أحمد الطيب.. «العالمي»
بروح حكيمة ترتدى ثياب الوقار، تزينها قوة الفكر والعلم، وقوة القرار وأمانته، وبوجه له من اللون المصرى نصيب الكل الشامل، تتوسطه عينان تحكيان حديثا طويلا أثناء الصمت الطويل، ولحية بيضاء خفيفة، تعلو الرأس الحكيم عمامة تقول إن هناك رمزا أزهريا في المحيط، ثم جلبابا أزهريا يبث وقارا في قلوب الناظرين.
بتلك الملامح المتزنة، وبذاك الزى المنبثق من رحم الهيبة، يجلس الشيخ أحمد الطيب على مقعد أكبر مؤسسة دينية في العالم، يدير الأمور بسلاح الحكمة، ويمضى قُدُمًا حيث يرشده ضميره دون قيد أو وهن، ليثبت عمليا واقع الآية الكريمة: “وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ”.
ربما كان عام 2017 أكثر الأعوام العصيبة التي مرت على الشيخ السبعيني، حيث خاض أزمات عديدة استطاع إدارتها بكل قوة وحكمة في آنٍ واحد، كما شهد هذا العام العديد من الجولات والزيارات الخارجية للشيخ الطيب استحق عنها لقب «العالمى».
شهد 2017 نشاطا مكثفا للإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشَّريف، على المستوى المحلى والإقليمى والعالمي، وارتكزت كل زياراته وتحركاته الداخلية والخارجية على أهداف رئيسية، تتمثل في نشر السلام العالمي، ومواجهة التطرف، ونصرة القضايا الإنسانية العادلة، وقد شهد العالم بأهمية دور فضيلة الإمام الأكبر وتأثيره في الحد من التطرف، والإسهام في إرساء السلام، وهو ما أكدته العديد من الشخصيات والقيادات والمؤسسات السياسية والدينية العالمية.
وقد تجلى هذا التأثير الكبير للإمام الأكبر في اختياره الشخصية الإسلامية الأكثر تأثيرا في العالم للعام الثانى على التوالي، وبات العالم يدرك الدور المحورى للأزهر في مواجهة الإرهاب وترسيخ السلام العالمي؛ ولذلك شهدت مشيخة الأزهر توافد العديد من الشخصيات والقيادات السياسية والدينية في العالم، بما يؤكد الدور المحورى والمهم للأزهر الشَّريف على مختلف المستويات.
وقد كان لقاء فضيلة الإمام الأكبر مع البابا فرانسيس، بابا الفاتيكان، مرتين الأولى في القاهرة والثانية في روما هذا العام، هما اللقاءان الأبرز والأهم خلال هذا العام، باعتبارهما يمثلان أكبر مؤسستين دينيتين في العالم، وخلال اللقاءين كان العنوان الرئيسى هو التأكيد على العمل المشترك من أجل السلام الشامل بين جميع البشر.
وفى ضوء الانخراط القويّ والبارز للأزهر الشريف في محاربة الإرهاب، حرصت العديد من الدول الأوروبية على توثيق علاقاتها بالمؤسسة الدينية الأكبر، وشهد مقر المشيخة بالقاهرة توافد العديد من الشخصيات والوفود الغربية للقاء للإمام، من أبرزهم: المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ووفد من مجلس الشيوخ الإيطالي، ومسئولون معنيون بمكافحة الإرهاب من أستراليا، وألمانيا، وبولندا.
وقد أكدت كل هذه الوفود حرصها على التعاون مع الأزهر الشريف في مجال مكافحة التطرف، ونشر مفاهيم الوسطية والاعتدال، كما أشادت بجهود الإمام الأكبر وخطابه العالمى الذي أسهم في تصحيح صورة الإسلام وتبرئته من ممارسات التنظيمات الإرهابية.
وفى لقاء شيخ الأزهر برئيس وزراء بريطانيا الأسبق تونى بلير نهاية 2017، فقد ركز الإمام الأكبر على رفضه للقرار الأمريكى باعتبار القدس عاصمة للكيان الصهيونى واستنكاره نقل السفارة الأمريكية إليها، وتأكيده أن هذا القرار سيقود إلى عدم الاستقرار في المنطقة والعالم أجمع، بالإضافة إلى زيارة إيطاليا.
توجه الإمام الأكبر إلى ألمانيا مرتين خلال هذا العام، الأولى كانت في شهر مايو؛ لحضور احتفالية حركة الإصلاح الدينى بمناسبة مرور 500 عام على تأسيسها، وخلال هذه الزيارة التقى فضيلته بالعديد من القيادات الألمانية، أما الزيارة الثانية فتمت في سبتمبر الماضي، والتقى خلالها فضيلة الإمام مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، كما ألقى الكلمة الرئيسية في مؤتمر “طرق السلام”.
وفى إطار حرصه على ترسيخ علاقاته بالدول الأفريقية، باعتبارها تمثل العمق الإستراتيجى لمصر وأحد معاقل الإسلام الكبرى في العالم، حرص الأزهر خلال عام 2017 على تقديم الدعم العلمى والدعوى لدول القارة، ومساعدتها على مواجهة الإرهاب، كما استقبل الطيب العديد من الوفود الأفريقية الرسمية، وكذلك الأمر بالنسبة للقارة الآسيوية، حيث زارت عدة وفود من دولها مشيخة الأزهر الشريف، لبحث سبل تعزيز التعاون المشترك في المجالات الدعوية والتعليمية.
كما كان تأثير الإمام الأكبر على الساحة العربية واضحًا، وقصدته الوفود من دول عربية عديدة، فيما زار الإمام المملكة العربية السعودية مرتين خلال 2017؛ إحداهما لحضور الملتقى العالمى “مغردون”، حيث وجه فيه كلمة إلى شباب الأمة، حذر فيها من استخدام البعض وسائل التواصل الاجتماعى لتقديم صورة مشوهة عن الدين الإسلامي، كما زار فضيلته دولة الإمارات العربية المتحدة، لترؤس الجولة الرابعة للحوار بين الشرق والغرب في أبوظبي.