لماذا الكويت بالذات؟!
المتورطون في فبركة تسجيلات الإعلاميين مع ضابط مزيف، إنما أرادوا تحقيق عدة أهداف، لم يكن خافيا منها التأكيد على فكرة القدرة على الاختراق، من قبل جماعة ركزت كل إرادتها على "التواجد" حتى ولو كان وهميا، وهو الأمر الذي يدركه العامة قبل الخاصة، فالهدف الأساسي لهروبهم خارج البلاد أن يبقوا على محيط من التواجد، وإن كان متسما بالعمالة لصالح المحتل التركي القديم للمنطقة العربية.
ثانى أهداف تلك الجماعة، النيل من كل من ساند ثورة الشعب المصري في ٣٠ يونيو، والكويت في القلب منها، فالأشقاء في الكويت كان لهم موقف واضح من شرعية ٣٠ يونيو شعبيا ورسميا، وذلك انطلاقا من علاقات مصيرية بين الشعبين، وبلغة التاريخ والجغرافيا والهوية والمصالح كان للشعبين مواقف عديدة في التضامن والتعاون وإبراز العناصر الإيجابية بين الطرفين على فترات تاريخية اتسم بعضها بالمصير، والآخر بالهوية العربية المتأصلة لدى شعبين عربيين، ربما لم يختلفا فيما بينهما على مدار التاريخ.
الكويتيون لهم دور في الثقافة العربية لا يمكن إغفاله، فقد اختاروا منذ بداية الحقبة النفطية أن يركزوا على هذا الدور المهم، ومصر لما لها من باع طويل في تنامي روح القومية العربية، والتركيز على هوية الوطن الكبير تعانقت مع الدور الكويتي كثيرا، وتلاقيا في منحنيات تاريخية مهمة، فالكويت على المستوي الرسمي كانت تعبيرا صادقا عن العلاقات المتميزة بين الشعبين الكويتي والمصري.
لن نتحدث كثيرا عن المشتركات إذ إنها بديهيات لا يمكن إغفالها، فهذه البديهيات هي التي جعلت أبطال الفبركة الإعلامية يحاولون النيل من هذه المشتركات، وهم يدركون جيدا أن الشعوب العربية أصبحت في مرمى نيران الإعلام الاجتماعي الذي يسهل اختراقه وإدارته بما يؤثر على صفو هذه العلاقات، لذلك اختاروا العلاقات المصرية- الكويتية لتكون هدفا لمؤامرتهم الدنيئة.
والمتابع للتحركات المصرية، وموقف الصحيفة الأمريكية المتورطة في هذا الشأن يدرك أبعاد هذه المؤامرة، ويعلم أن محرر الفضيحة تورط وسقط سقطة مهنية قد تؤثر على مستوى الثقة فيها، وهو الأمر الأخطر بالنسبة لصحيفة تصدر في دولة الحريات المسئولة، وإحدى أهم الدول في وضع معايير مهنية للعمل الإعلامي، حيث لم يلتزم بها المحرر المتورط في مستنقع الإخوان.
الشعبان المصري والكويتي مر عليهما الكثير من المواقف التي أرادت أن تنال من تلك العلاقات المتميزة، دون أن تترك سوى آثار هامشية كان الزمان كفيلا بفك طلاسمها، وكلا الشعبين يدرك بوعي حجم ما يحاك لأمتنا العربية، ولا يمكن تصور أن يكون هذا الفعل الإجرامي الخبيث ذا تأثير على ما نظن ونعتقد ونؤمن به، فالمصير واحد، والهوية واحدة، والهموم واحدة، والحرب علينا جاءت هذه المرة من جماعة لم تكن تستبعد الكويت من التآمر عليها وعلي استقرارها.. تحية للشعب الكويتي الذي أدرك أبعاد ما يحاك لنا ولهم وللأمة العربية كلها.