رئيس التحرير
عصام كامل

بالفيديو.. أستاذ طب أطفال يحذر: هذه قائمة الأمراض الوراثية الخطيرة الناتجة عن زواج الأقارب

فيتو


  • ارتفاع معدلات الأمراض الوراثية بمصر الناتج عن زواج الأقارب إلى 35%

  • مرض "تدهور الجهاز العصبى" الأكثر خطرًا من السرطان ونقف أمامه عاجزين

  • التليفزيون وهواتف المحمول أبرز أسباب الإصابة بـ "التوحد" عند الأطفال


زادت في الآونة الأخيرة الأمراض الوراثية والإعاقات الذهنية والفكرية بين عدد كبير من الأطفال بمحافظة كفر الشيخ وتحديدًا القرى التي يعتاد أهلها على تزويج بناتهم لأقاربهم من الشباب، وللتعرف أكثر على خطورة بعض تلك الأمراض مثل التوحد والقصور الذهنى والعقلى، وعلاقتها بزواج الأقارب، وكيفية تعامل الآباء والأمهات مع أطفالهم، كان لـ"فيتو"، هذا الحوار مع الاستشارى الطبيب إيهاب رجاء أستاذ طب الأطفال والوراثة بالمركز القومى للبحوث واستشارى أمراض المخ والأعصاب للأطفال وذوى الاحتياجات الخاصة.

* بداية ما علاقة زواج الأقارب بالأمراض الوراثية على أنواعها المختلفة؟
الأمراض الوراثية متعددة الأسباب وأكثرهم شيوعًا في العالم العربى أو الشرق الأوسط، "أمراض الورثة" ذات الصفة المتنحية، وتحدث في أغلب حالات الأقارب حتى إن كانت درجة الأقارب بعيدة، وسمات الأمراض الوراثية الناتجة من زواج الأقارب تصيب الإناث والذكور، ويوجد نسبة عشوائية 50 في المائة من الحالات الطفل يشبه والديه، و25% يكون معافى تمامًا ولا يحمل الصفة الوراثية، و25% يحصل على صفة وراثية من كلا الوالدين فيجتمع معًا ويظهر المرض الوراثى، ومن أكثر الأمراض الوراثية شيوعًا (القصور الفكرى الإدراكى والإعاقات الذهنية - أنيميا البحر المتوسط - بعض أمراض تكوين حجم الجمجمة الوراثى المصحوب تأخر في القدرات المعرفية واحيًا بنوبات صرعية).



*  هل الفحص الوراثى ما قبل الزواج يقى من تلك الأمراض الوراثية أو ينوه عن حدوثها فيما بعد؟
الفحص الوراثى ما قبل الزواج ضرورى جدا جدا والإرشاد الوراثى فيما بعدها، قد يقى من أمراض خطيرة جدًا على سبيل المثال (مرض (الفينيل كيتونيوريا pku )، وهو أحد الأمراض الوراثية المتعلقة بالتمثيل الغذائي (أو ما يطلق عليه الأطباء بالأمراض الاستقلابية)، وهو مرض نادر على مستوى العالم، ويندرج تحت مجموعة أمراض الأحماض العضوية، ويتلخص هذا المرض في عجز جسم الإنسان في تكسير نوع من العناصر البروتينية، واختصارا لاسمه الطويل إلى حد ما فان الأطباء يطلقون عليه اسم مرض (بي كي يو) PKU وهي اختصارا لكلمة (Phenylketonuria)، ويصيب بنسبة واحد إلى كل 10 آلاف طفل ناتج من زواج أبوين أقارب، وهو يعنى التأخر الكامل في جميع المهارات واكتساب اللغة وقصور ذهنى معرفى ونوبات تشنجية صرعية وقد يصل إلى التوحد ذات المتلازمة الوراثية، وقد يمكن الوقاية من هذا المرض والكشف عنه بسهولة ولذا على كل عروسين مقبلين على الزواج من ذوى الأقارب أن يسألا في شجرة العائلة عن الأمراض المعروفة لدى العائلة، وفى بعض الأحيان يأتى أحد أفراد العائلة يخبرنا أنه يوجد أقارب متزوجون في شجرة العائلة ولا يوجد أي إصابات وراثية، أجيبهم "أننا لا نعلم الأجيال العليا سواء سابع جد أو ثامن جد ويختفى الجين الكبير فترة طويلة ثم يظهر"، ولا بد أن نتجنب تمامًا زواج الاقارب قدر الإمكان.

