رئيس التحرير
عصام كامل

جرائم اللاجئين في ألمانيا.. تعددت الأسباب والموت واحد

فيتو

بعد كل جريمة يقوم بها لاجئ أو طالب لجوء في ألمانيا، يحتد النقاش من جديد بين المدافعين عن اللاجئين والمطالبين بترحيلهم، فما هي الأسباب الكامنة وراء هذه الجرائم وكيف يمكن الحد منها؟

بعد مرور أكثر من عام على الجريمة التي هزت ألمانيا بقتل الشابة الألمانية ماريا في مدينة فرايبورغ من قبل لاجئ شاب، يستعر النقاش من جديد حول جرائم اللاجئين، بعد مقتل فتاة ألمانية تبلغ من العمر 15 عامًا، يوم الخميس (28 ديسمبر/كانون الأول2017)، إثر طعنها بسكين من قبل لاجئ قاصر غير مصحوب بذويه في مدينة كاندل في ولاية راينلاند بفالز.

وما يجمع الحادثتين أن سبب القتل يرتبط بالجنس، حيث إن القاتل في حادثة فرايبورغ كان قد اغتصب الفتاة ماريا، 19 عامًا، وقتلها قبل أن يلقيها في النهر، بينما كان القاتل المراهق في حادثة كاندل على علاقة عاطفية بضحيته التي تبلغ من العمر 15 عامًا، والتي قامت بإنهاء العلاقة قبل وقت قصير من مقتلها، حسبما أفاد مكتب الادعاء العام في المدينة.

وأثارت الحادثة الأخيرة في كاندل موجة استنكار كبيرة، كسابقتها في فرايبورغ، حتى أن عمدة المدينة فولكر بوس وصلته العديد من الرسائل الإلكترونية والتي كانت تتحدث عن "ترحيل اللاجئين ومطالب بإجراءات حازمة في طرق التعامل مع اللاجئين"، حسبما قال العمدة في تصريحات دعا فيها أيضًا إلى ضرورة تجنب إطلاق شعارات معادية للأجانب، ومؤكدًا إلى أنه يتعين التفكير بهدوء فيما يجب القيام به

وبعد كل حادثة كهذه، تتكرر مثل هذا الدعوات من قبل بعض الناس في المجتمع الألماني، من دون أن يتحدث الكثيرون منهم عن الدوافع النفسية والاجتماعية الكامنة وراء ارتكاب مثل هذه الجرائم، التي أدانها اللاجئون على وسائل التواصل الاجتماعي.

"المجتمع الذكوري هو السبب"!
ترى ورود زهير في تعليقها على مقتل الفتاة الألمانية في مدينة كاندل على فيس بوك أن السبب الكامن من ارتكاب هذه الجرائم هي "العقلية الذكورية" في المجتمعات التي يأتي منها اللاجئون: "هذا جزء من ثقافة مجتمع تربى أن يرى الإناث تقتل بدم بارد من أجل تثبيت مملكة الذكور"، بينما يشير عبدالرزاق الجراح أصابع الاتهام إلى التخلف، فكتب على فيس بوك: "التخلف قد يجعل المرء يفعل أي شيء".
بينما يرى أبو وليد الزهيري في تعليقه على الحادثة أن السبب هو الاختلافات العديدة بين اللاجئين والمجتمع الجديد الذي أتوا إليه، فكتب على فيس بوك: "توقعوا المزيد، لأن الاختلاف الفكري والعقلي والقانوني (الموجود في ألمانيا) لا ينطبق على العديد من اللاجئين، وهذه هي النتيجة".

وحول هذا الموضوع يقول الخبير الاجتماعي الألماني محمد عسيلة لمهاجر نيوز إنه وبالرغم من أنه لا مبرر لمثل هذه الجرائم، إلا أن معاينة الأسباب الكامنة وراء هذه الحوادث نفسيًا واجتماعيًا، وتحليلها بشكل بعيد عن "الهجمات الإعلامية" على اللاجئين، سيساعد على الحد منها، ويتابع: "كلنا، في المجتمع الألماني، نتحمل مسئولية توعية اللاجئين وطالبي اللجوء وخصوصًا القاصرين منهم".


