رئيس التحرير
عصام كامل

«فيتو» تزور مسرح الجريمة.. أهالي المعادي يكشفون سر مقتل فتاة «الدور السابع»

فيتو

وجوه الأفارقة تعرفها مناطق عديدة في عاصمة المحروسة، ويتعامل معهم المصريون باعتبارهم ضيوفا أكثر منهم أجانب، ولكن لم يدر بخلد أحد أن تكون نهاية أحدهم مأساة تنافس دراما الإغريق في جريمة لا تنفذها إلا أجهزة مخابرات لا تعرف عن الرحمة شيئا.


عقب صلاة عصر الجمعة الماضية بنحو ساعتين، كان "عم محسن"، يحضر كراتين فارغة لجمع القمامة من مدخل العقار الذي يعمل في حراسته منذ نحو خمس سنوات، وحين عودته من الخارج فوجئ بسكان شارع "إبراهيم عواد" جميعهم في مدخل العمارة "الشارع كله كان بيجري على مدخل العمارة طالعين على فوق شقة الأستاذة سارة في الدور السابع".

ليبدأ بذلك مسلسل الرعب الذي عاشه سكان شارع الأفارقة، كما يطلق عليه سكان منطقة حدائق المعادي، لكثرة الأفارقة المقيمين به.

في الخامسة من مساء الجمعة، كانت "سارة" الفتاة ذات العشرين عامًا، إثيوبية الجنسية، تستذكر محاضراتها بينما دق جرس الباب بعنف، "كنا سامعين صوت فوق صراخ بس مجاش في بالنا إنه من عند سارة الإثيوبية"، يتحدث أحد سكان الشارع، لتفاجأ سارة بأن الطارق هو ابن خال زوجها، إبراهيم سراج، 18 عامًا يعمل في أحد الفنادق السياحية بشرم الشيخ.

الصراخ يتزايد وسكان الشارع يهرعون نحو الشرفات، الصوت صادر من الطابق السابع وتحديدًا شقة سارة، صوت الآيات القرآنية في الخلفية "هي دايمًا كانت بتشغل قرآن في شقتها" يقول عم محسن.

يتهامس الجيران فيما بينهم بينما صوت سارة يتعالى، فتخرج من حجرتها نحو الشرفة مستغيثة بالجيران الذين اكتفى بعضهم بمشاهدة هذه اللقطات السينمائية، معولين على البقية التي هرولت نحو محل الفراشة التابع لـ "حمادة صالحين"، أحد الإثنين اللذين صعدا إلى شقة الضحية وكسرا الأقفال التي كانت عالقة بالباب.

الشارع الذي لا يهدأ بفعل الباعة المتناثرين في كل أرجائه، في مساء الجمعة تحولت الأنظار جميعها به، والكتل البشرية التي كانت قبل قليل منكبة على أشغالها، باتت تتلاحم وتلتصق ببعضها في مدخل العقار الكائن ببداية الشارع، "الناس كلها اتلمت جرينا على محل الفراشة وأحضرنا ملاية كبيرة فردناها تحت البلكونة"

يشير محمود صاحب ورشة نجارة بالشارع، إلى بقعة سوداء متفحمة تتوسط مدخل الشارع، "هما مكان الدم حطينا جاز عليه وكرتون وحرقناه"، بالرغم من إمساك نحو أحد عشر رجلًا بالملاءة الكبيرة، إلا أن سارة التي ظلت ممسكة بحافة الشرفة، تتهاوى يدها، فتمسك بالأخرى ثم تعيد الصراخ واستجداء النساء المصطفات أمامها في العقارات المحيطة، إلا أن الهوة كانت سحيقة بين فريق إنقاذ المنطقة والشرفة، لتسقط بثقلها بفعل الجاذبية نحو الأسفل، مخترقة بجسدها القماشة التي فردها الأهالي.

"أنا جيت من برة لقيت الأستاذة سارة واقعة على الأرض والناس حواليها، الفرشة مقطعة وهي على الأرض بتنزل دم من أنفها وأذنها وفمها"، يتحدث طبيب وأحد سكان العمارة، رافضا الإفصاح عن اسمه.

في السادسة حضر رجال النيابة، اصطحبوا عم محسن حارس العقار نحو الشقة، "أنا دخلت لقيت القرآن لسه شغال وكراسي السفرة على الأرض كلها وزجاج النيش مكسر، وفيه دم مسيل من الصالة للبلكونة"، فوفقا لشهادات الجيران، قام الجاني، ابن خال زوج سارة، بضربها على رأسها بزجاجة ليفقدها الوعي، "كان داخل يسرقها كعادته لكن هي حاولت تمنعه، دخلنا كلنا لقيناه في الدولاب مستخبي مننا، جري عم محسن كتفه وحجزه في حجرته تحت بالدور الأرضي، لحد ما حضر البوليس"، يتحدث أحد الجيران.

لم تكن هذه المرة الأولى التي تتعرض فيها "سارة" للسرقة من قبل الشخص ذاته، فمنذ نحو عام، تعرضت للسرقة واتهمت حينها ابن أخت محسن حارس العقار بسرقة مبلغ من المال كانت قد حصلت عليه من زوجها العامل بكندا، "اتهموا وقتها ابن أختي فيها واتحبس لكن الست سارة اتنازلت وقتها عن المحضر، وعرفنا بعدها إن إبراهيم هو اللي سرقها"

ورغم كثرة الشهود على الواقعة إلا أنهم جميعا فشلوا في تقديم إجابة واضحة عن السؤال الأهم في القضية، هل دفع الجاني ضحيته من الشرفة، أم أنها سقطت أثناء محاولتها الهرب من القاتل المحتمل، وإن ظلت الشكوك تتجه إلى كونه هو من ألقى بها من الشرفة إلى الدار الآخرة.
الجريدة الرسمية