رئيس التحرير
عصام كامل

الجزار يروي قصة مقتل أمين عثمان

فيتو

في مجلة "روز اليوسف"، يناير عام 1956، كتب محمد الجزار، مدير بوليس القاهرة، يروي حلقات قصة مقتل أمين عثمان، وزير المالية في حكومة الوفد، فقال:


(في يوم 5 يناير عام 1946، وفى السادسة مساءً بشارع عدلي، كان هناك اثنان من الضباط يسيران في الشارع، يستعرضان واجهات المحال التجارية، حيث كنا في موسم الشتاء نرتدي جميعًا الكوفيات والبلوفرات الثقيلة.. وفجأة سمعنا بم بم.

قال أحدهما للآخر هذا صوت رصاص وضرب نار جاء من هنا من هذه العمارة التي خرج منها لتوه رجل غريب يجرى وحاطط يده في جيوبه التي يخرج منها الدخان.

جرى الضابطان خلفه متجهًا صوب ميدان الأوبرا، ثم وقف الرجل واستدار إلى الخلف وأطلق أعيرة نارية من مسدس كان في يده، ثم أطلق قذيفته الأخيرة وهى عبارة عن قنبلة يدوية انفجرت ثم اختفى عن الأنظار.

هاج الشارع وتجمع الناس وعاد الضابطان إلى نفس العمارة ووجدا رجلا ملقى على الأرض في مدخل العمارة ومصابًا بثلاث رصاصات، ثم نقل إلى مستشفى خاص لإسعافه لكنه أسلم الروح.

انتقل وزير الداخلية وضباطه ورئيس الحكومة محمود النقراشى ووزراؤه إلى مكان الحادث، وحضرت النيابة والنائب العام عبد الرحمن الطوبر باشا ثم انتقل التحقيق إلى قسم عابدين.

كان القسم عبارة عن خلية نحل وأشرف النقراشى بنفسه على التحقيقات.. فقد وقع الاعتداء على أمين عثمان، وقال النقراشى في القسم: هذا الحادث ليس إلا هدمًا لحرية الرأي والفكر، أن الخلاف في الرأي أمر حيوي وجوهري وليس معنى ذلك أن يقتل مصرى مثله لأنه يخالفه في الرأي.

وأضاف النقراشى: بالأمس قتل ماهر باشا لأن القاتل اعتقد أنه يختلف معه في الرأى وأنا كرئيس حكومة مسئول عن أرواح المواطنين ولا أسمح مطلقا بهذا، كما أن هؤلاء الشبان الذين يندفعون لارتكاب مثل هذه الحوادث، لم تكتمل تجاربهم، ونريد أن نعرف من الذي يحرك هؤلاء الشبان.

تولى الدفاع عن الجناة أمام محكمة الجنايات برئاسة عبد اللطيف محمد، وتولى المحامون الهجوم على النيابة والحكومة لتبرئة المقبوض عليهم من المتهمين.

حكمت المحكمة على المتهم الأول عشر سنوات سجنًا بتهمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد).
الجريدة الرسمية