رئيس التحرير
عصام كامل

تعديات الباعة الجائلين في حي الجمرك تمنع سيارات الإسعاف من التنقل

فيتو

في أحد شوارع أسواق المنشية الضيقة، التابع لحي الجمرك بالإسكندرية، وجدنا "زوجة تصرخ من شرفة منزلها، وتقول" الحقوني زوجي بين الحياة والموت، وسيارة الإسعاف تقف على مدخل الشارع الذي تسكن فيه، يتبادلون النظرات والإشارات والكلمات، وما زالت الزوجة تبكي وتصرخ، ورجال الإسعاف يرددون "مش عارفين ندخل الشارع، الشارع مزدحم ومكدس بالبائعين"، والزوجة ترد "اتصرفوا الحقوني زوجي بيموت".

وهنا قرر رجال الإسعاف النزول من السيارة والسير داخل الشارع حتى وصلوا إلى منزل الزوجة التي أبلغت أن زوجها بين الحياة والموت واستغاثت برجال الإسعاف، وصعدوا إلى شقتها ومعهم حقيبة الإسعاف الأولية، وعندما وصلوا إلى الزوجة وطالعوا زوجها قرروا الانتقال به على الفور إلى المستشفى، وحملوه على أكتافهم وساروا به محملا في الشارع وسط المواطنين والبائعين، بلا حرمة ولا رحمة.

وقررت "فيتو" كشف كواليس تلك الأزمة التي حدثت في أحد شوارع سوق المنشية المكتظ بالباعة المتجولين والبائعين أصحاب المحال الذين تعدوا على حرم الطريق، ولم يتركوا مكانا في الشارع سوى للمارة والمواطنين الراغبين في الشراء.

وتقف الخدمات العاجلة مثل سيارات الإسعاف وسيارات الأطفال وغيرها من خدمات العاجلة، عاجزة عن تأدية أعمالها في الكثير من الأماكن والمناطق في مدينة الإسكندرية، ومن أكثر تلك الأماكن التي تعيش محرومة من الخدمات العاجلة الأسواق العشوائية المنتشرة في المدينة مثل "سوق المنشية وسوق زنقة الستات وسوق ليبيا وسوق شارع فرنسا وأسواق محطة مصر وسوق الحضرة، وغيرها من الأماكن العشوائية غير المنظمة، الأمر الذي ينذر بكارثة إن حدثت تأكل الأخضر واليابس".

أسواق مدينة الإسكندرية قنبلة موقوتة، لما فيها من عشوائية وعدم تنظيم وتعدِ صارخ على حرمة الطريق المكفول للمواطنين وسيارات الإطفاء وسيارات الإسعاف وكل خدمات الطوارئ، وهنا لا يستطيع رجال الإطفاء ولا رجال الإسعاف ولا رجال الطوارئ الخاصة بأي قطاع آخر التعامل مع الأزمات التي تقع في مثل هذه الأماكن وفي تلك الحال تتفاقم الأزمة وترتفع وتكون الخسائر فادحة.

وقال أحد رجال الإطفاء بوحدة إطفاء المنشية: "نتحرك نحن قوات الإطفاء فور تلقي البلاغات بوقوع حرائق أو انهيار أجزاء من عقار أو أي بلاغ، وعلى الفور نصل مقر البلاغ لكن هناك أماكن يصعب الدخول فيها وأحيانا يستحيل ذلك، لأننا نتحرك ومعنا المعدات الخاصة بنا".

وأضاف: "إذا كان البلاغ داخل إحدى الشقق الواقعة بسوق مثل سوق المنشية يكون الأمر في غاية الصعوبة، لأننا لا نستطيع الدخول بالمعدات، وفي هذه الحال نبدأ التعامل مع البلاغ سواء حريق أو خلافة بمعرفتنا وعلى مسئوليتنا الشخصية، وهنا ستكون فيها خطورة كبيرة على قوات الإطفاء وأصحاب البلاغ".

وأوضح رجل الإطفاء، قائلا "المسئولية الكبرى تقع على المسؤلين بالأحياء والمحافظة، يجب عليهم تحرير الطريق من المعتدين عليه، وإحكام السيطرة على أصحاب المحال الذين يضعون بضائعهم في نهر الطريق، بجانب الباعة المتجولين الذين يقفون عائق أمامنا في الوصول إلى البلاغات وسرعة السيطرة عليها".

وأشار رجل المطافئ إلى ضرورة إجبار أصحاب العقارات على إنشاء جراجات أسفل العقار لاستيعاب السيارات الملاكي التي تصطف على جانبي الطريق وتسبب شلل في حركة سير السيارات، وكذلك إجبار الذين يشرعون في البناء على عمل جراج أسفل العقار، لأن هذا الأمر يحل أزمة كبيرة.

وتابع رجل الإطفاء: "أذكر أننا تلقينا بلاغا بحريق داخل محل في وسط سوق زنقة الستات وكان الدخول للبلاغ من المستحيل، فبدأنا بالتعامل مع البلاغ من خلال طفايات الحريق لكن الحريق امتد إلى المحال المجاورة وكانت الخسائر كبيرة".

وقال محمد إبراهيم مسعف بوحدة إسعاف كليوباترا بطريق الكورنيش، إن البلاغات كثيرة وتكاد تكون على مدار اليوم، لكن الصعوبات التي تقابلنا أثناء تأدية مهام عملنا متعددة، ويأتي على رأسها صعوبة الوصول إلى سكن المريض لكونه يقع داخل منطقة ممتلئة بالباعة المتجولين البائعين الذين يفترشون البضائع وسط الطريق.

وأوضح المسعف: "نتعرض إلى مواقف صعبة للغاية في حالة تلقي بلاغ من حادث داخل شقة مثلا وهناك مصابين، وتكون الشقة في سوق مثلا، نضطر إلى نقل المصاب أو المريض وسط جموع الناس دون مراعاة لحق المريض، وهذا ما يكون في الإمكان".

وطالبت رجاء يوسف أحد سكان سوق المنشية، كل المسؤلين في محافظة الإسكندرية وكذلك رؤساء الأحياء بضرورة إخلاء الشوارع من البائعين والسيارات التي تتسبب في شلل الحركة المرورية في الشوارع، وكذلك تكون سببا في إزعاج سكان تلك الشوارع.

وتساءل رجاء يوسف: "ما المانع من تنظيم الشوارع وإحكام السيطرة على البائعين وأصحاب المحال الذين يتعدون على حرمه الطريق، حتى لا ننحرم من الخدمات العاجلة، ونظهر بمظهر حضاري، فكم من كارثة وقعت وتفاقمت بسبب صعوبة وصول رجال المطافئ ورجال الإسعاف".
الجريدة الرسمية