رئيس التحرير
عصام كامل

عفرين.. يوم المعركة يكرم أردوغان أو يهان

أردوغان وترامب
أردوغان وترامب

منطقة عفرين السورية.. اسم سوف يقف التاريخ طويلا أمامه انتظارا لمعركة مصيرية تنوي تركيا خوضها، إما أن تخرج بلاد الخليفة ناجية من سيناريو التقسيم أو تقع في شر البلاء لتكتب نهاية مؤسفة لحكم الرئيس رجب طيب أردوغان.


اجتياح عفرين

وكان أردوغان أعلن مؤخرا وفي أكثر من مناسبة نية بلاده اجتياح منطقة عفرين الكردية في سوريا بسبب تمركز وحدات حماية الشعب الكردي فيها وتوليها مسئولية الأمن فيها.

وتعتبر تركيا قوات وحدات حماية الشعب جماعة "إرهابية" لصلتها القوية بحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي الذي يسيطر على المناطق ذات الغالبية الكردية في سوريا.

ولا تزال كرة الغضب التركي تتضخم بعد قرار التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة بتشكيل «قوة أمن حدودية» جديدة بشمال سوريا –الأمر الذي يعنى دخول أمريكا في صدام عسكري مباشر مع القوات التركية من خلال دعم الجيش الجديد»، وذلك بالتعاون مع «قوات سوريا الديمقراطية»، المكونة من فصائل قوات حماية الشعب الكردية بشكل أساسي.

ووصف الرئيس التركي هذه القوة بـ «جيش إرهابي شكلته الولايات المتحدة على حدود تركيا»، متعهدا بـ«وأده في مهده».

وتابع أردوغان، في خطاب ألقاه بالعاصمة أنقرة: «في أي لحظة قد تبدأ العملية ضد حزب الاتحاد الديمقراطي بعفرين ومن بعدها سيأتي الدور على مناطق أخرى، وستستمر حتى القضاء على آخر إرهابي»، مؤكدا أن «القوات التركية ستحل مسألتي عفرين ومنبج سريعا».

وتوعد «أردوغان»، اليوم الثلاثاء، بأن قوات بلاده ستدمر قريبا «أوكار الإرهابيين في سوريا»، بدءًا من مدينتي عفرين ومنبج، بريف محافظة حلب الشمالي.

وأضاف، في كلمة ألقاها أمام الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية، بمقر البرلمان التركي: «العملية العسكرية على مواقع تنظيم وحدات حماية الشعب الإرهابي في عفرين ستكون بمشاركة المعارضة السورية، هذا النضال من أجلهم، نحن نساعد إخوتنا هناك من أجل حماية أراضيهم».

نشر جنود
من جانبه أعلن رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة التركية، «خلوصي أكار»، أن أنقرة لن تسمح بتسليح وحدات حماية الشعب الكردية (YPG) في سوريا.

وقال «أكار» خلال اجتماع اللجنة العسكرية للناتو في بروكسل: إنه من غير الجائز دعم مسلحي «YPG» ووصفهم بـ«الشركاء في العمليات»، علما بأن نشاطهم الإجرامي وصلاتهم بإرهابيي «PKK» حزب العمال الكردستاني، مثبتة بوقائع.


وقد نشرت تركيا المئات من الجنود وعشرات المدرعات والدبابات في محافظة إدلب التي تسيطر عليها جماعة هيئة تحرير الشام ( النصرة سابقا)، كما أقامت هناك ثلاث قواعد عسكرية تشرف على منطقة عفرين المجاورة.

كما حشدت تركيا قوات كبيرة على الحدود مع منطقة عفرين وقصفت عدة قرى فيها انطلاقا من قواعدها داخل الأراضي التركية ومن منطقة إعزاز المجاورة ومن محافظة إدلب.

وجاء نشر تركيا لقواتها في محافظة إدلب بناء على اتفاق مع روسيا وإيران بهدف جعل إدلب منطقة "خفض توتر" لكنها لم تخف أن الهدف الأساسي لنشرها قواتها هناك هو التصدي لوحدات حماية الشعب.

نقاط إدلب

وبموجب الاتفاق الروسي التركي الإيراني، من المزمع أن تقيم القوات التركية 14 نقطة في إدلب بهدف الإشراف على وقف إطلاق النار بين القوات الحكومية والمعارضة في المحافظة.

وتقول أنقرة إن عمليتها في إدلب تكللت بالنجاح رغم أن الاشتباكات بين القوات الحكومية والمعارضة في إدلب تصاعدت مؤخرا وأدت إلى نزوح 100 ألف شخص خلال الأيام القليلة الماضية.

