اصطياد أردوغان في «المتوسط» وليس في «سوريا»!
أدانت الخارجية المصرية في بيان شديد اللهجة وبكل قوة العدوان التركي على مدينة عفرين السورية، وبعدها بيوم واحد قامت لجنة الشئون العربية في البرلمان بالشيء نفسه.. بالطبع العدوان التركي على الأراضي السورية مخالف لكل القوانين الدولية، ومصر تهدف بالفعل إلى دعم الشقيقة سوريا.. لكن تظل نقطة مهمة أساسية في لعبة السياسة وهي القدرة على ترتيب الأولويات من أجل المصلحة..
فالتدخل التركي هذه المرة يستهدف منع المخطط الأمريكي الإسرائيلي بتأسيس دولة كردية! وهنا نلاحظ أن الإدانة السورية نفسها جاءت على سبيل إثبات موقف لا أكثر ولا أقل.. فما تقوم به تركيا كان ينبغي أن تقوم به سوريا نفسها لكن الجيش السوري مشغول ضد بقايا الإرهابيين، فضلا عن الدعم الأمريكي الكبير للأكراد، ومفيد لمصر ولسوريا أن يزيد الخلاف بين تركيا والولايات المتحدة!
هذا الأمر أدركته روسيا وموقفها من التدخل التركي ناعم جدا، وهكذا الموقف الإيراني، وتركيا طبعا تفعل ذلك ليس من أجل عيون الشعب السوري، إنما حماية لمصالحها التي ستتأثر بالقطع من امتلاك الأكراد دولة لهم.. وهذه التناقضات في المصالح لعبت عليها وإدارتها في سوريا منذ البداية بنجاح كبير ونعتقد أنها تفعل إلى الآن الأمر نفسه!
أما القضية الأكثر خطورة التي يمكن استخدامها لإزعاج تركيا فهي السفينة المحملة بمتفجرات خطرة جدًا وأسلحة والتي ضبطتها البحرية اليونانية الأسبوع الماضي بالبحر المتوسط، والتي اعترف طاقمها أنها انطلقت من تركيا وكانت في طريقها لليبيا! وهذه القضية تستحق التصعيد السياسي والإعلامي، ومع مصر أطراف في ليبيا نفسها بل أطراف عربية أخرى معنية بالشأن الليبي، بل لدينا العامل القانوني بوجود قرار يحظر إرسال السلاح إلى ليبيا!
مصر تتعامل بأخلاق في العلاقات الدولية، لكن الورقة الثانية أهم وأخطر من الأولى في مواجهة تركيا وفضحها، ولم يزل الوقت ممكنا لتصعيد الفضيحة أكثر مما فعلناه، أما القضية الأولى فعلينا أن نوظف الاحتجاج على التدخل التركي، ونحدد سقفه لدعم سوريا أولا وإثبات موقف تاريخي ثانيا، ثم أخيرا إثبات مخالفة التدخل التركي للقانون الدولي.. لكنها المرة الأولى التي يكون فيها التدخل التركي مفيدا.. فسوريا على أبواب مخطط كبير جدًا يحتاج لتحديث كل أدوات إدارة الصراع هناك!