الشعب المصري وصناعة الأمل
في 2018 كثير من الضباب ينقشع، وكثير من تفاصيل الصورة الغائمة تبدو أكثر وضوحًا، وكثير من الأحلام تتحول إلى واقع، وكثير من الهم والغم يتلاشى، وكثير من النقاط المضيئة تشع نورًا، وكثير من الخوف يتبدد ويتراجع.. وكثير من الأمل يندفع في شرايين الشعب المصري..
لماذا أنا متفائل إلى هذا الحد؟ الإجابة ببساطة تكمن في بعض الصور والمشاهد التي تمر على البعض مرور الكرام ولا ينتبهون لها أو يتأملونها قليلا منها على سبيل المثال لا الحصر.
* المصريون شعب لا يعرف الخوف، ويعشق الخطر.. والأمثلة على ذلك لا تعد ولا تحصي رأيناها رأي العين في ضباط قوات مسلحة وشرطة لا يهابون الموت ويقدمون عليه كما يقدمون على الحياة.. يواجهون الرصاص والقنابل بصدورهم، ويأخذون عدوهم وجهًا لوجه ولو صعدت أرواحهم للسماء، ورأيناها في آخر حادث إرهابي خسيس على كنيسة مارمينا بحلوان، حيث جسد صلاح الموجي مقولة (المصري لا يعرف الخوف ويعشق الخطر عندما ألقى بجسده على الإرهابي وهو قاب قوسين أو أدنى من فوهة سلاحه الناري، وكاد يفقد حياته في لحظة)، وفي الشيخ طه رفعت إمام المسجد المجاور للكنيسة عندما هتف في المصلين لنجدة إخوانهم المسيحيين وكنيستهم في صورة واعية ورشيدة لمفهوم المواطنة الحقيقي، وتعاليم الإسلام الوسطي، والمشاعر الإنسانية السامية التي تجمع البشر جميعًا دون تفرقة بسبب الدين أو العرق أو الجنس!
* نموذج صلاح الموجي والشيخ طه جسد الاستجابة الواعية للرسالة التي قالها الرئيس.. إن مواجهة الإرهاب بشكل حقيقي ليست قاصرة على الجيش والشرطة، وهي مسئولية المجتمع كله لأن مواجهة الإرهاب انتصار لثقافة الحياة على ثقافة الموت، وأعتقد أن المصريين جميعًا فهموا الرسالة بوضوح، بينما عز على البعض من النخبة التي تحولت إلى نكبة فهم الرسالة أو استيعابها ومضوا في غيهم، وأصروا على أن مواجهة الإرهاب مسئولية النظام وحده إلى الحد الذي دفع أحدهم للدفاع عن الإرهابي القاتل باعتباره أسير حرب له حقوق كاملة ولا يجب إعدامه بحكم محكمة!
* العقل الجمعي المصري كاد يقترب من تحديد بوصلته في المواجهة، وتقديم رؤيته للبناء والتقدم بعد أن اجتاز أصعب الاختبارات في تحمله لفاتورة الإصلاح الاقتصادي الصعبة، وفي قدرته على التصدي لكل محاولات الفتنة والتفتيت والضغط على الطائفية، فبينما يرى العدو –أي عدو في الداخل أو الخارج– أن ثنائية (مسلم – مسيحي) نقطة ضعف يجب استثمارها وتنميتها.. يراها المصريون نقطة قوة ومنصة إطلاق قذاف مكتوب عليها.. الشعب الواحد والوطن والواحد والدم الواحد.. موجهة لكل صاحب غرض وحامل مرض.
في 2018 الشعب المصري يصنع الأمل الذي يحقق بإذن الله الخير لمصر والمصريين، ويجني ثمار مشروعات في طول البلاد وعرضها قامت بإرادة مصرية خالصة، وفي 2018 تنتهي عزلة سيناء للأبد لتدب فيها حياة متكاملة، بعد أن تكتمل أنفاق العبور الجديد، وتعلن أن الأرض التي تجلى الله عليها.. هي أرض مباركة وعصية على عدوها.. المصريون يصنعون الأمل وسوف يحولون أحلام أعدائهم إلى كوابيس طالما على قلب رجل واحد من أجل مصر.