ومن الصعب التكهن بأن نعلم إذا كان زواج الأقارب سينتج عنه أطفال يحملون أمراض وراثية أم لا، لأننا كما قلنا يوجد صفات متنحية غير ظاهرة ولكن من المهم دراسة شجرة العائلة دراسة تفصيلية لأننا يمكن أن نكتشف مرضا وراثيا يمكننا الوقاية منه، وإذا حدث هذا الزواج لا بد أن نلتزم بالمشورة الوراثية ونتابع الحمل والولادة خطوة بخطوة.

* هل التخلف العقلى الشديد له علاقة بزواج الأقارب؟ 
أود أن أعترض أولًا على كلمة "التخلف العقلى الشديد" الشائعة في الإعلام أو التي يرددها بعض المراكز الطبية، فهذا الكلمة ألغيت تمامًا من الثقافات الغربية، ولا بد أن نغير هذا المفهوم في الدول العربية، لأن كلمة التخلف العقلى الشديد عندما تُقال لأحد الأبوين هي كلمة صادمة وجارحة لأولياء الأمور ومعناها أن ابنك أو بنتك تم تدميرهم وربنا يعوض عليك وهذا كلام غير مقبول إنسانيًا أو طبيًا أو مهنيًا، ولا بد أن نستبدله بكلمة (قصور معرفى أو ذهنى أو ادراكى أو ذوى الإعاقة الذهنية) وبالطبع زواج الأقارب هو المسئول الأكبر عن أكبر نسبة شائعة لمثل هذه الأنواع من الإعاقات الفكرية أو الذهنية، من خلال جينيات مختفية لا تظهر لأول مرة، ويوجد أسرة تكرر لديها ولادة طفل بجمجمة صغيرة وتأخر شامل فكريًا وذهنيًا.

* ما أخطر الأمراض الوراثية الناتجة عن زواج الأقارب؟
يوجد أمراض أشد خطورة من السرطان، وهى أمراض تدهور واضمحلال وتحلل الجهاز العصبى وليس لها علاج حتى الآن، وتبدأ ظواهر المرض أما بعد الشهور الأولى من الولادة أو في السنوات الأولى عقب ارتفاع شديد في درجات الحرارة أو إصابة دماغية، ويبدأ الطفل في فقدان تدريجى لكل ما اكتسبه فلا يستطيع التكلم أو الجرى أو المشى أو الوقوف ويرقد حتى الوفاة، وهذا النسبة خطيرة تمامًا ونقف كأطباء امامها عاجزين تمامًا، ويأتى الأهل في حالة فزع شديد ويطلبون الأمل والامل فقط في الله لأنه على المستوى الطبى أو المهنى ليومنا هذا لم يتم اكتشاف لعلاج مثل هذه الأمراض (أمراض تدهور الجهاز العصبى المركزى - أمراض ضمور العضلات الوراثى - دمور الاعصاب الوراثى)، يوجد قائمة مفزعة خطيرة من الأمراض الوراثية الناتجة عن زواج الأقارب، ولا بد للأهالي أن يتعقلوا ويقوموا بعمل وعى وراثى عن أمراض الوراثة بدءًا من المرحلة الثانوية في شجرة العائلة، ولذا أوجه تحذيرًا للأهالي أن يبعدوا أبناءهم وبناتهم عن قصص حب وزواج الأقارب ليجنبوا أولادهم المآسى الناتجة عن زواج الأقارب التي نراها كل يوم، وأحيانًا عندما ينجب الزوج أطفالا بأمراض زوجته يترك من هي (قريبته في الأساس) ويذهب ليتزوج غيرها. 

لماذا لا تقومون بعمل حملات توعية في الإعلام باستمرار ومن خلال الجهات المعنية للتنبيه بخطورة زواج الأقارب؟
يوجد لدينا مراكز وعى وإرشاد وراثى في جميع الجامعات بأقسام طب الأطفال وأحيانًا بأقسام مستقلة وأنا شخصيًا أشرف بالانتماء لمؤسسة علمية عريقة وهى المركز القومى للبحوث، بالإضافة أننا نسعى دائمًا لتوصيل صوتنا إلى الإعلام كما يحدث معكم الآن، ووزارة الصحة ممثلة في قطاع الإعاقة تبذل جهدًا طيبًا في هذا الشأن، حيث يوفر ألبانا خاصة لأمراض التمثيل الوراثى مثل مرض (كيتونيوريا) نضطر كعلاج وقائى المنع من نسبة كبيرة من البروتين والألبان العادية فوزارة الصحة تخصص جزءا من الميزانية لمثل هذه الالبان وتعطيها بالمجان للأهالي وتقوم بالتوعية الوراثية لطالبى الخدمة بالمحافظات من خلال مراكز رعاية الأمومة والطفولة وهى أفضل جهة داعمة لنا كمراكز بحثية متخصصة سواء كمراكز علمية أو مراكز وعلاجات متخصصة في الكليات الجامعية.

