رئيس التحرير
عصام كامل

«خلع الإخوان».. السلفيون يروجون للسيناريو بوقائع «غرور الجماعة».. التيار الإسلامي يرفع شعار «فراق بما لا يخالف شرع السياسة».. وعاصم عبد الماجد يتفرغ يوميا لفضح ممارسات ال

عاصم عبد الماجد
عاصم عبد الماجد

هجوم متصاعد.. فتن دائرة.. حروب وصراعات متدنية.. رصد ما يحدث داخل قوى التيار الإسلامى، لا يمكن أن تخرج بعيدًا عن المصطلحات السابقة، والتي يمكن أن يضاف إليها “الانقسام”، حيث أصبحت جماعة الإخوان، المصنفة إرهابية، في جانب، والجماعات الدينية الأخرى في جوانب متفرقة، لكن يوحدهم جميعًا الهجوم عليها، تفرغوا لها مؤخرًا، بعدما فشل معظمهم في تنفيذ سيناريو إرباك الدولة المصرية، للعودة للواجهة السياسية والاجتماعية من جديد.


وتشهد مواقع الـ”سوشيال ميديا” بشكل يومى معارك كلامية، قذائف تنال من الفكر والمسار السياسي، وحتى عقيدة الجماعة، ولم يترك المناهضون لها نقيصة واحدة إلا وألصقوها بها.

عقدة الكبر
أزمة الجماعة تتمثل في «عقدة الكبر» كما تحدث عنها قبل أيام قليلة، عاصم عبد الماجد، القيادى الهارب بالجماعة الإسلامية، الذي تفرغ خلال الفترة الماضية للهجوم على الجماعة، وقصفها بمدفعية الأرشيف المخزي، والمواقف المتناقضة لوضعها في حجمها الطبيعي، والإجهاز على شعبيتها المتداعية بالأساس بين التيار الإسلامي.

مصدر من تيار الوسط داخل “الإخوان” نفسها، أوضح لـ«فيتو» أن تصاعد الهجوم على الجماعة مؤخرا، سببه دوامات الفشل التي دخلت فيها، بينما خطابها كما هو، لا تغيير فيه، مشيرًا إلى أن قيادات الجماعة تصر دائما على أنها وحدها، دون غيرها من الجماعات، التي تتمتع بالرشاد الدينى والصلاح، ما يكفى للحديث نيابة عن الجميع، ويعتبرون أن أبناء الإخوان، تتوفر بهم هذه الصفات، بقدر أكبر بكثير من نظرائهم الإسلاميين، وتحديدًا السلفيين منهم، الذين يرونهم أبعد ما يكون عن الحكمة، وبعد النظر واتساع الأفق.

وأكد المصدر، أن طريقة تعامل الإخوان ورؤيتها لبقية عناصر التيار، باتت تزعج قيادات التيارات الأخرى، وخصوصا في المهجر؛ وكشف لـ«فيتو» تفاصيل لقاء جرى في فندق «مايناس وان سويت» بالعاصمة إسطنبول، حول المسار السياسي للإخوان وتفاجئ الجميع، بحديث استعلائي من قيادات الجماعة عن بصمتهم الكبيرة في تعميم نظرية «الاستضعاف» على الإسلاميين التي لولاها ما وصل بعضهم لتكوين أحزاب سياسية، ما زالت تستكمل مسارها في مصر، رغم حل الحزب الرسمى للإخوان «الحرية والعدالة».

وأشار المصدر إلى ذهول المجتمعين، وخصوصا الدكتور عطية عدلان، القيادى السلفي، بسبب اعتبار القيادات، أن مبادئ الإخوان هي التي حملت أذرعها، في أقطار عربية وإسلامية عدة، على التبرؤ «ظاهريا» من جماعتهم الأم، واكتفت بالممارسات السياسية بوصفها أحزابا مدنية ديمقراطية، يجرى عليها ما يجرى على غيرها، بل إن تيار النهضة التونسية امتدح العلمانية، وهى العدو الرئيسي للإسلاميين على طول الخط، واعتبروا ذلك «مصلحة دينية وتدرجا مطلوبا».

الغضب المتزايد
“لعنات تتزايد.. وسخط لا ينقطع على استعلاء الجماعة يتصاعد يوميا”، هكذا استكمل المصدر حديثه، مؤكدًا أن السلفيين تحديدا، من أقصى اليمين لأقصى الشمال، هم أكثر الناقمين على المواقف والمسارات السياسية والاجتماعية والتنظيمية للإخوان، لافتا إلى أنهم يستشعرون أحيانا أن كبار الجماعة يستلذون بإثارة نزعة الدونية عند قيادات السلفيين، وهو ما حملهم على تجاهل حديثهم عن ضرورة تسوية الصراع بين الكبار والشباب في الإخوان.

