رئيس التحرير
عصام كامل

«الناظر»: البحث العلمى يعتمد على أهل الثقة وما زلنا نستورد ألعاب الأطفال من الصين

فيتو

كشف الدكتور هانى الناظر، الرئيس السابق للمركز القومى للبحوث، أن البحث العلمى فى مصر يعانى من أزمة على مدار ما يقرب من 40 عاما وحتى الآن، وأن الإدارات التى توالت على حكم مصر لم تعطه قيمته الحقيقية، مشيرًا إلى أن الدول يقاس تقدمها بحجم إنفاقها من ميزانيتها على البحث العلمي، وإليك المزيد فى هذا الحوار.. 

* ما هى المشكلات التى يعانى منها البحث العلمى فى مصر؟
المشكلات التى يعانى منها البحث العلمى هى عدم وجود استراتيجية بحثية تضمن برنامجا زمنيا مدته 10 سنوات أسوة بالدول المتقدمة، والإنفاق المتدنى والذى يقدر بـ 2.%، والهيكل الإدارى غير المنظم، بالإضافة إلى اللوائح والقوانين المقدمة للعمل البحثى تحتاج لإعادة نظر، كذلك عدم الاستفادة من العلماء فى الداخل والخارج. 
*تحتل مصر رقم 4 فى البحث العلمى على مستوى الشرق الأوسط فهل نحن نسير على الطريق الصحيح؟
رقم جيد جدا لكن ليس له وجود على أرض الواقع، فترتيبنا على مستوى العالم متدنٍ للغاية، وليس من المفترض أن ندخل فى ترتيب مع الدول الأخرى التى تنفق أضعاف ما تنفقه مصر، فإذا كان الترتيب متقدما سنجد نتائج جيدة تتمثل فى عدم وجود أزمات للطاقة والمرور والمياه وغيرها، وهذا يثبت أننا لا نؤمن بالعلم؟

*ما تعليقك على تصريحات وزيرة البحث العلمي، بأن ميزانية البحث العلمى وصلت لـ 6%؟
أتحدى أى شخص أن يقدر ميزانية البحث العلمى بدقة، نظرا لأن الوزارة يتبعها 10 مراكز بحثية، وهناك مراكز بحثية أخرى خاصة بالوزارات منها مركز بحوث الزراعة، بالإضافة إلى مركزى بحوث المياه، وبحوث الإسكان، و10 مراكز بحثية تابعة لوزارة الصحة، 6.% فضيحة وشيء يخزى للبحث العلمي، كما أننى أشك فى ذلك الرقم.

*كيف ترى نسبة الإنفاق على البحث العلمى مقارنة بالدول المجاورة خاصة إسرائيل التى خصصت 4% له.
إسرائيل عقب احتلالها لفلسطين قامت بإنشاء مركزين بحثيين وهما السبب الرئيسى فى بناء دولتها حاليا رغم احتجاج الإدارة عليهما بداية الأمر، أما فى مصر لدينا 40 مركزا بحثيا ولا يوجد أى اهتمامات على الإطلاق، وما يخرج منها ناتج عن المجهودات الفردية، فلا توجد مقارنة بين البلدين، خاصة وأن إسرائيل تقوم بتصدير التكنولوجيا لأمريكا، ومازلنا نستورد ألعاب الأطفال من الصين.

*لماذا لم تخصص الشركات المصرية نسبة من العائد للأبحاث العلمية أسوة بالدول الكبرى؟
الصناعة فى مصر تجميعية وليست وطنية تعتمد على الشركات الأجنبية لعمل منتج معين، على عكس الدول الأخرى التى تعتمد على خامتها الوطنية ثم تقوم بتصدير المنتج للخارج.

*ما هى أبرز الأبحاث العلمية المتوقفة حاليا؟
لدينا مشروعان نقوم بهما الآن داخل المركز القومى للبحوث، الأول مع العالم الدكتور مصطفى السيد وهو علاج السرطان بجزيئات الذهب، وبدأنا العمل به منذ 4 سنوات، وقد أثبت نجاحا على الحيوانات دون وجود آثار جانبية، ونبدأ حاليا فى المرحلة التجريبية لإعطائه إلى المرضى، وعند الانتهاء منه سيكون هناك أول دواء للسرطان فى مصر، أما المشروع الثانى خاص بصناعة الأغشية التى تستخدم فى أجهزة تحلية المياه، وهذا المشروع تحتكره شركات عالمية، بجانب وجود أبحاث أخرى عديدة.