"سوء فهم طبيعة العلاقات"
يقول عسيلة، الذي يعمل مستشارًا للاندماج أيضًا، إنه لا يمكن فصل الجرائم التي حدثت عن الحياة السابقة لمرتكبيها والإشكاليات التي مروا فيها في بلدانهم، ويقول: "بالرغم من أنه ليس لهذه الجرائم دين أو ثقافة، إلا أنه يجب معرفة أن قلة الوعي نتيجة الفوارق بين المجتمعات التقليدية التي أتي منها اللاجئون، والمجتمع الألماني المتقدم، قد لعب دورًا فيها".

ويرى محمد عسيلة، ذو الأصول المغربية، إن سبب هذه الجرائم قد يكون الاحتقان الداخلي الذي يعيشه اللاجئ أو طالب اللجوء، بسبب عدم فهمه لطبيعة العلاقات في ألمانيا، والتي تختلف عنها في بلده الأصلي، ويضيف: "يجب توعية اللاجئين وخاصة اليافعين منهم أن علاقات الحب والجنس في ألمانيا مبنية على المسئولية الشخصية، ما يعني أن أي شخص يستطيع بشكل فردي أن يختار شريكه أو ينفصل عنه بدون أية عقود وبدون وجود ثقل العادات والتقاليد".

ويشدّد الخبير الاجتماعي على أن مسئولية توعية اللاجئين وخاصة القاصرين منهم، والذين يحتاجون لرعاية خاصة، تقع على عاتق المنظمات المسئولة عن أولئك اللاجئين، والمجتمع الألماني، والجاليات الشرقية الموجودة في ألمانيا، بالإضافة إلى اللاجئين أنفسهم، ويقول: "لا يمكن أن ننسب التقصير إلى الجهات الألمانية فقط، فهناك بالفعل بعض اللاجئين الذين لا يلتزمون بالقوانين".

التربية الجنسية هي الحل

ولا يُخفي عسيلة أنه سمع من بعض اللاجئين الشباب اعتقادهم أن المجتمع الألماني "عديم الأخلاق من ناحية الجنس"، ويقول: "أعتقد أن ما كرّس ذلك هو التصور المهزوز عن الفتيات الغربيات في الأفلام التي شاهدها أولئك اللاجئون في بلدانهم والتي زرعت في أذهانهم أن أولئك الفتيات لقمة سائغة لقضاء وقت حميمي معهن".

كما أن بعض الألمانيات اللواتي يساعدن اللاجئين في مخيمات اللجوء قد أخبروه عن تعرضهم للتحرش من قبل بعض اللاجئين، وعن ذلك يقول عسيلة: "بعض اللاجئين يفهمون التقرب الإنساني والابتسامة بشكل خاطئ... ولذلك علينا توعيتهم بفهم المنظومة الألمانية في التعامل".

ويؤكّد عسيلة والذي يدرّس الدين الإسلامي باللغة الألمانية، على ضرورة إدراج دروس للتوعية الجنسية في دورات الاندماج وفي المدارس، بالإضافة إلى اللغة الألمانية، ويضيف: "مسألة التربية الجنسية أصبحت ضرورة حتمية، ويجب إخراجها من إطار التابوهات (الأشياء الممنوعة) إلى الواقع، لكن بلغة لا تُكدّر صفو الحياء ولا تثقل كأهل الآباء عند الحديث عنها مع الأولاد في البيت".

وينصح الخبير الاجتماعي اللاجئين بضرورة التعامل بشكل واع مع تعليقات "كراهية الأجانب" من قبل بعض الناس، وذلك إما بعدم الرد أو الرد بشكل منطقي وبحجج، ويعلل ذلك بأن "غالبية الذين لديهم هذه النظرة العدوانية هم ذوو فكر سطحي وليست لديهم أدوات تحليلية".

كما يدعو عسيلة اللاجئين إلى التفكير بإيجابية، ويؤكد على ضرورة عدم التعميم في أحكامهم على الألمان، ويقول: "فليخرج اللاجئ إلى الواقع، وليقم بأعمال هادفة ليُظهر للناس أنه يشكل قيمة مضافة للمجتمع".


محيي الدين حسين- مهاجر نيوز

هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل


الجريدة الرسمية