فاتن حمامة تكتب: جدتى من زعيمات ثورة 1919
في مجلة الكواكب عام 1956 كتبت الفنانة فاتن حمامة مقالا أثناء قيام الاعتداء الثلاثى على مصر قالت فيه:
رحم الله جدتى.. فقد كانت أمنيتها الوحيدة أن تحيا حتى ترى الشعب المصرى الباسل ينتقم من أعدائه الإنجليز البغاة، وما زلت أذكر إلى اليوم الاجتماعات التي كانت تعقدها لنا نحن أطفال الأسرة لتروى لنا ذكرياتها عن كفاحها في ثورة 1919، وعن جرائم الإنجليز الوحشية في دنشواى وغيرها تحاول غرس بذور الكراهية ضد الإنجليز.. وما زلت أذكر هداياها لنا محملة باللعب من مدافع وبنادق وطائرات.
روت لى جدتى عن مساهمتها مع الشعب في ثورة 1919، وعن كفاح المرأة المصرية في هذه الثورة، فهى التي حضرت اجتماعا لتنظيم جهود المرأة في هذه الثورة، وخرجت معهن في المظاهرة الكبرى التي خرجت فيها سيدات مصر، حتى أن جدى فوجئ بها تستعد للخروج في المظاهرة.
سارت مع المظاهرة تهتف بحياة مصر وسقوط الاستعمار، والرجال يصفقون لهن والسيدات يزغردن من النوافذ، وكيف خرج عليهم الإنجليز في الطريق، وأطلقوا النار على سيدات مصر وأصيبت جدتى بجرح بالغ في ذراعها.
وفى اليوم التالى خرجت سيدات مصر في مظاهرة أكبر إلى دور السفارات، لتقديم احتجاج على معاملة الإنجليز للسيدات، ونجحت المظاهرة وساهمت المرأة مع الرجل في الثورة، وكان هذا بدء تحرير المرأة الحقيقى في مصر.
وحين بلغت السادسة اقترح أحد اقاربنا على والدى أن يلحقنى بمدرسة إنجليزية قريبة من منزلنا، ولما عرفت جدتى ذلك غضبت غضبا شديدا واستمرت في معارضتها لهذه الفكرة حتى استجاب لها والدى بعد أن هددته بترك البيت إذا ألحقنى بالمدرسة الإنجليزية...مدرسة الأعداء كما كانت تسميها.
على أن موقفها هذا لم يمنعها من تشجيعنا على تعلم اللغات الأجنبية، وكان من رأيها أن نتعلم لغة الأعداء حتى نحاربهم بها، وهكذا كانت جدتى مثالا للوطنية الصادقة.