رئيس التحرير
عصام كامل

«أبواب مغلقة وعيون مستيقظة» هكذا قضى جيران كنيسة حلوان ليلتهم

فيتو

في العاشرة من صباح أمس كانت "سمية" ترتدي جلبابها الأسود، لتذهب إلى "فرن العيش" بشارع خالد بن الوليد بحلوان؛ لتشتري الخبز وطعام الإفطار لعائلتها، كما اعتادت كل صباح.


وبينما خطت "سمية" أول درجات سلم منزلها، سمعت صوت رصاص، اعتقدت أنه من "بتاع الأفراح"، فتقول: "رجعت قولت لنفسي إزاي واحنا الصبح.. طلعت جري على السطح، عشان أشوف إيه اللي بيحصل، وخفت أدخل بيتي وافتح الباب على عيالي، وأول ما شوفت الراجل اللي بيضرب نار فضلت أصوت".

وتابعت "سمية" أو "أم نورهان" كما تحب أن يناديها جيرانها: "فضلت طول الليل صاحية خايفة على بناتي وعيلتي، وقفلت الباب بالمفتاح، وكمان الدنيا كانت هادية بعد الساعة 9، وفضلت أتابع الأخبار من التليفزيون، وكان أول يوم منزلش أجيب فطار زي عادتي وفطرنا بالموجود".

والتقطت الحديث ابنتها نورهان، فتاة في عقدها الثاني، قائلة: "إحنا كنا عايشين في رعب طول الليل، مش عارفين ننام من الخوف على نفسنا والحزن على جيرانا إلى ماتوا، أنا عندي امتحان وخايفة أروح أشتري الملازم بتاعت المواد، بعد ما كنت بمشي في حلوان في أي وقت، دلوقتي بقيت خايفة بالنهار أكتر من بالليل".

بالرغم من سطحية العلاقة بين جيران شارع "مصطفى فهمي" إلا أن السلام كان حلقة وصل بينهم، فحارس الكنيسة كان دائم المساعدة لـ"أم نورهان" فكلما رآها تحمل أغراضا ثقيلة كان يحملها عنها، ويوصلها إلى منزلها المجاور للكنيسة بمحبة.

وعن العلاقة الشخصية بين سمية والشهيدة "إيفلين" إحدى ضحايا الحادث الإرهابي، تؤكد أنها لم تر منها سوى الطيبة والاحترام، فهي لم تلتق بها كثيرًا لطبيعة عملها كمدرسة، وفي المرات القليلة التي التقيا فيها لم تشهد منها سوى الاحترام، وأشارت إلى أنها سألتها يوما عن مساعدتها لابنتها "نرمين" الصغيرة في مادة اللغة الإنجليزية قبل الامتحان.

"عدى علينا أصعب يوم في حياتنا امبارح، قفلنا بوابات البيت بجنازير، بعد ما كنا بنام وهي مفتوحة، والأمان كان موجود، مدوقناش طعم النوم خصوصا إننا في وش الكنيسة بالظبط، وعيالي طول الليل بيعيطوا من المشاهد إلى شافوها"، هكذا بدأت أم مصطفى حديثها، والدة محمد الذي حمل السلاح وحاول السيطرة على الإرهابي، الذي رفض التحدث لنا عن تجربته.

وتابع مصطفى نجلها الأكبر: "أمي رفضت نزولي أنا وإخواتي من البيت من الخوف علينا، بس ورانا شغل وحاجات كتيرة مجبرين ننزل".

المحنة التي مروا بها جميعًا جعلتهم يتناسون من المسلم ومن المسيحي، وقفوا جنبًا إلى جنب، وذهبوا ليؤدوا واجب العزاء في جيرانهم، والوقوف معهم لمشاطرتهم أحزانهم.
الجريدة الرسمية