رئيس التحرير
عصام كامل

لاجئون سوريون يحترفون تجارة المخدرات رغبةً في إثراء سريع

فيتو

احترف بعض الشبان السوريين في برلين تجارة المخدرات، ضاربين عرض الحائط بما يقدم لهم من خدمات من أجل اندماج سريع وسلس في المجتمع الألماني، DW عربية التقت بعضهم في "ساحة كوتبوسارتور" ببرلين.

كان الطقس شديد البرد والمطر يهطل حينما التقينا مع علي البالغ من العمر 18 ربيعًا، وسامي البالغ من العمر 20 سنة (أسماء مستعارة) في"ساحة كوتبوساتور" البرلينية.

قدم الشابان قبل نحو سنتين إلى برلين كجل الوافدين السوريين بحثًا عن حياة كريمة ومستقرة في المهجر، توجهنا سويًا إلى مقهى تركية بالقرب من الساحة لاحتساء بعض الشاي وتبادل الحديث.

ما أن وطأت أقدامنا عتبة المقهى حتى شرع الشابان يتبادلان التحية مع ثلة من شبان تونسيين كانوا يحتسون القهوة، أخبرني على مبتسمًا هامسًا في أذني:" هؤلاء أيضًا يتاجرون مثلنا بالمخدرات ويقيمون في برلين بطريقة غير مشروعة".
 
شابان في عمر الورد يحلمان بالثراء العاجل عبر تجارة المخدرات.

إن كانت هذه المجموعة تقيم بطريقة غير قانونية في برلين فإن كلًا من سامي وعلي يتمتعان بإقامة قانونية تتيح لهما تعلم اللغة والتأهيل، فدخول سوق العمل من بابه الواسع، إلا أن الشابين الوسيمين اختارا طريقا آخر غير الذي تسلكه أغلبية الوافدين الجدد من سوريين وضعوا نصب أعينهم استغلال الفرص المتاحة من أجل حياة كريمة طالما كانوا يتوقون إليها.

"دخلت معترك التجارة بالمخدرات منذ نحو سنة، بدأت ببيع "الحشيش" في المرحلة الأولى، لاحقًا التحقت ببيع المخدرات القوية مثل أكستسي والكوكائين ما تدره من أموال كثيرة..."، بينما كان على يتحدث إلينا كان يلقي بنظره إلى كأس الشاي فوق الطاولة تارة وإلى صديقه سامي تارة أخرى ثم مضى يقول: "أدرك مليا أن هذا العمل غير إنساني ويتنافى وديانتنا الإسلامية إلا أني أريد جمع الكثير من المال في فترة وجيزة"، وهذا ما يحققه الشابان في بيعهما لهذا النوع من المخدرات باهظة الثمن.

"لماذا أتعلم اللغة وأنا عائد إلى وطني؟"
على كشف لـــ DWعربية أن دخله لا يقل عن ألف يورو في اليوم الواحد، وهذا ما يحفزه على الاستمرار في هذا المنوال بالرغم من مداهمات الشرطة التي عرفها، وحينما تطرقت إلى الفرص المتوفرة للوافدين الجدد من لغة ومواطن تكوين ونواد تسهم في دعم السوريين مثله من الراغبين في وضع قدمهم في الحياة الألمانية الجديدة أجابنا الشاب على أصيل من ريف إدلب: "الاختلاف بيني وبين أبناء جلدتي هنا في ألمانيا هو أني أريد جمع الكثير من المال في فترة وجيزة لأعود إثرها ثريا إلى سوريا للشروع في حياة مريحة ومترفة". 

وأضاف يقول: "لماذا أتعلم اللغة وأنا عائد إلى وطني؟" مضيفًا أن حصص اللغة لا جدوى منها وأنها تأخذ من وقته الثمين.

وحينما سألناه: "هل يؤنبك ضميرك وأنت تقوم بهذا العمل غير الإنساني وغير الأخلاقي بحق ألمانيا التي وفرت لك ولأبناء وطنك الأمن والاستقرار فضلا عن الخدمات الجليلة؟" طأطأ على رأسه ولم يجبنا عن سؤالنا.

أما سامي الشاب السوري القادم من مدينة حلب والذي يعيش هو الآخر في برلين منذ صيف سنة 2015، فتولى هو الإجابة عن سؤالنا لزميله، مشيرًا بالقول: "لا أحد ينكر كرم وحسن ضيافة الدولة الألمانية لنا نحن السوريون وأن ميركل تواجه صعوبات جمة من أجلنا لكني مثل صديقي على لا أنوي البقاء في ألمانيا فلماذا يعذبني ضميري...".

