رئيس التحرير
عصام كامل

«ليمان طرة».. حكايات من دفتر سجن الإنجليز.. أسسه البريطانيون لاحتجاز وتعذيب الفدائيين.. السادات يأمر بتوسعته بعد انتفاضة 77.. رؤساء ومشاهير أبرز زواره.. ومصدر أمني يكشف خريطته الداخلية

فيتو

على مشارف المدخل الجنوبي الشرقي لمدينة القاهرة، وعلى بعد أمتار قليلة من حدود منطقة حلوان، يقع مبنى سجن "ليمان" طرة، الذي أنشأه الإنجليز في بدايات القرن الماضي؛ ليكون مقرًا لاحتجاز وتعذيب الفدائيين المصريين، الذين كبدوا قوات الاحتلال خسائر فادحة في الأرواح والمعدات.. وقتها ترسخت في الأذهان صورة مرعبة للسجن، وأصبح وسيلة للتهديد والوعيد: "هتروح الليمان".


سجن
وعقب جلاء الإنجليز في أعقاب ثورة يوليو عام 1952، استخدمت الحكومة المصرية المبنى الضخم ليكون سجنا حصينا، يأوي المحكوم عليهم في مختلف القضايا.. وعلى مدى ما يقرب من 100 عام، ضم ليمان طرة بين جدرانه عتاة الإجرام من القتلة الإرهابيين، وتجار المخدرات واللصوص، والمسجونين السياسيين، وكبار المسئولين السابقين، ورجال الأعمال الفاسدين، وغيرهم.

الألغام
"سجن طرة" أنشئ عام 1914 على الطراز الإنجليزي، وكان ارتفاع أسواره لا يزيد على متر ونصف المتر، تعلوها كميات كبيرة من الألغام، ويحرسها جنود الاحتلال بأسلحتهم المختلفة، على مدى الـ"24 ساعة"، وتم تخصيص جزء منه ليكون إصلاحية للصبية المتورطين في أعمال إجرامية، إلى جانب احتجاز المعارضين والمناضلين ضد الاحتلال البريطانى للبلاد.. هكذا بدأ اللواء مصطفى باز، مساعد وزير الداخلية لقطاع السجون سابقا، حديثه عن تاريخ "ليمان طرة".

وأضاف: "كان السجن تابعًا لوزارة الشئون الاجتماعية، ومازالت بداخله بعض المبانى تحمل لافتات مكتوبا عليها: وزارة الشئون الاجتماعية – إدارة سجن ليمان القاهرة، ثم انتقلت تبعيته إلى وزارة الداخلية لتتولى الإشراف عليه وتأمينه والتصدى لمحاولات هروب السجناء من داخله أو اقتحامه من الخارج، وتطلبت عمليات التأمين تلك تطوير أسواره، فارتفعت في البداية إلى مترين ثم ارتفعت مرات أخر، إلى أن وصلت إلى 7 أمتار، وأنشئ فوقها عدد من أبراج الحراسة، يتمركز في كل منها جندي مسلح لرصد أي تحركات غير طبيعية، فضلا عن زرع كاميرات مراقبة متطورة على كل الأسوار ومداخل ومخارج السجن".

السادات

"أما من الداخل– والحديث ما زال للواء مصطفى باز- فقد أدخلت على ليمان طرة تعديلات عديدة، وشيدت عنابر ضخمة، يضم كل منها نحو 50 سجينا، ثم قرر الرئيس الراحل أنور السادات إجراء عمليات توسعة كبيرة للسجن بعد أحداث عام 1977، لاستيعاب الأعداد الكبيرة من المضبوطين والمدانين في جرائم جنائية وسياسية، فأُنشئ سجن الاستقبال وليمان المزرعة، ثم وضع النبوى إسماعيل، وزير الداخلية إبان حكم السادات، خطة جديدة لتطوير السجن، ودعمه بالقوات والأسلحة الحديثة، بعد أن ضم بين جدرانه سياسيين وقيادات في المعارضة وقتها، إلى جانب زيادة عدد المساجين الجنائيين".

وبعد حادث اغتيال السادات، حدثت أكبر عمليات توسيع وتشديد الحراسة بعد إيداع كل قيادات جماعة الجهاد والتكفير والهجرة، وغيرها من الجماعات المتطرفة بداخله، إبان حكم الرئيس الأسبق حسنى مبارك، وأثناء تولى اللواء حسن الألفى منصب وزير الداخلية، تم تدشين سجن شديد الحراسة (العقرب) ليكون محبسا للجماعات الإسلامية والتكفيريين، وهو مصمم على غرار السجون الأمريكية.

7 سجون فرعية

ووفقا لمصدر أمني رفض الإفصاح عن هويته، فإن سجن طرة يضم بداخله 7 سجون فرعية، هي: ليمان 1، وليمان 2، والاستقبال، وشديد الحراسة، والقاهرة، وطرة والمزرعة.. وبه 7 عنابر، يتسع كل منها لنحو 350 سجينًا، تم توزيعهم وفقًا لتصنيفات معينة.

وتوجد "زنازين" للحبس الانفرادي يوضع فيها بعض السجناء المخالفين للوائح السجن أو المشاغبين.. أما بالنسبة لأعداد السجناء الذين ضمهم ليمان طرة منذ إنشائه وحتى الآن، فيقدره البعض بنحو 800 ألف سجين، بعضهم صادر ضده أحكام يصل مجموعها إلى 360 سنة سجنا، وآلاف المحكوم عليهم بالمؤبد والإعدام.

السينما

رسخت السينما المصرية صورة سلبية عن سجن طرة في عقول المصريين، فما مدى صحة تلك الصورة على أرض الواقع حاليا؟ هذا السؤال طرحناه على اللواء دكتور مصطفى شحاتة، مساعد أول وزير الداخلية لقطاع السجون، فأجاب: "إذا كان المدان اعترف بجريمته وأصدر القضاء بمختلف درجاته حكما عليه، فلماذا أعذبه أو أهينه داخل محبسه؟ السجون أماكن للتهذيب والإصلاح وتأهيل المساجين كى يعودوا للاندماج في المجتمع مرة أخرى.. وحاليا أصبحت السجون أماكن للتعليم ومن داخلها حصل أشخاص على درجات علمية مثل الليسانس والبكالوريوس والماجستير والدكتوراه، وتعلم آخرون حرفًا يدوية مفيدة مثل النجارة والسباكة والحدادة".

مزارع للدواجن
"وهناك 3 آلاف فدان من الأراضي الزراعية بخلاف مزارع الدواجن، يعمل بها من يرغب ويحصل على دخل شهري مجزٍ.. أما معيشة السجناء وأماكن الاحتجاز، فقد شهدت تطورا ملحوظا، حيث تم تزويدها بأسرَّة مناسبة وتحسين التهوية، وهناك أماكن للترفيه وممارسة التمارين والألعاب الرياضية، كما تم الاهتمام بالرعاية الصحية للسجناء، وتحديث مستشفى السجن ليضاهي المستشفيات الخارجية، وبالنسبة للتغذية فهى متنوعة ويتم إعدادها وفقًا لتوصيات معهد التغذية".
الجريدة الرسمية