موقع عفرين

تقع منطقة عفرين على ضفتي نهر عفرين في أقصى شمال غربي سوريا، وهي محاذية لمدينة إعزاز من جهة الشرق ولمدينة حلب التي تتبع لها من الناحية الإدارية من جهة الجنوب، وإلى الجنوب الغربي من البلدة تقع محافظة إدلب، وتحاذي الحدود التركية من جهة الغرب والشمال.

وعفرين منطقة جبلية تبلغ مساحتها نحو 3850 كيلومترا مربعا أي ما يعادل 2 بالمائة من مساحة سوريا، ومنفصلة جغرافيًا عن المناطق الأخرى التي يسيطر عليها الأكراد على طول الحدود مع تركيا.

يبلغ عدد سكان منطقة عفرين 523،258 نسمة حسب احصائيات الحكومة السورية في عام 2012.

لكن العدد ارتفع بسبب حركة النزوح الداخلية من محافظة حلب والمدن والبلدات المجاورة ليصل إلى أكثر من مليون نسمة حسب ما تقول سلطات الإدارة الكردية القائمة هناك منذ فقدان الحكومة سيطرتها على المنطقة.

وتضم عفرين نحو 350 قرية وبلدة صغيرة وكبيرة من أهمها عفرين المدينة، وجندريسة وبلبلة وشية، وراجو وشرا.

واقيم سد 17 نيسان على نهر عفرين منذ سنوات في منطقة ميدانكي وتشكلت بحيرة خلف السد مما جعل المنطقة المحيطة بالبحيرة مركز اصطياف.

بلد الزيتون والكروم
وعفرين مشهورة بإنتاج زيت الزيتون والحمضيات والكروم إضافة إلى وجود العديد من المواقع الأثرية مثل قلعة سمعان، وقلعة النبي هوري وتل عين داره، والجسور الرومانية على نهر عفرين وجسر هره دره الذي بنته ألمانيا قبيل الحرب العالمية الأولى.

كما تمر سكة حديد قادمة من تركيا عبر منطقة عفرين وتصل إلى مدينة حلب وقد بنتها تركيا قبيل الحرب العالمية الأولى.

درع الفرات
تفصل منطقة عفرين بين مناطق سيطرة فصائل "درع الفرات" التي تدعمها تركيا في جرابلس، الباب، وإعزاز إلى الشرق من عفرين ومحافظة إدلب في الغرب وبالتالي فإن السيطرة التركية على عفرين تحقق تواصلا جغرافيا على جميع المناطق الحدودية الواقعة بين مدينة جرابلس غربي الفرات والبحر المتوسط، وبالتالي يعني القضاء على أي إمكانية لتحقيق التواصل الجغرافي بين المناطق الكردية منع الأكراد من وصل مناطقهم ببعضها.

دور الأكراد
بالنسبة للأكراد، عفرين هي إحدى المقاطعات الكردية الثلاث في سوريا، والمحافظة عليها والدفاع عنها تعتبر مسألة وجودية بالنسبة لهم ولن يتخلوا عنها بسهولة. كما يطمحون إلى وصلها بالمناطق الكردية الأخرى حسب تصريحات القيادات الكردية في سوريا.

وأعلن الرئيس السابق لحزب الاتحاد الديمقراطي صالح مسلم مؤخرا أن وحدات حماية الشعب قد تتدخل في محافظة إدلب للتصدي لما وصفها بالجماعات المتشددة.

وقال "إدلب هي منطقة جغرافية مميزة بجبالها ووديانها وسهولها، ونحن سنكون على قدر المسئولية في طرد جميع القوات الإرهابية منها".

دور أمريكا
ورغم تأكيد الولايات المتحدة التزامها الدفاع عن شركائها في قوات سوريا الديمقراطية في المنطقة الواقعة غربي نهر الفرات لكنها تجنبت الرد على الانتقادات العنيفة التي وجهها أردوغان وغيره من المسئولين الاتراك لتعاون واشنطن مع وحدات حماية الشعب في سوريا.

يذكر أن عددا كبيرا من قادة وحدات حماية الشعب هم من أبناء منطقة عفرين ويمثل أبناء المنطقة نحو ثلث القوات التي شاركت في تحرير مدينة الرقة من قبضة تنظيم "داعش".

وعندما تصاعدت تهديدات تركيا ضد عفرين قبل مدة أعلن الآلاف من هؤلاء المقاتلين استعدادهم للتوجه إلى عفرين للدفاع عنها.
الجريدة الرسمية