«الجزيرة» و«شفيق» من الوفاق.. إلى الصدام!
الانقلاب المفاجئ لقناة الجزيرة على الفريق أحمد شفيق يحتاج إلى تفسير.. كانت القناة تقدمه باعتباره المنقذ لمصر من عثراتها، عقب تلقيها الفيديو«الذي هاجم فيه الفريق دولة الإمارات وأنها تمنعه من السفر إلى الخارج عقب إعلانه رغبته عن الترشح لمنصب رئيس جمهورية مصر».
أعدت «الجزيرة» عشرات البرامج التي تظهر كفاءة الرجل، وأنه حقق نجاحا منقطع النظير في كل المواقع التي تولى قيادتها، واستضافت العديد من الأشخاص المصريين، والعرب الذين تحدثوا عن فتوحات شفيق.. وأمجاده. ولم تغفل القناة ما ادعت أنه رأي الشارع المصري الذي يعاني من الغلاء ونقص الخدمات وغياب الديمقراطية، وينتظر شفيق «المخلص» الذي سيعيد الأسعار كما كانت عليه في عهد مبارك.
فجأة تغير خطاب «الجزيرة» إلى النقيض عقب إعلان الفريق شفيق تراجعه عن خوض المعركة الانتخابية..
تعرض الرجل للهجوم الشرس الذي تخلي عن أبسط القواعد المهنية والأخلاقية، واستضافت العشرات من الذين ادعوا أنهم يعرفون الفريق عن قرب، لتشويه صورة الرجل والتشكيك في نجاحه في إدارة المواقع التي أسندها إليه مبارك، حتى كان يوصف بأنه عنوان للفشل الذريع!
وآخرون اتهموا الرجل بأنه أصبح «ألعوبة» في يد النظام الحاكم الذي نجح في إقناعه بالتراجع في مقابل الاستجابة لمطالب شخصية.
ولم تتوقف الحملة عند قناعة «الجزيرة» إنما امتدت إلى الفضائيات الأخرى التي تمتلكها جماعة الإخوان، وظهر التنسيق فيما بينهما وبين «الجزيرة» جليا، وتحالفا معا لاغتيال الرجل معنويا عن طريق مزاعم رخيصة بأن الدولة استخدمت «شرائط مسجلة».. تتعلق بممارسات جنسية، أجبرت الفريق على التراجع إلى هذا الحد، ووصل هجوم قنوات «الجزيرة» والفضائيات الإخوانية على شفيق، وكأنه خذلهم وأفشل خططهم في استثمار ترشحه لإحداث فتنة بين المصريين، واستثمار الفترة المقررة للدعاية الانتخابية في نشر الشائعات التي تستهدف الاساءة إلى سمعة مصر في الخارج.
وكثيرا ما راهنت الجماعة والدول العربية والأجنبية التي تمولها على إمكانية أن تحصد نتائج مساندتها للفريق شفيق، وتمهد الأرض المصرية لقبوله مرشحا للرئاسة.. ورئيسا محتملا للدولة المصرية، ولم تضع تلك الدول ووسائل إعلامها أية احتمالات لتراجع الفريق، خاصة بعد أن حدثت وقيعة إذاعة نشر«فيديو» الهجوم على مصر والإمارات من قناة الجزيرة، بما لا يتيح أية فرصة للتقارب بين الرجل والدولة المصرية، وتوقعوا أن يلقي الفريق معاملة مسيئة من السلطات المصرية..
بمجرد وصوله إلى مصر ولم تصدق توقعاتهم، استقبل الرجل في المطار استقبالا يليق برئيس وزراء سابق لمصر، وتولت رئاسة الجمهورية نفقات إقامته في أحد الفنادق الكبرى، ولم يفرض أي حظر على تحركاته داخل مصر.. ولا على الأشخاص الذين يلتقون به من قيادات وأعضاء الحزب الذي يترأسه.
ولم تفقد «الجزيرة» وأخواتها والدول التي تمول الإعلام المعادي للدولة المصرية، الأمل في أن يخوض الرجل المعركة الرئاسية خاصة أن ما أدلى به من تصريحات لم تحسم موقفه من الانتخابات، وأنه ما زال يفكر في الأمر، ويستشير قواعد حزبه. ومن يتابع قناة «الجزيرة» في تلك الفترة، لا يجد أية أخبار عن الفريق وتحركاته.. رغم أن الصحف العالمية اهتمت بمشاركته في بعض الأنشطة الاجتماعية، وتوقيعه عقد قران أبناء أصدقائه.
كانت «الجزيرة» وأخواتها ينتظرون قرار الفريق، الذي جاء صادما ومخالفا لكل توقعاتهم فانقلبوا على الرجل، وهاجموه بشراسة منقطعة النظير.. متخلين عن أبسط القواعد الإعلامية، والأخلاقية، والأمل أن يستوعب الذين يصدقون الجماعة ويتعاونون مع «الجزيرة» وأخواتها ما جرى للفريق شفيق.