* هل توجد أبحاث رسمية عن نسبة أمراض زواج الأقارب بمصر؟
يوجد أبحاث كثيرة أثبتت أن نسبة تتجاوز الـ 30 % في بعض المحافظات تعانى الأمراض الوراثية، وتصل للـ 35% في محافظات أخرى مثل الواحات وقرى الصعيد، وهذه نسبة كبيرة جدًا وتعنى أن معدلات الإعاقة في ازدياد.


 *إلى أي مدى تؤثر الأم المدخنة على حياة وصحة الجنين؟ وهل لذلك علاقة بمرض التوحد؟
الأم المدخنة كارثة والأب المدخن كارثتان، لأنه تسبب عن طريق تيار التدخين غير المباشر الذي تستنشقه الأم محملًا بسموم عالية جدا، ومن أشهر أسباب التوحد أيضًا "السموم البيئية المكتسبة" وهو ما يحيط بالطفل من هواء ومأكل ومشرب، والفحوصات أثبتت أن مادة الالومنيوم المنتشرة في ارجاء البيئة المنزلية وفى التطعيمات كعنصر مساعد لفاعلية التطعيم وفى الأطعمة المغلفة برقائق الألومنيوم، وكذلك في مياه الشرب التي تنقى بمادة الشبه وهى بكبريتات الألومنيوم، وجد أن قابلية هؤلاء الأطفال ذوى المخاطر العالية لاختزال الألومنيوم بكميات عالية تفوق القدرة الطبيعية للجسم للتخلص منها تتسرب رويدًا إلى خلايا المخ، اذن المؤثرات البيئية أصبحت أكثر فاعلية بالمرض على تنوعها استنادًا إلى القابلية الوراثية منذ البداية، لكن التعرض لمثل هذه العوامل المبكرة تنشط حدوث المرض.

* هل يوجد علاقة بين مرض التوحد والتعرض المبكر للأجهزة الإلكترونية كالتليفزيون والتليفونات المحمولة؟
هذه كارثة كبيرة، ويوجد فهم عند الأهالي باعتقادهم بأن مثل هذه الأجهزة تساعد على نماء اللغة سريعًا، وهذا خطأ لأنها تأتى بنتيجة عكسية ومنها برامج التليفزيون والموسيقى والأغانى مثل طيور الجنة وغيرها والتعرض لليوتيوب في سن مبكرة للطفل وقد زاد هذا الأمر بعد خاصية "التاتش سكرين"، وأنصح بأن لا يتعرض الطفل لأى أجهزة إلكترونية قبل سن الـ 3 سنوات لأننا في بيئة تسيئ استعمال الأجهزة الإلكترونية، والمفترض في الثلاث سنوات الأولى أن يتعلم الطفل والتفاعل اللغة والمهارات الاجتماعى بالمشاهدة الحية، ولا يظل مجرد متلق ومنبهر لما يعرض أمامه على شاشة التليفزيون أو أمام أجهزة السمارت فون ويظل بالساعات الطوال صامتًا لا يستخدم اللغة ولايتفاعل مع الوالدين، والأهالي سعيده بذلك وتظن أن الطفل جالس هادئ، وما لا يعلمونه أن طفلهم حاليًا يتعرض لكارثة كبيرة ستظهر فيما بعد، وجميع الحالات التي جاءت لنا لتطلب الإرشاد في كيفية التعامل مع طفلهم المصاب بالتوحد أقروا خطأ كبيرًا متمثلًا في تعرض الطفل للتلفاز في سن مبكرة أو التابلت أو التليفونات المحمولة التاتش بأنواعها بالساعات الطويلة بل إن بعض الأهالي أقروا أنه منذ الأشهر الأولى والتلفاز مفتوح ليلًا ونهارًا، ونحذر من ذلك مرات ومرات. 

