مرضى العناية المركزة «بين نارين».. مستشفيات الحكومة تصيبهم بقرح الفراش.. مستشار وزير الصحة: «نواجه نقصا في أسرة المخ والأعصاب والأطفال».. التمريض يزيد الأزمة.. و«الأسرة»
«نعمة».. مريضة تبلغ من العمر 70 عامًا، أصيبت بجلطة في المخ، بعدما كانت بصحة جيدة، سرعان ما ذهبت إلى طوارئ أحد المستشفيات الحكومية لعلاجها، إلا أنه بعدما تمكنت منها الجلطة، تم حجزها في سرير رعاية مركزة بوحدة المخ والأعصاب، لم تمر سوى أربعة أيام حتى تم إبلاغ الأهل بأنها أصيبت بقرحة فراش، وبعد أن انتشرت القرحة بالجسم، خرجت من المستشفى، إلى أن توفيت بسبب آثار الجلطة بعد عدة أيام.
الأمر لم يختلف كثيرًا مع مريضة أخرى تدعى "عزة"، عمرها 50 عامًا، أصيبت هي الأخرى بجلطة في القلب، وسرعان ما تم حجزها في رعاية أحد المستشفيات الحكومية، بوحدة رعاية الباطنة، ولم تمر سوى 3 أيام حتى أُصيبت بقرحة الفراش.
13 ألف سرير
الحالتان هما نموذجان من آلاف النماذج التي تصاب بقرح فراش في أغلب أسرَّة الرعاية المركزة بمستشفيات مصر، البالغ عددها 5 آلاف سرير في وزارة الصحة، وما يقرب من 13 ألف سرير في جميع أنحاء مصر.
طبيب رعاية مركزة- تحفظ على ذكر اسمه- قال لــ«فيتو» إنه لا يمكن منع قرح الفراش التي تصيب مرضى الرعاية المركزة، مشيرًا إلى أنه يمكن فقط تقليل حدوثها أو التخفيف منها من خلال مراتب هوائية ذات تقنية عالية توضع على السرير ينام عليها المريض، تخفف من الضغط على الجلد.. وحتى المستشفيات الخاصة غير متوفرة بها تلك النوعية؛ لأنها مكلفة، ولا توجد سوى مراتب هوائية عادية تقلل الاحتكاك بالجلد والتآكل، ويجب تقليب المريض على الجانبين كل ساعتين في اتجاهات مختلفة، فضلا عن وجود "رسمة" خلف سرير المريض، على التمريض اتباعها لتقليل فرص حدوث القرحة.
المستشفيات
والواقع الحالى في المستشفيات كشف عنه طبيب الرعاية المركزة، قائلا: «المراتب الهوائية عند تعطلها أو هلاكها لا يتم تعويضها في المستشفيات، فينام المريض على سرير عادي، مع ضغط العمل، وكثرة الحالات في الوحدة، وقلة أعداد التمريض، لدرجة أنه من المفترض أن تهتم الممرضة بحالتين فقط، ولكن نتيجة العجز في التمريض تتابع 5 حالات فأكثر، ويستحيل أن تقلب المريض كل ساعتين؛ فهذا أمر غير منطقى يفوق قدرات البشر».
وأشار إلى أن قرح الفراش لا تأتى نتيجة عدوى، ولكن الضغط لفترة طويلة على الجلد يصيب الجسم بعدوى تلتصق في الجلد الذي لا يحمى الأنسجة الداخلية في الجسم، ويمكن للميكروبات أن تخترق الجسم، كما تكون العضلات معرضة للهواء، وتتلوث، ويمكن أن تؤدى في النهاية بالمريض إلى تسمم دموى وصدمة، وقد تصل إلى عظام الجسم، وإذا لم يتم تعقيم السرير ما بين كل مريض وآخر يصاب بالقرح.
وأكد أنه في حالة الاهتمام بعملية التقليب وتوفر عدد تمريض كافٍ ومراتب هوائية، لن يصاب المرضى بقرح فراش، إلا أن ذلك غير مطبق بخلاف وجود طبيب يتابع 20 حالة، لن يتابعهم بكفاءة.
من جانبه، قال الدكتور شريف وديع، مستشار وزير الصحة للرعايات الحرجة ومنظومة الطوارئ، لــ«فيتو»: إن وزارة الصحة لديها 5225 سرير رعاية مركزة في المستشفيات التابعة لها، بينما العدد الإجمالى في كل الجمهورية، سواء في الجامعات أو الصحة أو القطاع الخاص يصل إلى 13 ألف سرير رعاية مركزة.
التمريض
وأشار إلى أن العجز في التمريض في كل التخصصات وليس في أسرة الرعاية المركزة فقط، مشيرا إلى وجود خطة في الوزارة لزيادة أعدادهم من خلال فتح مدارس جديدة وتأهيل التمريض للعمل بأسرّة الرعاية المركزة.
وعن مدى إصابة المرضى المحجوزين في أسرَّة الرعاية المركزة بقرح فراش، قال الدكتور شريف وديع إن نسبة من المرضى تصاب بقرح فراش بعد المكوث 10 أيام في سرير الرعاية.. وهناك نظم تتبع من خلال الخدمة التمريضية الطبية ووضع المرتبة الهوائية وتقليب المريض بنظام، وكون وجود قرح فراش يعنى أن المريض يزيد عدد ساعات عدم تقليبه في السرير، فضلا عن سوء التغذية أو حدوث التهاب في جسم المريض، ومن ضمن أساليب رفع نظم الجودة ومكافحة العدوى تقليل إصابة قرح الفراش ووقاية المريض من الالتهابات.
وأكد أن مشكلة توفير السرير مازالت موجودة، إلا أنها تحسنت كثيرا حاليا عما مضى، ونوعية العلاج في كل وحدة رعاية، لافتا إلى أننا اقتربنا من المعدلات العالمية في نسب أسرة الرعاية، إلا أننا مازلنا نواجه نقصا في بعض التخصصات، منها أسرة المخ والأعصاب والأطفال، كما أن ارتفاع سعر سرير الرعاية في القطاع الخاص أدى إلى تراكم الأعداد على المستشفيات الحكومية، والأعداد التي تذهب للمستشفيات الخاصة أصبحت قليلة.