رئيس التحرير
عصام كامل

جمال عبد الناصر مؤسس الكرامة العربية!!


في الذكرى المئوية للزعيم الاستثنائي في تاريخ وحياة المصريين والأمة العربية بل العالم أجمع، خالد الذكر جمال عبد الناصر تجد نفسك في حيرة عن ماذا تكتب؟ فقد كتبنا مرارا وتكرارا وكتب كثيرون غيرنا عن سيرة الزعيم ومشواره منذ الطفولة وحتى يوم رحيله في ليلة الإسراء والمعراج في الثامن والعشرين من سبتمبر عام 1970، وملئت الكثير من الصفحات والمجلدات حول تجربته الرائدة ومشروعه الوطنى والقومى، وانتصاراته وانكساراته.


وعلى مدار ما يقرب من نصف قرن منذ رحيله وهو حاضرا في تاريخ بلده وأمته والعالم، وتدور حوله السجالات سواء بين محبيه أو أعدائه من شهد وعاش تجربته أو من لم يشهدها ويعايشها، وفى المحن والأزمات يتم استحضار سيرته، وفى الثورات الشعبية المطالبة بالحرية والعدل والمساواة حول العالم ترفع صوره كأيقونة للثائر الحق، وفى المواقف البطلة والشجاعة المتصدية لأعداء الأمة تستحضر كلماته، وتهتف الجماهير باسمه في كل مناسبة وطنية وقومية.

وفى إطار الاحتفال بالمئوية تبارى محبوه في الكتابة سواء في الصحف والمجلات، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعى، وخلال الأيام القليلة الماضية قرأت الكثير من المقالات احتفالا بذكرى ميلاده ومن بين ما قرأت كتاب مجلة الهلال الذي صدر في عدد تذكاري تحت عنوان: 100 عام على ميلاد الزعيم، وثائق -أسرار- صور نادرة، وخرج في 450 صفحة من القطع الصغير، أبدع من خلالها الكتاب والمؤرخين والصحفيين والأدباء والشعراء والمثقفين، وهو ما زاد من حيرتي عن ماذا أكتب في هذه الذكرى النادرة؟ والتي لن تتكرر مرة أخرى خلال حياة كل من يشهدها الآن.

وقد حسمت حيرتى بأن الفريضة الغائبة تاريخيًا بين غالبية القادة العرب هي الكرامة في مواجهة أعداء الأمة، فالمواقف التي تتخذ دائمًا تتصف بالميوعة وعدم الحسم والتراخى والخضوع والخنوع والركوع في أحيان كثيرة، على العكس من ذلك تمامًا كانت هي مواقف الزعيم جمال عبد الناصر حاسمة قاطعة لا تقبل التأويل أو التشكيك، ولم يكن يقبل الإهانة لنفسه أو شعبه أو وطنه أو أمته أمام الأعداء مهما كانت قوتهم وسطوتهم ونفوذهم، وكان يتخذ المواقف البطلة والشجاعة المحافظة على كرامة أمته مهما كلفه ذلك من خسائر.

لذلك لا عجب أن يكون الآن حاضرا في كل المواقف التي تمثل تحديا للأمة وقادتها أمام الأعداء كقدوة ونموذج، فتجد رجل الشارع العربي يقول لو كان جمال موجودا في هذا الموقف لكان رده سيكون أكثر قوة وحسمًا، وما كانت القوى الاستعمارية المهيمنة قد استطاعت أن تتلاعب بمصير شعوبنا وأمتنا العربية كما يحدث الآن، فقد كانت مواقفه حاسمة من الاستعمار الغربي، وكانوا يعملون له ألف حساب، وكانت الرجعية العربية الخائنة والعميلة تاريخيا تفكر ألف مرة قبل اتخاذ أي موقف في ظل وجوده.

لقد تمكن جمال عبد الناصر من تأسيس مدرسة الكرامة العربية، التي وقفت في وجه أعداء الأمة معلنة التحدي ورافعة لراية المقاومة، والتصدي بشجاعة لكل من يحاول النيل من شرف وكرامة أمتنا العربية، فكانت كلماته المدوية في مواجهة العدو الصهيونى "لا صلح لا تفاوض لا اعتراف" و"ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة"، وشاهدنا من بعده ومن نفس مدرسته القائد الخالد حافظ الأسد الذي وقف متحديًا الولايات المتحدة الأمريكية وحليفتها الصهيونية رافضًا أي تفريط في شبر من أرضه قائلا: "من الأفضل أن أورث شعبي قضية يناضل من أجلها عن أن أورثه سلاما مذلا".

ومن نفس مدرسة الكرامة العربية تخرج القائد الشهيد صدام حسين الذي واجه العدو الأمريكى بشجاعة وجسارة حتى يوم تنفيذ إعدامه قال للضابط: "أعطنى المعطف الخاص بي لأن تنفيذ الحكم بحقي سيكون ساعة الفجر والجو سيكون باردا، ولا أريد أن يرانى شعبي مرتجفا فيظنون أنى خائف من الموت"، وكانت قولته الأخيرة للحكام العرب المفرطين في كرامتهم وكرامة شعوبهم وأوطانهم "أنا ستعدمنى أمريكا اليوم، أما أنتم فستعدمكم شعوبكم".

وفي نفس المدرسة تخرج أيضًا الأخ القائد الشهيد معمر القذافي الذي تحدى القوى الاستعمارية الغربية وقام بتمزيق ميثاق الجمعية العامة للأمم المتحدة من فوق منصتها بنيويورك، في إهانة صريحة وواضحة للقوى الاستعمارية الكبرى، لذلك كان الانتقام منه عبر حلف الناتو لتدمير بلاده والتمثيل بجثته في الوقت الذي وقف فيه فاقدو الكرامة العربية متفرجين.

وعلى الرغم من محدودية تلاميذ مدرسة الكرامة العربية فإنها لم تعدمهم بعد، ويقع على عاتق تلاميذها الأبرار الآن القائد البطل بشار الأسد وسماحة السيد حسن نصر الله قيادة الأمة العربية في مواجهة العدو الأمريكى –الصهيونى وعلى شعوبنا أن تدعمهما لأنهما الأمل الباقي لاستمرار مدرسة الكرامة التي أسسها جمال عبد الناصر، اللهم بلغت اللهم فاشهد.
الجريدة الرسمية