*ما هو مصير مشروعات التواصل مع العلماء المصريين بالخارج؟
التعاون مع الدكتور مصطفى السيد نموذج يدرس لكيفية الاستفادة من عالم مصرى بالخارج، بالاتفاق مع مؤسسة مصر الخير لتمويل المشروع، وذلك من خلال فريق بحثى مكون من 54 باحثا.

*لماذا نفتقد صناعة النجاح فى البحث العلمى على الرغم من وجود كفاءات بشرية؟
القيادات هم السبب الرئيسى فى افتقاد تلك الصناعة، فمن يتولى وزارة للبحث العلمى لابد أن يتوافر لديه الرؤية والشجاعة فى اتخاذ القرار.
*ما الفارق بين المراكز البحثية المصرية والأجنبية؟
هنك الكثير من الفوارق منها: المناخ والنظام الإداري، اختلاف القيادات المسئولة فى مصر عن الدول الأخرى، الإنفاق، الأجهزة والمعدات والكيماويات المتوفرة داخل مصر أقل بكثير من المتوفرة هناك.

*ماذا عن مشاركة المركز القومى للبحوث بمشروع ممر التنمية للدكتور فاروق الباز؟
مشروع ممر التنمية هو نتيجة مقترح علمى للدكتور فاروق الباز، فالجانب العلمى فيه انتهى، لكن يبقى العمل التنفيذى فقط متمثلا فى الزراعة، الطاقة، مد خط سكة حديد، إنشاء مدن.
هل ترى أن قطر والإمارات فى حاجة لاستيراد الأي باد من الهيئة العربية للتصنيع؟
الأي باد يتم تصديره بسعر 1200 جنيه وهو تجميع كأجهزة التليفزيون، فهناك دول تحتاج استيراد منتج معين بسعر قليل، وقد يكون هذا الاستيراد نوعا من الدعم الاقتصادى غير المباشر من قطر لمصر.

*كيف ترى مستقبل مشروع الضبعة؟
أفضل توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية عن الطاقة النووية، لعدة أسباب منها الأمان التام وعدم وجود خطورة خاصة وأن هناك دولا تضررت من المفاعلات النووية مثل فوكوشيما باليابان وتشرنوبل بروسيا، كما أن تكاليف الطاقة الشمسية أقل.

* هل توجد أبحاث علمية فى الطاقة؟
حل أزمة الطاقة فى مصر يكمن فى تطبيق مناهج أبحاث المركز القومى فى مجال الطاقة الشمسية، مشيرًا إلى أن مصر تمتلك 365 يوما من الشمس المشرقة.
*لكن الطاقة الشمسية تحتاج إلى تكاليف عالية فما هو الحل؟
إذا كنا لا نمتلك حاليا التمويل الكافي، سنقوم بطرح مناقصات عالمية لإنشاء عدد من المحطات العملاقة للطاقة الشمسية منها 2 فى شمال مصر، 2 فى سيناء، 3 فى البحر الأحمر، 2 على خط نهر النيل.

*ماذا نحتاج من الحكومة للتخلص من تلك الأزمات؟
نحتاج لرئيس وزراء يمتلك رؤية ومعه مجموعة من الوزراء الشجعان القادرين على اتخاذ القرارات الجريئة المصيرية، للنهوض بمصر.
*هل ترى أن الروتين داخل وزارة البحث العلمى تغير مع مجريات الثورة؟
لا توجد أى تغييرات على الإطلاق، فمازالت الاختيارات تعتمد على أهل الثقة وليس لها علاقة بأهل الخبرة، كما أن الوزارة حاليا تعانى بصورة كبيرة.

*كيف يؤثر المناخ السياسى على الأبحاث والاختراعات؟
اذا شجع المناخ السياسى الإبداع سوف يتم الاهتمام بالجانب العلمى ويعظم من دور البحث العلمي، اما اذا كان مشغولا بالصراعات السياسية فلن يكون له وجود.

كيف يتم النهوض بالبحث العلمي؟
أتمنى من أى رئيس وزراء قادم رفع شعار "لا صوت يعلو فوق صوت البحث العلمي" ففى عام 1967 الدولة رفعت شعار لا صوت يعلو فوق صوت المعركة لبناء جيش العبور ونجحت، ونحتاج إلى عبور ثان أخطر وهو الانتقال من الجهل والأمية إلى آفاق العلم.

الجريدة الرسمية