وتابع: الإخوان تجاهلوا حتى الحديث في الأمر، رغم إثارته عبر أسامة رشدي، المستشار السياسي لحزب البناء والتنمية، والهارب من أحكام قضائية، بسبب مساندته وبعض قيادات حزبه للجماعة في أزمتها بعد ثورة 30 يونيو في 2013، وطالب بضرورة تسوية الأزمة، لا سيما أن انعكاساتها تخيم على جميع الإسلاميين، وتضيع القضية برمتها، وهو ما رد عليه القيادى الإخوانى المتطرف يحيى موسى، المتحدث الرسمى الأسبق باسم وزارة الصحة في عهد الإخوان، الذي حضر الحوار، بابتسامة سخرية، وفتح موضوعا آخر، ما أثار غضب «رشدي»، والحضور جميعا، الذين انخرطوا في نظرات ناقمة، لخصت المشهد، والنتيجة التي خرجوا بها من اجتماعهم على مضض مع قيادات الإخوان لتسوية أزمة داخلية لا ناقة لهم فيها ولا جمل. بدوره أكد منتصر عمران، القيادى السابق بالجماعة الإسلامية، أن جماعة الإخوان لديها أزمة نفسية كبيرة ولدت لديها «عقدة الكبر» التي تحيا بها حتى الآن، ولن تتركها، لا سيما أنها تظهر في كل ممارستها وخاصة تجاه التيارات الإسلامية الأخرى.

وأرجع القيادى السابق بالجماعة الإسلامية، وهى أبرز الحركات الدينية التي تنتقد الإخوان بشدة، سبب التعالى المزمن في الجماعة، إلى ما سماه «النشأة وسط الجور والقهر والاستبداد»، موضحًا أن الجماعة تعانى من الشعور بالدونية الشديدة، التي تجعلها تفقد الثقة بنفسها؛ مشيرًا إلى أن هلامية مرحلة «الاستضعاف» باتت عقيدة عند الكثير من الحركات الإسلامية، ومنهم من طبقة مع الإخوان نفسها، عندما كانت تمارس استبدادًا، تصادر من خلاله على آراء ومواقف الإسلاميين، ولاسيما عندما أمسكت بزمام السلطة والقوة في أكثر من بلد وليس مصر وحدها.

مضيفًا: «عقدة الدونية» التي لا تغادر أفكار وتصرفات الإخوان، لم تكن فقط وراء شيوع الاستبداد في تصرفاتهم تجاه الإسلاميين، لكنها أيضا كانت سببا رئيسيًا في فشلهم ترسيخ وجودهم خلال العام الذي حكموه في مصر، ولم يستطيعوا إثبات أحقيتهم في الصعود لهذا المنصب الذي جاءهم على غير استعداد أو أحقية، كما أنهم حاولوا تجريس التيارات المعارضة لهم، حتى يتخلصون منهم، وجلسة مرسي مع رموز السياسة، التي أذاعها على الهواء، خلال أزمة سد النهضة كانت أقوى معبر عن ذلك.

وأضاف: استعلاء الإخوان، أثبت سذاجة مشروعهم الذين صدعوا المجتمع به، موضحا أن أبرز ما يؤكد ذلك، أن الإخوان ورغم الحديث دائما عن أنها مدنية، وتمارس السياسة من أبوابها، فإنها غالبًا ما تتحدث عن عدم سعيها للسلطة، وأن الأمر تكليف ديني، وهو من المضحكات المبكيات بحسب وصفه.

تجربة الإخوان
حديث «عمران» أكده سامح عيد، القيادى السابق بالجماعة، موضحًا أن تجربة الإخوان في الحكم، أضرت أشد الضرر بقيم الإسلام، مشيرًا إلى أن قيادتها مثلوا نموذجا رديئا في التجربة الإسلامية، التي ربما انتظرها المسلمون وغيرهم كثيرا، للحكم على هذا الخطاب المسكون بالمشاعر الدينية.

وأشار «عيد» إلى أنهم كانوا وما زالوا، يعتبرون أنفسهم الإسلام الصحيح، موضحًا أن تصرفات الإخوان الاستعلائية، نفرت الناس منهم، وجعلتهم يضعون مسارات السلطة في أيدى أهلها والأحق والأجدر بها.
الجريدة الرسمية