويا أي 3.2 مليار كذلك، أي ما تحصل عليه يكفي بالكاد الرواتب.

فالجهاز الإداري للدولة به بعض المشكلات، ويجب إعادة هيكلة العاملين بالسكة الحديد، فيمكن تدريبهم وتطويرهم، ومن يؤدي عمله بكفاءة يستمر، ومن لا يستجيب للعمل لا يحق له الحصول على راتب، فهناك فساد في المنظومة الإدارية لكن من يستطيع أن يخترق هذا الفساد؟!


*أين نحن الآن من النقل النهري؟
النقل النهرى يفتقد سياسة النقل من الباب للباب، بمعنى إذا حاول صاحب مصنع على سبيل المثال نقل بضائعه واتصل بهيئة النقل النهري ستطلب منه أن ينقل البضائع إلى الهيئة أولا، مما يكلفه الكثير، وهذه السياسة كانت تتبعها السكك الحديدية في الثمانينات، حيث كان يتم نقل البضائع من الباب للباب، قبل تردى الأوضاع بها.

 
أما بخصوص نقل الركاب من خلال التاكسي النهري أو الأتوبيس النهرى وخلافه، فهى فكرة جيدة في وسيلة ونزهة في آن واحد، ولكن يجب تلافي السلبيات التي حدثت في تجرية تشغيل التاكسى النهرى، وذلك لجذب المواطنين للاعتماد عليها كوسيلة نقل.


*ما الذي يجب فعله من أجل نشر النقل النظيف بمحافظات إقليم القاهرة الكبرى للحد من التلوث؟
النقل دائما مرتبط بالعمران، ومع التوسعات الرأسية والزيادة السكانية التي شهدتها محافظات إقليم القاهرة الكبرى، مع عدم مصاحبة ذلك تطوير، تسبب ذلك في تردي الطرق والزحام المروري، وزيادة نسبة التلوث بسبب عوادم السيارات ومحركاتها، والحل هو إنشاء مدن جديدة، لتقليل التأثير السلبى على محافظات القاهرة والجيزة والقليوبية، وهو ما فعلته الدولة منذ 2014، حيث انتبهت إلى ضرورة إنشاء مدن جديدة كالعاصمة الإدارية الجديدة، والمنصورة الجديدة، والعلمين الجديدة، هذه المدن ستقلل التأثير السلبي المتواجد بإقليم القاهرة الكبرى.

 
كما أنه يجب على الدولة توفير وسائل نقل عام صديقة للبيئة وكثيفة الاستخدام كالقطار المعلق "المونوريل"، بحيث لا تؤثر على البيئة وتقل عددا كبيرا.
 

*هل يتم مراعاة دراسة الأثر البيئي قبل تدشين المشروعات القومية خاصة المتعلقة بالطرق الجديدة؟
إذا كنت في محل متخذي القرار سأبحث عما يتم للإنقاذ مثل وجود مريض ننقذ حياته، والمشروع الوحيد الذي شاركت فيه وتم عمل دراسة الأثر البيئي له كان توسعات مطار الغردقة، فتم عمل قياس درجة ضوضاء الطيارات، وهذا الأمر لا يتم إلا عندما يكون هناك طرف أجنبي ويشترط إجراء تلك الدراسة، ومعظم المشروعات التابعة لشبكة الطرق القومية التي تتمثل فيما يقرب من 7 آلاف كيلو متر طولي لم يكن لتلك الطرق تأثير على المواطنين حيث تمر بمناطق غير مؤهله، ونحن هكذا نصنع حياة لتلك المناطق.


*وبالنسبة لمحور روض الفرج؟
محور روض الفرج أعتقد أنه لم يتم عمل أثر بيئي له، لكن تم تنفيذه لأهميته وحساسية الموقف، كما يوجد طرق تم عملها للحد من انتشار وتوسع بعض العشوائيات، فإدارة المشروعات الكبري للقوات المسلحة نفذت مشروعا سكنيا راقيا خلف تاج سلطان على الطريق الدائري، الهدف الأساسي منه منع الامتداد العشوائي لعزبة الهجانة بالكيلو 4 ونصف، فالهدف تنموي وسيطرة على العشوائيات، فتلك المناطق تصدر المشكلات والأوبئة للمجتمع.


*ماذا عن التحويلات المرورية التي تشهدها منطقة الهرم بسبب مترو الأنفاق؟
نعمل على تحويلات مرورية في منطقة الهرم وشارع السودان، بسبب محطات مترو الأنفاق المقرر إنشائها، وهى منطقة حيوية، لذلك كان الحل هو استخدام الطرق البديلة وعمل تحويلات مرورية بشوارع ترسا وخاتم المرسلين وفيصل، فتم توزيع كثافة شارع الهرم على الشوارع الجانبية، بالإضافة إلى منع انتظار السيارات بها، فيجب استغلال جراجات السيارات جيدا، وتم إنشاء هذه التحويلات بالتنسيق بين محافظة الجيزة وإدارة المرور..


*ما رأيك فيما حدث في مترو مصر الجديدة وإزالة قضبانه.. خاصة أنك مع النقل الجماعى؟
مترو مصر الجديدة أنشأه البارون إمبان مؤسس مصر الجديدة، حتى يجذب المواطنين للحى في ذلك الفترة، حيث كانت مصر الجديدة عبارة عن صحراء جرداء، وكان هناك مخطط لتطويره وإنشاء "السوبر ترام" في خط سيره، ولكن لم تنفذ الفكرة لعدم وجود تمويل، فقامت الدولة بإزالته، وإنشاء مسار معزول لسيارات النقل العام في محور مصطفى النحاس، وأنا أرى أن التجربة لم تنجح حيث تم نقلها "كوبى بست" من الغرب ولم تنجح مع المصريين، بسبب سلوكيات بعض المواطنين والإدارة السيئة للمرور.


*ما رأيك في دراسة محافظة القاهرة لإنشاء مسارات للدراجات؟
فكرة جميلة، ولكن ليس من المعقول أن يذهب مواطن من القاهرة وعمله في الجيزة إلى عمله مستقلا دراجة، لذلك هذه المساحات ستكون للتريض فقط، وحال رغبة الدولة في استخدامها كوسيلة نقل، يجب ربطها مع وسائل النقل الأخرى كالنقل العام ومترو الأنفاق..
الجريدة الرسمية