«السيسى – أفورقى».. لقاء العاصفة
استقبل يوم الخميس الماضى الرئيس السيسي نظيره الإريترى آسياسى أفورقى في قصر الاتحادية، حيث ناقشا معا دعم العلاقات بين البلدين، وهى علاقات تاريخية تمتد إلى سنوات النضال الإريترى من أجل الاستقلال، كانت لبلادنا صولات وجولات حتى اعترف العالم بإريتريا دولة مستقلة ذات سيادة.. تاريخ طويل من العلاقات السياسية والاقتصادية والشعبية بين بلدين لديهما من المصالح ما يجمعهما ويجلب مع علاقتهما بذرة بناء في محيطهما.
قبل هذا اللقاء، كان السودان قد استدعى سفيره بالقاهرة للتشاور وشهدت العاصمتان المصرية والسودانية تجاذبات قفزت في الخرطوم من دائرة الحوار المكتوم إلى نافذة التلاسن، ووصل الرئيس السودانى عمر البشير مرتديا زيا عسكريا على الحدود مع إريتريا، وتلقفت وسائل الإعلام العالمية تصريحات السفير السودانى بالقاهرة وحملتها أكثر مما تحتمل لدرجة أن وسيلة إعلامية عالمية أشارت إلى أن السودان أعلن الحرب على مصر.
كتبتُ قبل أسبوعين مطالبا بحوار بناء بين بلدين لديهما تاريخ طويل من العلاقات التي لا يمكن لحاكم أو نظام أن يتجاهلها، إذ لا يمكن أن نتناسى أن القاهرة استقبلت في بعض الفترات التاريخية التي لم تكن فيها العلاقات على مزاج الحكام، أكثر من ثلاثة ملايين سودانى عاشوا بيننا دون أن يعانى أي منهم غطرسة أو تفرقة.. أكلوا مما أكلنا وشربوا مما شربنا وكأن الأنظمة في واد والشعبان في واد آخر.
ترك الخلافات للتلاسنات ليس من مصلحة السودان، ولن يصب في مصلحة مصر، خاصة أن عواصم عربية تذكى هذا الصراع وتحاول توريط البلدين في دائرة من الخلافات التي لا تنتهى وصلت إلى الحد الأصعب بعد تصريحات غير مسئولة من بعض الأطراف التي لا تعى حجم الخطر القادم.. خطر لن يسلم منه أحد ولن يدفع ثمنه إلا شعبان عاشا تاريخا طويلا من الوحدة والإخاء والمحبة.
بعض الإعلاميين أو من يحسبون على الإعلام المصري، والإعلام منهم براء قالوا كلاما مسيئا لشعب عريق صاحب حضارة إنسانية راقية، وعلى الفور تلقفت بعض وسائل الإعلام السودانية هذا الهراء واعتبرته كلاما مصريا، وهو أمر غير صحيح يعرفه عن يقين كل المثقفين السودانيين الذين عاشوا في القاهرة أكثر ما عاشوا في الخرطوم.
مثل هؤلاء الدخلاء يسببون حرجا ويزرعون الفتنة بين الناس هنا وهناك، وأكثرهم ثقافة ربما يكون قد قرأ كتاب ذهب الليل، وتربى على حكايات أمنا الغولة، وفجأة وجد نفسه أمام كاميرا وميكرفون، واحتسب نفسه ضمن الإعلاميين وأطلق تخاريفه، وتصور أن «عتاهاته» رسالة إعلامية، وهو أمر غير مقبول ويجب أن يتوقف فورا باستبعاد هؤلاء من المشهد إلى غير رجعة ودون أسف عليهم فهؤلاء مكانهم الطبيعى على مقاهى العاطلين.