انتفاضة مصر واحتجاجات إيران!
هذا أمر يجب التوقف أمامه مليًا.. الذين كانوا لا يصدقون أن انتفاضة يناير في مصر اقترنت في ذات الوقت بمؤامرة أمريكية كانت لا تستهدف فقط الإطاحة بحكم مبارك إنما تمكين الإخوان من حكم مصر، هم أنفسهم الذين ينددون الآن بالتآمر الأمريكي على إيران للإطاحة بحكم الملالي ليحل محله حكما مواليا للأمريكان.. الذين اعتبروا انتفاضة يناير كلها برمتها مؤامرة أمريكية وأغفلوا الأسباب الموضوعية التي أدت إلى خروج الجماهير إلى الشوارع، هم أنفسهم الذين يشيدون ويتباهون باحتجاجات إيران الشعبيه ويغضون الطرف عن التحريض الأمريكي السافر على استمرار هذه الاحتجاجات الذي يتولاه بشكل على الرئيس ترامب ذاته!
هذا التناقض الواضح والتضارب الصارخ في تناول الأمور والتطورات يُبين أنه ليس قمة تحليل موضوعي، إنما التحليل لدينا من قبل السادة الخبراء هو تحليل حسب المزاج.. أو تحليل حسب الانحيازات المسبقة والمصالح الخاصة.. إنه تحليل لا يستهدف الحقيقية، بل على العكس تماما يستهدف تشويه الحقيقة وإخفاؤها.
ومعنى هذا أننا ليس لدينا خبراء حقيقيون يتصدرون الآن المشهد الإعلامي، وليس لدينا أيضا إعلاميين قادرين على فرز هؤلاء الخبراء لتجنب مثل هؤلاء الخبراء الفالصو وتقديم الخبراء الحقيقيين الذين يتسمون بالموضوعية، أي الذين يفسرون الأحداث بشكل سليم وليس حسب المزاج أو الانحيازات المسبقة أو المصالح الخاصة.
إن إعلامنا هو الذي فتح الباب على مصراعيه أمام هؤلاء الخبراء الفالصو، ولذلك فإن العلاج لهذه المشكلة يبدأ بإصلاح أحوال الإعلام أولا، من خلال تمكين إعلاميين يستحقون أن يكونوا إعلاميين يقودون الرأي العام إلى الحق والحقيقة لا إلى الزيف والأكاذيب.