رئيس التحرير
عصام كامل

بين المدارس الدولية ومسئولي التعليم


حالة الإغراق في مشكلات التعليم الدولي التي تعيشها وزارة التربية والتعليم، أمر يثير الدهشة ويطرح العديد من التساؤلات حول مدى الفائدة التي يمكن أن تعود على التعليم المصري بتضخيم مشكلات المدارس الدولية وتصديرها باعتبارها أزمة لا حل لها.

 وبدلًا من وضع تلك المشكلات في حجمها الطبيعي والالتفات لمشكلات باقي نوعيات المدارس خاصة أن عدد المدارس الدولية على مستوى الجمهورية يقل عن 300 مدرسة فقط، في بلد يضم نظامها التعليمي نحو 52 ألف مدرسة، ونسبة التعليم الدولي أقل من 2% من عدد المدارس الخاصة التي تصل إلى أكثر من 7 آلاف مدرسة على مستوى الجمهورية.

 ومع ذلك فإن حجم الوقت والجهد المبذول من وزارة التعليم في هذا الملف فاق جهودها المبذولة في ملفات أضخم، كما أن عدد اللقاءات التي تمت بين مسئولي التربية والتعليم وأصحاب المدارس الدولية لم يحدث مثلها من قبل.

وبالرغم أن قطاع التعليم الخاص يعاني من أزمات عدة إلا أن مسئولي التربية والتعليم خلال الفترة الحالية يختصرون مشكلات هذا القطاع الضخم الذي تمثل مدارسه أكثر من 12% من إجمالي عدد المدارس، في الحديث عن التعليم الدولي، الذي يمثل نسبة ضئيلة للغاية، وما يثير الدهشة أكثر ليس فقط حجم التصريحات حول وضع خطط وآليات لحلول للمشكلات التي تعاني منها المدارس الدولة؛ بل إن حجم الجهود المبذولة لحل مشكلات الدبلومة الأمريكية أمر غريب حقًا.

منذ عام 2013 وظهرت على السطح أزمة تزييف شهادة الدبلومة الأمريكية في عدد من المدارس، واتخذت الوزارة قرارات بإغلاق 4 مدارس تدرس الدبلومة الأمريكية إداريا، وبدأت رحلة دراسة أحوال الدبلومة الأمريكية في مصر، ومن غير المعقول أن تستمر الدراسات لتلك المشكلة أكثر من 4 سنوات، تعاقب فيها على وزارة التربية والتعليم 4 وزراء بدءا من الدكتور محمود أبوالنصر، ومرورا بالدكتور محب الرافعي، ثم الدكتور الهلالي الشربيني، وأخيرا الدكتور طارق شوقي، وجميعهم تحدث حول مشكلات الدبلومة الأمريكية.

 وكل وزير اتخذ حزمة من الاجراءات رأى أنها في طريق الحل النهائي للمشكلة، وكانت أبرز القرارات ما اتخذه الدكتور الهلالي الشربيني بوقف إصدار تراخيص جديدة لتدريس الدبلومة الأمريكية لحين دراسة وتقييم تجربة تلك المدارس ومواجهة فوضى جهات الاعتماد العاملة في مصر.

واستقدمت الوزارة تقريرًا من المركز الثقافي المصري بواشنطن حول الدبلومة الأمريكية العاملة في مصر، وبناء عليه وضعت الوزارة مقترحًا كاملًا لحل تلك المشكلة، وعندما رحل الدكتور الهلالي أعيد تصدير مشكلة الدبلومة الأمريكية من جديد وتصدرت المشهد، وكلما جاء ذكر التعليم الخاص ومشاكله بادر مسئولي التعليم بالحديث حول أزمة الدبلومة الأمريكية، وأن الوزارة تكثف جهودها لحل تلك الأزمة.

 وكان آخر الاجراءات التي اتخذتها الوزارة في ذلك الصدد هو سفر وفد من الوزارة إلى الولايات المتحدة لمدة أسبوعين لدراسة أحوال الدبلومة الأمريكية على الواقع، وما زالت الوزارة إلى الآن لم تقدم حلًا جذريًا لتلك الأزمة.

وفي المقابل فإن الوزارة تغفل عن عمد أو عن دون قصد المشكلات الضخمة التي يعاني منها قطاع التعليم الخاص والذي يدرس به أكثر من 2 مليون طالب اختار أولياء أمورهم طواعية أن يخففوا عبئًا عن الدولة وأن يقيدوا أبناءهم في مدارس تقدم خدماتها بمصروفات أملًا في الحصول على خدمة مميزة، وبدلًا من أن تلتفت الوزارة لهؤلاء ركزت جهودها لحل مشكلات التعليم الدولي، وكأن غالبية أبناء المصريين يتكالبون على الالتحاق بالمدارس الدولية التي توحشت حتى وصلت مصروفات بعضها إلى نحو 400 ألف جنيه في العام.

إن بداية الحلول هو وضع المشكلات في حجمها الطبيعي ومن ثم تقديم مقترحات قابلة للتنفيذ لإنهاء المشكلات؛ لكن تضخيم مشكلة بعينها حتى يتم تصديرها للرأي العام باعتبارها أزمة الأزمات أمر غريب، خاصة أن هذا الوضع يغطي على مشكلات أضخم تحتاج إلى حلول عاجلة.

إنه من الغريب أن تظل الوزارة في حالة دراسة كل هذه السنوات لمشكلات المدارس الدولية.

الجريدة الرسمية