رئيس التحرير
عصام كامل

علي المصيلحي.. «الساخر»

على المصيلحى
على المصيلحى

«المرء مخبوء تحت لسانه فإذا تحدث ظهر».. هكذا قال الفيلسوف اليونانى «سقراط»، الأمر ينطبق على الدكتور على المصيلحي، وزير التموين والتجارة الداخلية، فمنذ أن كان وزيرًا للتضامن، قبل ثورة يناير 2011، والرجل مثير للجدل، يتقمص شخصية «المهرج» دائما لاسيما في أوقات الجد، في ظل ظروف صعبة للاقتصاد المصري، الذي يمر بمرحلة تحول فارقة مما يتطلب تجنب الكوميديا ومراعاة مشاعر الآخرين.


نوادر «المصيلحى»، منذ تقلد الحقيبة الوزارية في عهد الرئيس الأسبق مبارك، كثيرة، حتى إن مبارك قال له في أعقاب أزمة رغيف الخبز، حينما كان يتولى وزارة التضامن: «خربتها يا على وقعدت على تلها؟!»، ليتم بعدها سحب صلاحياته فيما يتعلق بحصص الخبز، ومنحها للمحافظين لتهدئة الرأى العام ووسائل الإعلام.


ووفقا لمصادر متعددة، فعندما يتصل وزير التموين بأحد القيادات، ولو كان رئيس الشركة القابضة للصناعات الغذائية يبادره بالقول: “أنت نايم”؟، بما يخالف وجه الحقيقة، وتارة أخرى في اجتماع لقياداته مع شركات الكروت الذكية، وبمشاركة بعض مديرى المديريات يتحدث بالإنجليزية، والكثير منهم لا يجيدونها ثم يتهكم عليهم قائلا: “فاهمين؟”.


كما أن “المصيلحي” اعتاد أن يترك مكانه على المنصة بقاعة المؤتمرات بالوزارة، ليمسك ببدلة أحد قيادات الشركات عند التحاور أو الاستفسار عن معلومة معينة بشأن السلع المدعمة.


وما أكثر التهريج والانتقادات الساخرة التي يوجهها “المصيلحى” في اجتماعه بمديرى مديريات المحافظات لمن يجده منهم مقصرًا في أداء مهامه، أو من يسأل منهم سؤالا لا يقبله الوزير.. فيُسمعه ما لا يرضيه؛ لدرجة أنه قذف أحد وكلاء وزارة التموين بإحدى محافظات الوجه البحرى بزجاجة مياه، لكونه يريد الاستفسار عن موقف صاحب المخبز الذي ليس لديه تأمين الدقيق، فيرد عليه، والزجاجة تسبقه في طريقها إليه، قائلا له: “وانت مالك؟!”؛ ليظل ممارسا دوره الصادم في تأنيب مديرى التموين الذين لديهم مشكلات في بعض محافظات الجمهورية، قائلا لبعضهم: «أنت ما تنفعش تكون وكيل وزارة وهانقلك إلى مكان اَخر».


يبدع “المصيلحي” في المؤتمرات الصحفية بوزارة التموين في ممارسة الأداء التمثيلى المختلط بالهجوم على من يوجه سؤالًا لا يعجبه، أو يستهين بالسؤال مع إجابته عليه، موجهًا لطارح السؤال: “أنت نايم”، وأحيانا يغمض عينيه عندما يستغرق الصحفى وقتًا لم يصل فيه مراد السؤال إليه في أقرب وقت، وتارة أخرى يمنع بعض نواب رؤساء التحرير من السؤال بالقول له: «أنت كبير خللى الصغيرين يسألوا».


“المصيلحى” أكثر الوزراء في حكومة المهندس شريف إسماعيل تراجعًا في قراراته، بسبب عدم دراستها جيدا قبل اتخاذها، لاسيما أنه تخونه كثيرًا لغة الأرقام، مثل قرار إلغاء الكارت الذهبى وصرف الخبز من داخل المحافظة فقط دون استخراج البطاقات الذكية أو تعليمات باَلية جديدة لصرف الخبز المدعم وقرار تعبئة السلع التموينية الأساسية في “شنطة” بلاستيكية من السكر والزيت والأرز لكل فرد والانتهاء من استخراج جميع البطاقات خلال شهر من توليه المنصب في 29 مارس 2017، وتأجيل قرار تدوين أسعار السلع على المنتجات أكثر من مرة من منتصف أبريل حتى يناير، ومنح مهلة لتنفيذ القرار بالعقوبات مرة أخرى بعد مرور شهر؛ بما يجعل الكثير من هذه القرارات غير المدروسة على أرض الواقع أشبه بـ”التهريج” الذي ينال من هيبة الدولة.


وفى سياق متصل، يقول الدكتور محمد سيد أحمد، أستاذ علم الاجتماع السياسي، إن وزير التموين أحد رجال زمن مبارك، وجاء بخلفية سياسية ما زال متمسكًا بها، من خلال تحقيق الرضا للسلطة التي اختارته، ليمارس إصدار الكثير من القرارات التي لا تبقى سوى ساعات حسب مردودها على الشارع، وتتبخر، لكونه يؤمن أن المصريين لديهم ذاكرة السمك، ويتناسون القرار بما يعد تلاعبًا بالرأى العام في أخطر وزارة مسئولة عن الدعم، كما أن حركاته البهلوانية في الوزارة تكشف عن هذه الشخصية التي لم تتغير بعد مرور ثورتين على مصر.
الجريدة الرسمية