*هل يوجد علاقة بين مرض التوحد وإفراط الأطفال في تناول الحلوى والعصائر؟
نعم هو نوع من أنواع التلوث البيئى المحيط بالأطفال، ويتمثل في تناول الحلوى والعصائر بصورة مفزعة تشبه الاعتماد على المواد المخدرة وبالطبع ينتج عن ذلك زيادة متدرجة في الوزن وشراهة هستيرية في هذه الأطعمة المحملة بالسموم البيئية المضافة إلى الأطعمة، والمضاف إليها ألوان ونكهات صناعية والمشبعة بالدهون والكوليسترول والسكريات الأحادية أو الثنائية مثل الجلوكوز، وهى مواد لا تسمن ولا تغنى من جوع، والأهالي للأسف يظنون أنها مواد مشبعة وهذا فهم خاطئ ويسبب العديد من الأمراض والأصح هو تناول الأطعمة الصحية مثل الخضراوات والفاكهة والألبان الطبيعية.


إذن إجمالًا فإن الطفل يولد ببصمة وراثية وقابلية وراثية في الشفرة الوراثية سلفًا، ثم يتعرض من خلال حياته الرحمية لضغوط الأم وتغيراتها النفسية ثم أثناء الولادة ثم ما بعد الولادة في غرف الحضانات بالمستشفى وخضوعه للتنفس الصناعى، ثم بعد ذلك يتناول لبنا صناعيا غير طبيعي فبالتالى حُرم من المناعة والعلاقة الدافئة بينه وبين الأم التي تصله من خلال الرضاعة الطبيعية، فتبدأ برودة العلاقات الاجتماعية، ثم رويدًا أطعمة غير مصرح بها للسن الصغيرة لأن الإنزيمات الهاضمة لم تنضج بعد، ثم أجهزة إلكترونية وبيئة غير متفاعلة مع البشر على التليفون أو في شاشات التلفاز فهى بيئة افتراضية فهو لا يرى من يتحدث إليه أمامه.

 *ماذا عن بعض مراكز صعوبات التعلم، والتي تعطى عقاقير طبية من شأنها مساعدة الطفل على الكلام؟
هذا المراكز تبيع الوهم، وأريد أن أحذر من المراكز الطبية التي تبيع الأوهام لاسرة الطفل المصاب بالتوحد، وكل يُباع فيها سواء عقاقير مساعدة أو محفزة للكلام، كل ذلك هراء ولا يوجد له أي سند طبى أو أساس علمى ولم تثبت البراهين العلمية أن لمثل هذه الأمور أي فائدة تذكر بل على العكس قد تؤذى الطفل، واكرر أنه لا يوجد أي علاج للتوحد عند مراكز التعلم ولا يوجد شيء اسمه علاج الكلام عند أطباء الكلام والتوحد، والعلاج في إصلاح المسار الخاطئ للأسرة مع تجنب الأسباب المؤدية إلى التوحد.



*ما علاج التوحد؟ وكيف يمكن أن تتعامل الأسرة مع طفلها المصاب بالتوحد؟
الرجوع لأحضان الأسرة الدافئة بالعلاقات المهذبة الحانية مثل الأب والأم والأقارب، ولكى نعود بالطفل ليكون طبيعيًا ويقدر على التكلم، نحن عمارة كأطباء نسميها من عدة أدوار، الدور الأول وهو؛ الانتباه لكافة الحواس والإنصات للحاسة السمعية، وثانيًا؛ أن يدرك الطفل أن هناك من يتحدث إليه، ثالثًا؛ أن يميز بين أسرته وأقاربه وأصدقائه، رابعًا؛ القدرة على التشفير في المخ بأصوات الحروف، خامسًا؛ أن يتعلم المحاكاة والتقليد والذاكرة العاملة، ومن خلال ذلك يستدعى الكلمة فتأتى، وبدون تلك الخمس عوامل لن يتحدث الطفل أبدًا.


ومراحل الكلام ستبدأ معه بـ (النطق أولًا - الكلمات البسيطة - الجملة المركبة من كلمتين أو ثلاثة - الحوار).


* نصيحة توجهها لكل أسرة عن كيفية التعامل مع أطفالهم ليكونوا أطفالًا أسوياء؟ 
مثلما تهتموا بملابسهم ومستوى التعليم وغيره؛ اهتموا أكثر بالعلاقات الأسرية الدافئة والمداعبة المباشرة مع الأطفال والتحدث إليهم وسرد القصص عليهم، واستغنوا تمامًا عن البدائل و(لا تتقبلوا أن يكون لكم بديلا إلكترونيا)، وأريد أن أكرر ليتنا نتوقف عن زواج أقارب ونعلم أولادنا أن أقاربنا هم أخوتنا وفقط منعًا للدخول في قصص حب وزواج نهايتها مأساوية واعملوا بحكمة ( تباعدوا تصحوا).

الجريدة الرسمية