الأمير محمد بن سلمان
لم تسلط عليه الأضواء سابقًا.. بدأ سطوع نجمه السياسي عندما عينه والده رئيسًا للديوان الملكى خلال عام 2015، بعد رحيل عمه الملك عبدالله بن عبدالعزيز.. من هنا بدأت مسيرة الابن السادس للعاهل السعودى الملك سلمان بن عبدالعزيز الأمير محمد بن سلمان، الذي يشغل حاليًا منصب ولى عهد البلاد نائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع.
الشاب المجدد الذي نجح خلال أشهر قليلة في ضخ دماء جديدة داخل شرايين حكم المملكة المتصلبة منذ تأسيسها، ولد في عام 1985، والدته الأميرة فهدة بنت فلاح بن سلطان آل حثلين العجمي، متزوج من ابنة عمه صاحبة السمو الملكى الأميرة سارة بنت مشهور بن عبد العزيز آل سعود، وأنجب منها الأمير سلمان والأمير مشهور والأميرة فهدة والأميرة نورة، تلقى تعليمه العام في مدارس الرياض، وأنهى دراسته الثانوية في العام 2003، وخلال سنوات تعليمه تلقى عددًا من الدورات والبرامج المتخصصة، ليحصل على درجة البكالوريوس في القانون من جامعة الملك سعود حائزًا على الترتيب الثانى على دفعته.
عقب فترة عمله القصيرة رئيسًا للديوان الملكى، والتي بدأت يوم 23 يناير 2015، ومع إعفاء الأمير مقرن بن عبد العزيز آل سعود من منصب ولى العهد في 29 أبريل 2015 واختيار الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز آل سعود وليًا للعهد، صدر أمر ملكى ينص على اختياره وليًا لولى العهد وتعيينه نائبًا ثانيًا لرئيس مجلس الوزراء مع استمراره في منصب وزير الدفاع ورئيس مجلسى الاقتصاد والسياسية، وخلال هذه الفترة تصدرت أخبار الأنشطة السياسية والاقتصادية التي يقوم بها فضائيات وصحف المملكة، لتكسر جمود موقعه كرجل ثالث في ترتيب دائرة الحكم العليا.
ومن أبرز إنجازات هذه الفترة خلال شغله منصب ولى ولى العهد، تمكنه من اختطاف أول زيارة خارجية للرئيس الأمريكى دونالد ترامب إلى الرياض بعد زيارة خاطفة لواشنطن مسحت عبارات العداء التي أطلقها الرئيس الجمهورى اليمينى تجاه المملكة، والتي وصلت إلى حد وصفه السعودية في أحد خطاباته إبان حملته الانتخابية بـ”البقرة”، في إشارة لحلب أموال السعودية مقابل الحماية الأمريكية.
وما هي سوى أشهر قليلة، وحطت الطائرة الرئاسية الأمريكية على صحراء المملكة، ليعقد حينها “ترامب” قمته الشهيرة مع قادة العالم الإسلامى، والتي طالب خلالها بتشكيل تحالف عسكري لمحاربة الإرهاب.
عقب مغادرة ترامب للرياض بعد هذه الزيارة التاريخية كأول رئيس أمريكى يختار بلدا عربيا في أول جولة خارجية، بدأ عصر محمد بن سلمان يتضح ملامحه وبرزت التحديات الداخلية التي يواجهها داخليًا المتمثلة في سطوة رجال الدين وأبناء العموم، والخارجية التي تعد حرب اليمن أبرزها، وأعقبها المقاطعة مع قطر التي سعت للتآمر على مستقبله السياسي بدس الفتن والشائعات للوقيعة بينه وبين هيئة البيعة، ومؤخرًا الصدام الكبير مع دائرة الأمراء المتهمين بالفساد.
رغم مسيرة الأشهر القليلة التي تميزت بالصخب، يعد شهر يونيو من العام الماضى 2017، بداية طريق الشاب الطموح عقب طلب ولى العهد السابق الأمير محمد بن نايف الإعفاء من منصبه، ومبايعة الأمير محمد بن سلمان وليا للعهد، لتفصله عن العرش خطوة واحدة، القرار أيضًا كتب نهاية لانتقال الحكم بين الأشقاء –أبناء الملك المؤسس سعود بن عبدالعزيز- وينتقل رسميًا إلى الجيل الثانى، “الأحفاد”.
من هنا بدأ الملك المرتقب خطواته الإصلاحية، وبدأ على مهل وفى هدوء في تحرير المجتمع من جمود سطوة رجال الدين، ونجح عمليًا في خلخلة هيبة هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وبدأ في فرض قيود على طريقة عملها تمهيدًا لتهميش دورها.
“نساء المملكة” كان لهن النصيب الأوفر من قرارات “ولى العهد” الإصلاحية، حيث سمح لهن بالقيادة وحضور المباريات الكروية، كما رحب المجتمع السعودى بقرار إنشاء هيئة الترفيه والسماح بتنظيم الحفلات الفنية وفتح دور سينما، وأثلج حديثه عن الإسلام المعتدل صدور فئة عريضة من السعوديين ظل اتهام الفكر الوهابى يلاحقه في المجتمعات الغربية.
كغيره من أبناء جيله يدرك محمد بن سلمان جيدًا قرب انتهاء عصر النفط، وعلى ما يبدو فإنه اتخذ دولة الإمارات العربية نموذجا انطلق منه لتأسيس مملكة حديثة قادرة على الدخول بعقول شبابية إلى عصر الحداثة، وأحاط دائرته المقربة بنماذج شباب مبشر من أفراد العائلة وخارجها.