رئيس التحرير
عصام كامل

«ناطوري كارتا».. يهود في ضيافة شيخ الأزهر

فيتو

ترأس الحاخام اليهودى مير هيرش، زعيم حركة «ناطورى كارتا»، وفدا من أعضاء الحركة، للمشاركة في "مؤتمر الأزهر العالمى لنصرة القدس"، والذي انطلقت فعالياته أمس الأربعاء، بمشاركة ممثلين من 86 دولة من مختلف قارات العالم.


البعض يستغرب عندما يشاهد صورًا لحاخامات يرفعون العلم الفلسطيني ويقفون ضد جرائم الكيان المحتل، يقاطعون الانتخابات ويمتنعون عن دفع الضرائب ويرفضون حتى أموال المساعدات من الضمان الاجتماعي، وقمة المفاجأة عندما تراهم يحرقون علم إسرائيل.. فهذه هي حركة "ناطوري كارتا" أو حراس المدينة.

تقوم عقيدة ناطوري كارتا اليهودية الأرثوذكسية على فكرة أن الله عاقب اليهود بإزالة دولتهم في العهد القديم بسبب عدم تطبيقهم للشرائع التوراتية على أحق ما يكون، وبالتالي فما عليهم سوى العيش في كنف دول تحميهم ولا تضطهدهم، دون أن يفكروا بتأسيس دولتهم الخاصة.

حرق علم إسرائيل

تُذكر كثيرا ناطوري كارتا بالحاخام الراحل موشيه هيرش، وزير شئون اليهود في السلطة الوطنية الفلسطينية، ومستشار الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات. هو ذلك اليهودي الذي عارض إسرائيل وأصرّ رفقة أعضاء حركته على إحراق أعلامها في كل وقت وحين، ممّا جعله قريبًا للغاية من القضية الفلسطينية، أكثر بكثير حتى من بعض العرب.

يقيم الكثير من أتباع هذه الحركة في حي بالقدس المحتلة، حيث يعانون من حصار وتضييق إسرائيلي كبير، بسبب رفضهم التسجيل في قوائم مواطني إسرائيل وعدم توفرهم على بطاقات تعريفية، كما يحرص الإعلام الإسرائيلي على تجاهلهم في محاولة لإظهار أن الصف اليهودي متحد. فضلًا عن أنه على مدار تاريخها، تعرّضت وجوه من هذه الحركة للاعتداء الإسرائيلي، فقد قُتل حاخام يهودي نتيجة مساعيه لإلغاء وعد بلفور، وتعرّض موشيه هيرش لمادة حارقة أفقدت إحدى عينيه القدرة على الإبصار.

فقر وتضييق

تقدر أعدادهم بالآلاف، من أشدّ اليهودي فقرًا بالقدس، ويعيش جزء كبير منهم على دعم المنظمات المعادية للصهيونية بما أنهم يرفضون المساهمة في الاقتصاد الإسرائيلي، بل حتى أبناؤهم يدرسون في مدارس خاصة بهم تجعلهم بعيدين عن الاختلاط مع أبناء الإسرائيليين، فضلًا عن قرار الكثير منهم الهجرة خارج الأراضي المحتلة وبالضبط إلى لندن ونيويورك حيث ينظمون مظاهرات من حين لآخر.

تؤمن ناطوري بحقيقة الهولوكست، إلّا أنها ترفض استغلال الواقعة من أجل تبرير تشكيل دولة إسرائيل، بل إنها تشير إلى أن عددا من الصهاينة، تعاونوا مع النازية الألمانية من أجل إحراق اليهود والدفع بهم قسرًا إلى الخارج لتشكيل دولة. فالصهيونية، حسب ناطوري كارتا، كانت وراء قتل آلاف اليهود كي تُرهب البقيّة وتجعلهم يقاتلون من أجل تأسيس دولة توسعية تخرق الأعراف الدولية.

بدأت علاقة الحاخام موشيه هيرش، مسئول سابق للشئون الخارجية لحركة ناطوري كارتا، بالرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في ثمانينات القرن الماضي عندما كان عرفات منفيًا في تونس، وبحسب مصادر إسرائيلية فإنه في عام 1993 عينه الرئيس عرفات مستشارًا لشئون اليهود، ولكن لم تصرح الحركة بذلك ولكن أشارت إلى زيارة واحدة رسمية من الحاخام لمقر الرئيس ياسر عرفات في رام الله عام 2001.

مؤتمر الهولوكوست

وشارك ممثلون عن الحركة في مؤتمر الهولوكوست الذي أقامته إيران عام 2006 والذي بالرغم من تأكيد منوشهر متكي، رئيس الخارجية الإيراني وقتها، على أن المؤتمر لا ينفي ولا يؤكد حادثة الهولوكوست بل يوفر المناخ العلمي المناسب للعلماء المشاركين ليشاركوا آرائهم بخصوص قضية تاريخية، إلا أنه قد وجه إلى المؤتمر انتقادات شديدة باعتباره مؤتمر لإنكار الهولوكوست.

ولكن أكد أعضاء الحركة مرارًا على أنهم لا ينكرون حادثة الهولوكوست ولكنهم يؤكدون أن حادثة كهذه لا يجب أن تستخدم كمبرر للممارسات الوحشية بحق الفلسطينيين، استمرت علاقة ناطوري كارتا بالرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد بعد المؤتمر من خلال اجتماعات عقدها بإيران.

قافلة غزة

شارك 4 أعضاء من حركة ناطوري كارتا في قافلة تحيا فلسطين الثانية في منتصف عام 2009، والتقوا القيادي إسماعيل هنية، وبعد الاجتماع صرح هنية بأن حركة حماس ليست ضد اليهود ولكن ضد الاحتلال الإسرائيلي القائم على الصهيونية، وأثنى على حركة ناطوري كارتا لمعارضتهم للاحتلال.

علاقة المسلمين

نظرة أعضاء ناطوري كارتا للمسلمين يطبعها الكثير من الاحترام، فقد ورد في أحد بياناتهم، أن الشعوب الإسلامية لم تلاحق أو تقتل اليهود، وإنما فتحت أبوابها لهم وتقبلتهم بصدور رحبة، في وقت لاحقتهم فيه شعوب أخرى ولم تتسامح مع ديانتهم.

يؤكد أعضاء الحركة أن إسرائيل هي التي اغتالت ياسر عرفات الذي كان رمزًا لهم في كفاحهم ضد الصهيونية، كما أنهم لا يرون في إقامة الدولتين حلًا، بل الحل يكمن في إلغاء قرار التقسيم الذي صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1947، وتأسيس دولة فلسطينية عاصمتها القدس لا يجاورها أي كيان اسمه إسرائيل.

الجريدة الرسمية