هل ينجح الربيع العبري في إيران؟!
في البداية لابد من التأكيد أن هناك ثلاثة مشاريع إقليمية تتنافس لفرض هيمنتها وسيطرتها على منطقة الشرق الأوسط، وهى المشروع الإيرانى والمشروع التركى والمشروع الصهيونى، في ظل غياب تام للمشروع العربي، بل غيبوبة حقيقية تعيشها مجتمعاتنا على مستوى الأنظمة والشعوب معًا، لدرجة تحولنا فيها إلى مفعولا به دائمًا، ولم يعد لنا وجودا فاعلا على أي مستوى، في ظل الصراع الدائر بين المشروعات الإقليمية الثلاثة في المنطقة، لكن تجدر الإشارة إلى أن المشروعين الإيرانى والتركى قابلين للمنافسة الإقليمية، لكن يبقى المشروع الصهيونى مشروع استعمارى استيطانى احتلالى يستهدف وجودنا لذلك لابد أن نعطيه أولوية في المواجهة.
وفى محاولة الاستنهاض والخروج من الغيبوبة العربية على حكامنا وشعوبنا أن تدرك من هو العدو الحقيقي، سواء لنا أو لجيراننا في المنطقة التي تحاك ضدها المؤامرات تاريخيا، والمستهدفة اليوم للتقسيم والتفتيت من قبل العدو الأمريكى الحليف الاستراتيجي للعدو الصهيونى صاحب المشروع المعادى وليس المنافس لمشروعنا العربي الذي نسعى لإحيائه، وللمشروعات الأخرى المنافسة لنا في المنطقة، المشروع الإيرانى من جانب والمشروع التركى من جانب آخر.
فإيران صاحبة المشروع المنافس الأول للمشروع العربي في منطقة الشرق الأوسط، نعم تقوم بالتدخل في الشأن العربي ولها وجود واضح في العراق ولبنان وسورية واليمن، لكن هذا الوجود يستهدف بشكل أساسي دعم هذه المجتمعات العربية في مواجهة مشروع التقسيم والتفتيت الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية لدعم المشروع الصهيونى لكى تكون له الغلبة في النهاية، وإيران تعلن عداءها للمشروع الصهيونى، وترفض الاعتراف بإسرائيل وتساند كل حركات المقاومة العربية التي تقف في وجه هذا العدو الصهيونى.
فالتدخل الإيرانى في العراق أسهم في القضاء على داعش الصنيعة الأمريكية الصهيونية، والتدخل في لبنان أسهم في تحرير الجنوب اللبنانى من العدو الصهيونى عام 2000 والصمود أمامه في 2006، والتدخل في سوريا جاء عبر تحالف استراتيجي مع الدولة السورية وأسهم إلى حد كبير في انتصارات سورية وجيشها في الحرب الكونية التي شنت عليها من المشروع الصهيونى والجماعات التكفيرية التي تعمل بالوكالة لدى هذا المشروع، والتدخل في اليمن ساعد في مواجهة العدوان الذي يسعى لتقسيمها وتفتيتها لصالح المشروع الصهيونى.
أما المشروع الآخر المنافس للمشروع العربي في المنطقة وهو المشروع التركى، فقد تحالف مع المشروع الصهيونى منذ البداية، معتقدًا أنه يمكنه أن يكسب نفوذًا داخل منطقة الشرق الأوسط عبر هذا التحالف المشبوه، متناسيا ومتغافلا عن أن المشروع الصهيونى ذاته مشروعا معاديا لنا ولهم، فلم يخجل الأتراك من عقد تحالف استراتيجي في مجالات التسليح والتدريب العسكري، ناهيك عن العلاقات الاقتصادية والسياسية مع العدو الصهيونى، بل اعتراف تركيا بالوجود الإسرائيلى، وخلال الربيع العبري شاركت تركيا في محاولات تدمير المجتمعات العربية خاصة سوريا ومصر، حيث كان دورها واضحًا في دعم الإرهاب على الأرض العربية.
ومع فشل الربيع العبري على الأرض العربية، حاول الصهاينة أن ينالوا أولا من المشروع التركى الحليف لهم عبر ربيع عبري على الأرض التركية، لكن الأتراك تداركوا الموقف وقاموا بقمع الانتفاضات الشعبية بوحشية شديدة، وبالطبع صمتت الولايات المتحدة والعالم عما حدث، لكن هذا لا ينفى سعي المشروع الصهيونى لتقسيم وتفتيت تركيا كما يسعى لتقسيم وتفتيت المجتمعات العربية، ثم يحاول الآن أن ينال من المشروع الإيرانى عبر ربيع عبرى جديد بالداخل الإيرانى، حيث استغل المشروع الصهيونى الانتفاضات الشعبية المطالبة بالإصلاح الاجتماعى والاقتصادى في إيران من أجل تحويلها إلى ثورة تسعى للإطاحة بالنظام كمقدمة لتقسيم وتفتيت إيران والقضاء على مشروعها المعادى للمشروع الصهيونى.
والسؤال المطروح الآن هل ينجح الربيع العبري في إيران؟ والإجابة تقول لا لم ولن ينجح هذا الربيع العبري في إيران وسوف تتمكن إيران من اخماد الفتنة بداخلها عبر حزمة اجراءات إصلاحية على المستوى الاجتماعى والاقتصادى لتحسين مستويات معيشة الشعب، ولن تفلح الأدوات التي يستخدمها المشروع الصهيونى على الأرض العربية في النيل من إيران خاصة الورقة الطائفية والجنرال إعلام عبر وسائله الحديثة خاصة مواقع التواصل الاجتماعى على شبكة الإنترنت لأن إيران تفرض قبضة حديدية على هذه الأدوات الصهيونية التي تستخدم في عمليات التقسيم والتفتيت وإشعال النيران لإسقاط الأنظمة.
والغريب والعجيب هو انسياق بعض المجتمعات العربية وراء المشروع الصهيونى العدو الأول لنا سواء في محاولته تقسيم وتفتيت مجتمعاتنا، أو في مساعدته على هدم المشروع الإيرانى المنافس لنا والمعادى للصهاينة، لذلك على مجتمعاتنا العربية أن تفيق من الغيبوبة وتدرك أن معركتنا لابد أن تكون مع العدو الصهيونى بالمقام الأول، ثم مع المنافس الإقليمى التركى المتحالف مع العدو الصهيونى ثانيا، ثم تأتى المواجهة الثالثة مع المنافس الإقليمى الإيرانى الذي يشاركنا العداء مع العدو الصهيونى، هكذا يجب أن تكون أولويات المواجهة.. اللهم بلغت اللهم فاشهد.