«التعديلات الجديدة لقانون تنظيم السجون أمل مشروط برقابة القضاء».. الإفراج عن المحكوم عليهم بعد انقضاء نصف المدة.. نهج عقابي يعلي مفاهيم الإصلاح.. وقانونيون: مطلوب إشراف القضاة
تعد التعديلات الجديدة لقانون تنظيم السجون التي تتيح الإفراج الشرطي عن المحكوم عليهم بقضاء نصف المدة بدلا من ثلثيها، أملا جديدًا لنزلاء السجون وذويهم؛ اعتدادًا بفلسفة عقابية حديثة تقوم على إصلاح السجناء وتأهيلهم للانخراط في المجتمع بشكل طبيعي، دون أن يكون العقاب في حد ذاته هدفًا للمشرع الذي طالما اعتمد الردع أيضًا سياسة لمنع الجريمة.
بارقة أمل
خبراء القانون اعتبروا التعديلات الجديدة بارقة أمل لإعادة السجين عضوا صالحا في المجتمع بتخفيض سنة السجن من تسعة أشهر إلى ستة أشهر، وذلك تحت غطاء المادة "56" من الدستور، والتي نصت على: «إن السجن دار إصلاح وتأهيل وتخضع السجون وأماكن الاحتجاز للإشراف القضائي وحظر فيها كل ما ينافي كرامة الإنسان أو يعرض حياته للخطر».
حماية الأمن القومي
لم تغفل التعديلات الجديدة المفهوم الشامل للأمن القومي إذ اشترطت أن يكون الإفراج الشرطي بنصف المدة ما لم يكن الإفراج خطرًا على الأمن القومي، وهو ما يفند المخاوف التي قد تثار ضد التعديلات حال التعرض إلى الإفراج عن مدانين بأحكام الانتماء لجماعات إرهابية
ولم تجعل التعديلات سلطة الإفراج في تلك الحالة، في يد مصلحة السجون، غلقًا لباب الوساطة والتمييز المرفوض قانونيًا ودستوريًا.
سلطة موازية
رغم الصورة المبشرة للتعديلات مبدئيا فإنها لم تسلم من انتقادات رجال القانون فيقول (أسامة أبو ذكرى) المحامي، إن التعديل رغم أنه يبدو في صالح المحكوم عليه، فإنه يؤخذ عليه جعل إدارة السجون جهة تعديل وسلطة موازية للأحكام القضائية، متسائلا: كيف يكون حكم القاضي بالمؤبد مثلا ويفرج عن المجرم بنصف المدة دون الرجوع إلى القاضي، صاحب الحكم الأصلي، الذي استقرت عقيدته على إدانة المتهم.
معيار مطاط
(أبو ذكرى) أبدى مخاوفه أيضًا من وجود عبارات مطاطة، بالتعديلات وخاصة غياب معيار يحدد بدقة "شرط الإفراج" غير حسن السلوك وعدم الخطورة على الأمن، الذي اعتبره يؤدي إلى خلق سلطة تقديرية لإدارة السجون تفتح باب الفساد أحيانًا والظلم والاستبداد في أخرى، خاصة في جرائم الرأي والسياسة.
وأوضح أنه كان من الأفضل أن يكون الإصلاح التشريعي لمواجهة التحديات وتكدس السجون بطرق أخرى كالتدابير الاحترازية أو أداء تكليف أو خدمة للمحكوم عليهم خارج السجون والتوسع في العقوبة المالية في الجريمة البسيطة غير الخطرة على المجتمع، ويكون ذلك طبقًا للقانون وبإشراف وبموافقة القضاء تحقيقًا للعدالة والمساواة بعيدًا عن تغول السلطة التنفيذية.
مواجهة التكدس
وأضاف (نصر الدين حامد) المحامي، أن تقرير اللجنة التشريعية عن أسباب موافقتها على تعديل قانون السجون، جاء لمواجهة ما تشهده السجون العمومية والمركزية من تكدس أعداد المودعين بها ومردود ذلك على الحالة المعيشية للنزلاء، بالإضافة إلى زيادة أعباء التأمين.
واعتبر أبو حامد، أن ذلك يأتي تماشيًا مع تطوير سياسات التنفيذ العقابى والتي ترتكز في أحد محاورها إلى الإفراج الشرطى عن المحكوم عليه؛ لحثه على انتهاج السلوك القويم داخل السجن والاستجابة لبرامج التأهيل والإصلاح لتمكينه من العودة لممارسة حياته الطبيعية كفرد صالح في المجتمع، بشرط أن يكون سلوكه داخل السجن يدعو إلى الثقة في تقويم نفسه، وكان الإفراج عنه لا يشكل خطرًا على الأمن العام.
طاقة نور
وأردف: إن التعديلات الجديدة طاقة نور للمسجون بأن يسعى إلى تهذيب أخلاقه ليستفيد من الإفراج بنصف المدة، حتى يخرج لأهله وذويه ويقوم بدوره نحوهم، لافتًا إلى أن الإفراج الشرطي بعد قضاء نصف المدة بدلا من ثلثيها مع تخفيض الحد الأدنى للمدة لستة أشهر، مطلب عمومي لأهل المسجون، والمسجون نفسه بعد تحقيق الردع العام والهدف من السجن.