هل يسقط الربيع الإيراني النظام؟
ليس لدي أدنى شك في الدور الذي تلعبه الولايات المتحدة الأمريكية وبعض دول المنطقة المعروفة في الأحداث الإيرانية.. فالقول إن التظاهرات هي نتاج ربيع إيراني بحت هو قول مضحك، فإيران مرت بظروف أحلك من ذلك، ومع ذلك لم يثر الشعب، وقتها كانت إيران تصدر البترول خارج أوبك، وانخفضت قيمة العملة الإيرانية بشكل كبير، وزادت العقوبات الدولية وبخاصة الأمريكية عليها، وشعر الإيرانيون بأن الأرض ضاقت عليهم، ومع ذلك لم يثوروا.
حسن روحاني، الرئيس الإيراني، اتهم أعداء إيران بالوقوف وراء ما يحدث، ولكن على إيران أن تتوقع ذلك، فامتداد النفوذ الإيراني ودعم الحوثيين في اليمن، والخوف من أن تكون إيران تطور سلاحا نوويا، كلها قضايا تزعج الولايات المتحدة وإسرائيل، والكثير من الدول العربية.
لا أعتقد أن الولايات المتحدة تحاول أن تجد ذريعة لشن حرب على إيران، فترامب لا يحتاج لذريعة، لكن ترامب يعرف جيدا أن محاولة إسقاط النظام الإيراني من الداخل أقل بكثير من التكلفة الباهظة للحرب، كما أن النظام الإيراني سيصبغ دفاعه عن نفسه وعن إيران –في حال نشوب حرب ضده– بصبغة دينية، وبالتالي فإن تحويل إيران إلى سوريا أخرى أقل ضررًا في جميع الأحوال؛ لأنه سيوفر فاتورة الحرب، وسيقّلم في الوقت نفسه أظافر النظام الإيراني، الذي قد يسعى وقتها إلى التفاوض حول نفوذه.
أعود إلى السؤال الرئيسي، وهو هل ستتمكن تظاهرات الربيع الإيراني من إسقاط النظام؟ الإجابة "الظنية" هي: لا.. النظام الإيراني سيدافع عن وجوده لأن سقوطه يعني سقوط "الدولة الإسلامية" الإيرانية.. هناك من يراهن على ثورة "الشعب" الإيراني، ولكني أراه رهانًا خاطئًا.. فإيران ليست مثل سوريا، الجميع يعرف أن بشار الأسد كان يحكم سوريا بالحديد والنار، وبالتالي فالثورة ضده كان ثورة ضد الحاكم فقط، أما الثورة في إيران فتتطلب إسقاط النظام وإسقاط "الإسلاميين" في إيران، أو بقول آخر، إسقاط تجربة "الدولة الإسلامية" الإيرانية.
إذا كان الولايات المتحدة لا ترغب في شن حرب على إيران، فأقصى ما يمكن أن يحلم به الرئيس الأمريكي ترامب هو أن تتحول إيران إلى سوريا جديدة، بحيث يتم إرهاق النظام إلى درجة يضطر فيها إلى لملمة نفوذه، والانشغال فقط بمحاولة الدفاع عن وجوده.
في يوليو الماضي، نشرت صحيفة "الواشنطن بوست" المقربة من الرئيس الأميرين ترامب، تقريرًا للكاتب "راي تقيّة" – وهو إيران الأصل، بعنوان: "حان الوقت كي نستعد لسقوط النظام السياسي في إيران".. التقرير أشار إلى تظاهرات عام 2009، وقال بشكل حرفي: "الشيء المؤكد حول مستقبل إيران، أن أي حركة تظاهرات قادمة ستقوم في المستقبل محاولة تغيير النظام".. التقرير طرح سؤالًا عن إمكانية الولايات المتحدة إضعاف النظام في إيران.. الكاتب "راي تقية" قال إن الولايات المتحدة يجب أن تسعى إلى استنفاد طاقة "الصندوق الحديدي" في إيران، ولكن الأهم أن تسعى الولايات المتحدة إلى تقوية "المعارضين" في الداخل الإيراني.
لا أتوقع أن يُسقط الربيع الإيراني –أو الثورة في إيران– النظام الإيراني، اللهم إلا إذا كان "الحرب" الخفية على إيران لها خطط لم تُبصر النور بعد.. أما قول الرئيس الإيراني بوجود مؤامرات من أعداء إيران، فيمكني الرد عليه بالقول، أنه لا يوجد "مؤامرات" في علم السياسة، السياسة قائمة على نظرية "القوة"، ومنها تستمد نفوذك وتسعى لتغليب مصالحك.. وعندما تتعارض مصالحك مع مصالح دولة أخرى يتم اعتبارك "متآمرا على هذه الدولة.. التسليم بنظرية "المؤامرة" يعني أن العالم يتآمر على بعضه البعض، وهي حقيقة غير موجودة إلا لدى وسائل الإعلام، تسعى من خلالها إلى حشد وتجييش الشعوب ضد دول أخرى.