تجارة المخدرات القوية مداخلها كبيرة
تخصص سامي الحلبي على غرار ابن وطنه على في بيع المخدرات القوية مثل الهيروين والإكستسي... لأن مداخلها أكبر بكثير من المخدرات الأقل سموما وخطورة كما يقول. وتعرف سامي على رفيق دربه في تجارة المخدرات في "ساحة كوتبوسار تور"، حيث تتمركز مجموعة من التجار والمستهلكين.

يقوم سامي على غرار رفيقه على، كما يحلو له أن يسميه، ببيع المخدرات بالدرجة الأولى في محطات مترو الأنفاق وفي بعض الحدائق مثل حديقة كورليتز في حي كرويتزبار التي باتت اليوم سوقًا لبيع المخدرات بكل أنواعها.

إن كان على وسامي يرفضان رفضًا قاطعًا كل البرامج الاندماجية المتنوعة من لغة وتأهيل في مختلف المجالات فإنّ غالبية السوريين في المهجر الألماني يستغلون هذه البرامج الاندماجية المجانية المتنوعة، وبات كثير منهم في فترة وجيزة جزءًا من الحياة الأكاديمية والاقتصادية والثقافية، ناهيك عن قاعات الدرس التي تمتلئ بالراغبين من الوافدين الجدد في تعلم اللغة وهي جسرهم للحياة في ألمانيا.

جهود لضم شباب المخدرات في برامج اندماجية مناسبة
"لقد تعود هذا النوع من الشباب العيش على هامش المجتمع، كما تعود على كسب الكثير من المال بطريقة غير قانونية"، هكذا شرع المشرف الاجتماعي إبراهيم إيجدا حديثه لــ DW عربية حول ظاهرة قيام بعض الشباب السوريين باحتراف تجارة المخدرات، مضيفًا أن هذه الظاهرة ليست خاصة بالسوريين بل نجدها لدى كثير من الشبان الألمان، ولدى آخرين قادمين من دول أخرى مثل دول شمال أفريقيا ودول أفريقية".

يعمل إبراهيم البالغ من العمر 56 عامًا في مؤسسة "كاريتاس" الخيرية التابعة للكنيسة والتي بعثت مشروعًا مؤقتًا في حي كرويتسبارج البرليني من أجل استقطاب هؤلاء الشبان وحمايتهم من بارونات المخدرات، ويمضي إبراهيم في حديثه مبينًا أن هؤلاء الشبان ضحايا تجار المخدرات الكبار وأن غالبيتهم سبق أن قضوا فترات في السجن وأن كثرٌ هو نفسه من بات ضحية الإدمان للمخدرات التي يسوقها.

"لا للمخدرات"- مشروع من كاريتاس سينتهي قريبًا
وحول المشروع الذي يديره مع ثلة من الزملاء يقول إبراهيم العراقي الأصل الذي يقيم منذ ما يزيد على ثلاثة عقود في برلين: "نحن نعمل بالدرجة الأولى مع القاصرين، لكننا نقدم كذلك المساعدة والاستشارة لكل من يريدها، ولكل من لا يتعدى عمره 25 ربيعًا، نهدف إلى إخراج هؤلاء الشباب من عالم المخدرات".

ونظرًا لوجود شبان يافعين من الناطقين باللغة العربية، يعمل إبراهيم على استقطاب هؤلاء من خلال استضافتهم إلى فضاء أعد لهذا الغرض للحديث في مشاغلهم، ويضيف المرشد العراقي بالقول: "مهمتنا تتمثل بالدرجة الأولى في تنبيه الشبان إلى ما يقومون به من عمل غير أخلاقي، أمنح ضيوفي أذنا صاغية لكسب ثقتهم وتفهم مشكلاتهم"، ومضى المرشد الاجتماعي العربي يقول فخورا بطاقمه: "لقد تمكنا من إنقاذ الكثير من الأطفال والشبان من هذا العالم الخطير وقد نجحنا في إدماجهم في مشاريع اندماجية تجمع بين تعلم اللغة والمهنة في مؤسسات مختصة". 

يوفر المشروع الاندماجي الذي يحمل اسم "لا للمخدرات" والذي تسهر عليه مؤسسة كاريتاس فضاء فسيحا ومفتوحا لكل من يريد أن ينأى بنفسه عن عالم المخدرات من القاصرين والشباب، ويتمنى إبراهيم أن يتم تمديد عمر هذا المشروع الذي ينتهي بنهاية يناير 2018 الحالي.

هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل


الجريدة الرسمية