زيادة سعر الدولار تشعل ثورة الجياع في مصر عام 1977
يحكى الدكتور يحيى الجمل المحامى الشهير، أستاذ القانون، لجريدة الأحرار في يناير 2010 قصة ما حدث يومى 18 و19 يناير 1977 من مظاهرات شملها التدمير والخراب فيقول:
إن هذين اليومين كانا نهاية مرحلة وبداية مرحلة في الحياة السياسية المصرية.
كان المصريون منذ انتهاء حرب أكتوبر 1973 وخاصة بعد زيارة الرئيس الامريكى نيكسون إلى القاهرة لا حديث لهم إلا عن الرخاء القادم والأموال التي ستتدفق على مصر مما يبشر بانتهاء المعاناة، وكان الرئيس السادات يعزف على نفس نغمة قرب الرخاء وكذلك المسئولين.
ولما أزيحت وزارة عبد العزيز حجازى وجاءت وزارة ممدوح سالم تزايدت النغمة، وكان الشعب لا يسمع في وسائل الإعلام إلا عن الأموال القادمة من الخارج، حتى أن السادات قال ذات مرة في إحدى خطبه إنه يحلم بأن يمتلك كل مصرى فيلا ريفية مؤثثة بالآلات الحديثة وكان الناس يصدقون.
لكن ما حدث أن زادت الواردات وانخفضت الصادرات وارتفع سعر الدولار من 40 قرشا إلى 70 قرشا، وعانى الناس في كل مناحى الحياة ووصلت الأمور ذروتها من النقمة بداية عام 1977، وكان القيسونى نائب رئيس الوزراء وزير المالية، يرى ضرورة إعلان الحلول.
وفى مساء 17 يناير ألقى الدكتور القيسونى أمام مجلس الشعب بيان الميزانية وتلى وزير التخطيط مشروعات التنمية، وأن هناك إجراءات حاسمة لحل المشكلات المتراكمة ومنها رفع أسعار بعض السلع السجائر والبوتاجاز والسكر وإلغاء الدعم عن كثير من السلع الأساسية.
كما زيدت بعض الضرائب ورسوم الإنتاج والرسوم الجمركية على بعض السلع، وكان يوم 18 يناير انطلقت الجماهير تعلن عن غضبها، واختلط العمال والطلبة والموظفون والحرفيون في مظاهرات في كل مكان تعلن رفضها للقرارات الاقتصادية الأخيرة.
وتصدت أجهزة الأمن ووقعت الخسائر جرحى وقتلى وحرائق، وتحدث العالم كله عن ثورة الجياع في مصر التي أطلق عليها السادات انتفاضة الحرامية.
وكان من أثر تلك الثورة أن أعلنت أجهزة الأمن أن الشيوعيين والناصريين كانوا هم المدبرين لهذه الأحداث التي تركت في نفس السادات جرحا غائرا، فتراجعت الحكومة عن قراراتها وتم القبض على الكثير ممن شاركوا في هذه الثورة التي أطلق عليها كتاب مصر انتفاضة شعبية.
وتمت محاكمة 176 متهما أمام محكمة أمن الدولة ومنهم تلميذي حمدين صباحي بتهمة قلب نظام الحكم وإثارة الجماهير وتعطيل أسباب الحياة، لكن حكم القضاء لهم بالبراءة، إلا عدد محدود منهم حكم عليهم بالسجن فكان الحكم عنوانا للحقيقة.