وبتحمي المستهلك من مين إذن يا سيادة اللواء؟!
أمس.. كان اللواء عاطف يعقوب، رئيس جهاز حماية المستهلك، في مداخلة على الهواء مباشرة مع الإعلامية عزة مصطفى ببرنامجها "صالة التحرير" على "صدى البلد".. راحت الإعلامية المحترمة تنقل لسيادته عنوانًا بإحدى الصحف يتحدث عن بدء تطبيق قانون إلزام التجار على السلع الأساسية.. حتى قرأت على مسامع سيادته جملة "وحمايتهم من جشع التجار" إلا أنه فجأة ينفعل ليبلغها رفضه استخدام مصطلح "جشع التجار"، بينما كان العنوان من الصحيفة وليس منها!
رد اللواء يعقوب المنفعل كاشفًا لفهم الرجل لدوره.. حتى ليعتقد أنه يوفق بين هؤلاء وأولئك ليس أكثر.. فهو لا يرى أن جهازه موجود لحماية المستهلكين.. ولا نعرف ممن سيحميهم إلا من الجشعين.. ولا نعرف استغلالا للمستهلك إلا من خارجين على القانون وعلى الأخلاق يستغلون معاناة الناس.. ويستغلون الوعي المنخفض لفئات منهم وبما يبعدهم عن اتخاذ قرارات تفضيلية لاستهلاكهم بما يحقق مصالحهم كما يحدث في دول أخرى يتسبب سلوك المستهلكين الجماعي فيها إلى انخفاض الأسعار!
قد يرى سيادته أن مهاجمة هؤلاء بهذا الاتهام قد يضر بالأسواق أو حتى بالاستثمار، بينما نرى أنه لا رابط بين هذا وذاك.. فالجشع موجود حتى في أكبر دول تستقبل استثمارات وسيبقى الجشع في كل مكان به بشر.. المهم أن نواجهه ليصل إلى أدنى مستوياته وفي أقلها ضررًا بالناس.. وأن نحوله إلى استثناء وليس أصلا.. كما أن مصر تحتاج إلى تجار ومستثمرين حقيقيين ولا تحتاج إلى لصوص ومجرمين.. كما أن المعنى الشامل لحماية المستهلك لا يعني الأسعار وحدها إنما يعني جودة السلع ومصادرها والمعلومات عنها والتنافس عليها في الأسواق وعدم احتكارها إلخ.. والمصريون يحترمون قرار وضع الأسعار على السلع، لكنهم يعتبرونه الحد الأدنى من الحقوق لإدراكهم أن تسعير السلع غير ممكن الآن ليس بسبب التوجهات الاقتصادية فحسب وإنما بسبب ما وقعته مصر من اتفاقيات، لكن إقرار القانون وتنفيذه يتطلب وجود المؤمنين به.. وبوجود من يؤمنون أنهم يقومون بمهمة مقدسة وشريفة تحمي الأغلبية الكاسحة من شعب مصر الطيب..
ولا نعتقد أنهم يحمونه من طيبيين شرفاء.. إنما يحمونه من جشعين مستغلين خارجين على القانون.. رغم إدراكهم ظروف البلد وشعبه.. ورغم رجاء ونداءات الرئيس.. أي أنهم جشعون مع سبق الإصرار والتربص!
من لا يؤمن بقضية ما لن ينجز فيها ولن يؤدي دوره كما ينبغي.. هذا الجهاز يحتاج واحدًا من الناس.. يمثلهم ويشعر بهم ويكون قادرًا على تطبيق توجهات الدولة وتنفيذ قوانينها، وقادرًا أيضًا على إحداث التوازن مع كل الغرف التجارية التي تعبر عن الطرف الآخر ومعها كل التجمعات والتكتلات الأخرى لأصحاب المصالح!