التجسد الإلهي
الإنسان له إمكانية الإيمان بتجسد المسيح بالفكر والعقيدة.. هذه حقيقة تاريخية ظهرت في حياة الإنسان الذي كان يعيش بالروح والقلب النقي وحياة الخلوة، فالإنسان الروحي له إمكانية الوصول لله بخلاف الإنسان العادي.. في العقل المصري القديم معروف أن قدماء المصريين كانوا يعبدون الله عبادة طاهرة بعيدة كل البعد عن الشر، كانوا يؤمنون بالقيامة والحياة الأخرى من خلال تأملاتهم النقية وصلوا إلى إمكانية التجسد الإلهى فيقولون إن الإله "حارمحب" حُبل به بواسطة روح آمون وحُبل به عذراء كذلك يتحدثون عن الإله يتاح إله الخلق الذي نفخ روحه القدوس في بقرة عذراء فولدت الإله أيبس.
في الفكر الوثني القديس أغسطنيوس يذكر في اعترافاته أنه بحث عن الله كثيرًا في كتب الفلاسفة العظماء وفى الطبيعة أيضًا ولكنه لم يجد الله.. لأن الله كان بداخله وبعمق شديد إكثر من نفسه.. لذلك عندما عزف عن البحث الخارجى عن الله وعاش حياة الخلوة وصل إلى إمكانية حلول الله القدوس في أعماق ذاته.
في العقل اليونانى القديم: كانت الفلسفة في ذلك الحين منتشرة وبشدة.. لقد أجهد أفلاطون عقله في إدراك الله وعندما فشل عن إدراكه طلب من الله نفسه أن يعلن له حقيقته بنزوله أو بإرسال ابنه الوحيد إلى العالم لكى يدركه.
في الفكر اليهودي: كان الفكر اليهودى قديمًا يتركز في إمكانية وجود الله مع المخلوق الناطق وإمكانية التحدث معه، لذلك نرى القائد والملك العظيم داوود النبى يطلب الله أن يبنى له مسكنًا لكى يتحاور معه فيه، وبعد أن يحل الله فيه.. ومن هنا كانت فكرة بناء الهيكل الذي بناه ابنه سليمان.. لكى يحل الله بين الشعوب والأمم.. ولعل هذا الفكر هو الذي سيطر على جميع الديانات في بناء بيوت الله في كل مكان وزمان.
في الفكر التصوفى: المتصوفون هم أقرب أقرب الناس للإيمان بحلول الله، لأن المتصوف هو إنسان يخلو مع نفسه فيشعر بضعفه أمام الله، عندئذ يطلب من الله المعونة والمعرفة حتى يصل للحقيقة.
[ إن الإله يستطيع أن ينزل وياخذ شكل الإنسان ويأخذ جسده ولكن الإنسان نفسه يعجز عن أن يمسك الله بفكره. وهذا ما نجده في الأبحاث قصة شخص من مدينة بغداد بالعراق في القرن العاشر الميلادى عاش حياة التصوف (حياة الاختلاء بنفسه وتأمله في حقارة نفسه واحتياجه لله) ثم نادى بعقيدة حلول الله في البشر كضرورة للحياة.
في فكر الأنبياء: لقد تحدث الأنبياء عن تجسد السيد المسيح له المجد من فتاة من بيت داوود اسمها مريم العذراء قبل مجيئه بأجيال كثيرة [آلاف السنين] وتحدثوا بكل وضوح ونتذكر على سبيل المثال قول أشعياء النبى قبل التجسد الإلهى بـــ 850 سنة "ها العذراء تحبل وتلد ابنًا وتدعو اسمه عمانوئيل".. (الله معنا) 14:7 وقوله أيضًا "لأنه يولد لنا ولد وتكون الرئاسة على كتفه ويدعى اسمه عجيبًا مشيرًا إلهًا أبًا أبديًا رئيس السلام" 6:5.
لذلك يوضح لنا القديس بولس الرسول بقوله لأنه إذ كان العالم في حكمة الله لم يعرف الله بالحكمة، استحسن الله أن يخلص المؤمنين بجهالة الكرازة، 1كو21:1 وتفسير قول الرسول إن كبرياء الشخص واعتزازه بحكمته يجعله في حيرة أمام الله لكى يدركه تمامًا.. الله البسيط لم يأت للفلاسفة والله فقير لم يأت للأغنياء والله متواضع لا يأتى للعظماء والملوك فقط.. إنما الله جاء للكل.
[الله ظهر في جسدنا] جسد الغنى والفقير والفيلسوف والبسيط والإنسان الأسود والأبيض.. محبته للجميع لم يرفض الخطاة، لذلك تحدث وجلس معهم، جاء ابن الله "المتجسد" ليشهد للحق لذلك رفضه لليهود المراءون، جاء وديعا ومتواضع القلب لذلك رفضه اليهود المتكبرون، جاء من أجل السلام والمحبة والمصالحة لذلك كرهه اليهود وصلبوه، لقد ظل الإنسان القاسى يعبد الإله المجهول إلى أن جاء ملء الزمان فيقول القديس يوحنا الرسول "الله لم يره أحد قط الابن الوحيد الذي في حضن الآب هو خبر" فيلبس الرسول عندما طلب أن يرى الله قال له يسوع أنا معكم كل هذا الزمان ولم تعرفنى يا فيلبس الذي رآنى فقد رأى الآب الذي أرسلنى فأنا مستغرب منك يافيلبس أن تقول أرنا الآب الست تؤمن أنى أنا في الآب والآب في.. فعرفنا محبة الله لنا في ابنه المتجسد يسوع المسيح "هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية، ففرحت الملائكة في ذلك اليوم .. المجد لله في الأعالى وعلى أرض السلام وبالناس المسرة.