من مدرسة «المشاغبين» إلى «الخونة» يا قلبي لا تحزن!
هل تعرف الكاتب الراحل (علي سالم)؟ لا تعرفه؟ معاك حق والله فأنت معذور جدًا؛ فمُعظمنا لن يعرفه لأنه دُفن حيًَّا بعد تكالب النخبة والغوغاء- على حدٍ سواء- عليه بعدما قرر القيام بتجربة فريدة من نوعها، فأخد سيارته -نعم سيارته وكانت نيفا كمان- وسافر إلى إسرائيل مُتطلِّعًا للتعرُّف على الحياة هناك، ومُلخِّصًا كُل ذلك في كتابه غير الشهير- لأنه اندفن بدوره مع صاحبه قبل رحيله- الذي سماه "رحلة إلى إسرائيل"!
المُهم أن (سالم) عوقب أشد العقاب على هذا الخطأ الذي أنهى حياته كمُثقَّف، وقتها كانت الحناجر المُثقفة بدورها تسبه وتلعنه وتدعو لمقاطعته، وربما وصل الأمر لقيام الجزَّار بمنع اللحمة عن بيته، وكذلك الفرارجي بمنع الفراخ، والسمَّاك معاهم، ليُحاصَر الرجُل تمامًا حتى رحل في هدوء محرومًا من اللحوم والطيور!
للعلم -وأكيد أنت لا تعلم- (علي سالم) هو مؤلف المسرحية الأشهر في تاريخ المسرح المصري مدرسة المُشاغبين، ومع ذلك لم يشفع له هذا، ولا أطالب على فكرة بأن يشفع له، لكن القاعدة تقول إن الرجُل طالما تعرَّض لكُل هذا لمُجرَّد سفره لإسرائيل في زيارة فضولية ليعرف كيف يعيش العالم هناك، واتُهم بالتطبيع وكدة، فلابُد وأن يتعرَّض أي واحد تاني لما تعرَّض له (سالم) ومتبقاش الحكاية خيار وفاقوس، لكن الواقع الذي نعيشه يؤكد أن هناك خيار وفاقوس وبدنجان مخلل كمان، خصوصًا بعدما خرس الجميع من النُخبة والإعلاميين عند زيارة (سعد الدين إبراهيم) الأخيرة -ليست الأولى- لإسرائيل!
ولأننا في زمن المسخ، بعدما أصبح الخائن يحمل باسبورًا رسميًا مكتوبًا فيه المهنة خائن لوطنه، أو جاسوس وعادي يعني، ويظهر في التليفزيون بشكل طبيعي ليبث أفكاره الخربانة في عقول مش ناقصة خراب بعدما سيطر عليها إعلام هلافيتي مُضلل، ودراما فاسدة كُلها بلطجة وسطحية، فقد خرس الجميع -من الخونة والمُضَلَلين- ولم ينطق واحد منهم بكلمة "بِم" أو يقول تِلت التلاتة كام ضد كبيرهم (سعد الدين إبراهيم) الذي زار إسرائيل، وقعد واستربع، وأكل وشرب، وهرشوله في ضَهره، بعد أيام من كارثة القُدس ليدعم موقفهم هناك، ويدعموا هُما كمان موقفه هنا وهناك، وتتحوَّل الحكاية لشيِّلني وأشيّلك!
وبحثت وانتظرت شوية إني ألاقي واحد زي (إبراهيم عيسى) أو (شكري فشير) أو (ممدوح حمزة) بيقول عيب يا (سعد)، ميصحِّش كدة يا (إبراهيم)، لكن وجدتهم مشغولين بالشجب والإدانة والاستنكار بسبب إعدام مُجرمين إرهابيين صدرت ضدهم أحكام نهائية بعد مُحاكمات طلعت روحنا خلالها بسبب الانتظار، وأدينوا -باعترافاتهم- بأنهم مُجرمون وسفاكو دماء بريئة طاهرة لمدنيين وعسكريين حذاء أقل واحد منهم أغلى من عائلة أي خائن برخصة من الذين ابتلينا بهم بعد ثورة يناير!
السيد (سعد) صاحب مبادرات الصُلح التي لا تيأس مع الإخوان، هو نفسه صاحب التطبيع والحُب الحُب والشوق الشوق مع إسرائيل، هو واحد من أهم المُدرسين في مدرسة الخونة المُتخصصين في بث السموم في مُجتمع مش ناقص والله، وأرجوك تفكَّر معايا بصوت عالي كده: أيام يناير كان صبيان (سعد) وتلاميذ مدرسته مشغولين بالبحث عن القصاص لكُل واحد وقع من على السلم وهو طالع، ولكُل واحدة انتحرت من بلكونتهم بسبب إن أُمها مكانتش راضية تحمَّر لها بطاطس ع الفطار، ولكُل بلطجي راح يقتحم قسم شُرطة، كانوا بيطالبوا بذلك مش حُبًا في الموتى ولا علشان سواد عيونهم، لكن علشان المُتاجرة بالقضية وشعللة الموقف من أجل الأوبيج، وكانوا عاوزين إعدامات بلا قيد أو شرط ولا مُحاكمة، النهاردة صاروا أهم المُعادين للقصاص والإعدام طالما المقتولين من الشرطة والجيش والشعب المسكين!
وحتى لا نخدع أنفسنا، فمفيش فايدة، و(سعد الدين إبراهيم) هينطلق في كُل القنوات المصرية بالتلاتة ليدافع عن نفسه، ويُضلل كالعادة، ويتحوَّل إلى نجم سينمائي فَشَر (كريم عبد العزيز) وهو طالع لنا من كُل برنامج ومسلسل واحتمال يمشي ع الحيط كمان بعدما تتهافت القنوات وأصحابها ومذيعينها عليه علشان الاستضافة الميمونة، وستضيع الحقائق في خناقات ومُداخلات تحت شعار البحث عن الحقيقة، لكن هذا في الحقيقة هو قتل مع سبق الإصرار للحقيقة، وترويج لأفكار سامة سيواصل بثَّها في عقول المساكين عن طريق ظهوره المُكثَّف المتوقَّع، فلن يُحاصَر ويُمنع عنه اللحم والفراخ والسمك والرُز البسمتي كما جرى لـ(على سالم)، بعدما زار إسرائيل لمرَّة يتيمة، لسبب بسيط؛ هو إن اللي له ضَهر (تركي قطري أمريكي إسرائيلي ستانلس ستيل) مينضربش على بطنه!