رئيس التحرير
عصام كامل

كيف تنبأ محمد حسنين هيكل بأحداث 2017 ؟

 محمد حسنين هيكل
محمد حسنين هيكل

الأحداث كثيرة، ربما كثرتها هي سبب الاعتقاد بأن ذلك لا يمكن أن يكون مُرتبًا، ليس هناك قوة تضمن تسيير الكون على هواها إلى تلك الدرجة، مثلًا من كان يضمن صعود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وقبل ذلك من يصدق أن يتم عزل محمد مرسي بعد عام واحد، وأن تكون لمصر اليد العليا فيما يحدث في قطاع غزة في إشارة إلى استعادة دورها الإقليمي.


بين كل ما حدث خلال العام الماضي يبقى خيطًا رفيعًا يحكم كل ذلك، بل ويشير إلى أن ما حدث ليس نتاج أشخاص بل نتاج مؤسسات وأفكار إستراتيجية لا يمكن التخلي عنها، وأن رغم سرعة الأحداث فإن الطبيعة تفرض سيناريو بعينه، هذا ما سيحدث لك لو عدت إلى حلقات «مصر أين وإلى أين» للكاتب الراحل محمد حسنين هيكل مع الإعلامية لميس الحديدي وتحديدًا في الحلقتين الخامسة والسادسة في بداية عام 2013.

الوقت الذي كان يتم تصوير تلك الحلقات وإذاعتها عام 2013، كانت الساحة الدولية كالتالي، محمد مرسي يحكم مصر مع بدء موجات تمرد، أوباما يجلس في البيت الأبيض ويحمل شعار السلام مع إيران، شبه توافق بين حماس وفتح برعاية مصرية، حدود سيناء مؤمنة إلى شكل كبير، والقيصر الروسي يدعم سوريا سياسيًا، وواشنطن لاتزال تتحمل نفقات حلف الناتو.

ما قاله «الجورنالجي» وما حذر منه تحقق في عام 2017، كان الراحل صادقًا مع نفسه فلم يتحدث كون تلك تنبؤات أو نظرية واجبة الحدوث، الحديث كله عن أن ذلك متوقع في ظل عدد من الدلائل التي وقعت بالفعل.

حلف الناتو
منذ ما يقرب من شهر أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن واشنطن لن تتحمل نفقات «حلف الناتو» وحدها، ويجب على الجميع أن يشارك في حصته من ذلك الأمر.

بالعودة إلى الحلقة الخامسة من برنامج «مصر أين وإلى أين» نجد الراحل محمد حسنين هيكل وهو يتحدث عن اجتماع تم في عام 2010 وبموجبه بدأ الحديث عن تكلفة حلف الناتو بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، وقال «هيكل» وقتها أن النظرية الأمريكية تتمثل في إنها تحملت تكلفة الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي سابقًا، وحلف الناتو اساسًا جزء من تلك الحرب وبما إن الخطر السوفيتي انتهى فعلى الجميع أن يتحمل دوره، وأكمل «الجورنالجي» أن واشنطن تريد جني المكاسب وهذا ما تحقق في عهد «ترامب».

التدخل الروسي في سوريا
لم يكن وقتها أي حديث عن نية «بوتين» التدخل عسكريًا في سوريا، بل إن خطوة التدخل العسكري في 2015 بدت للكثيرين مفاجئة، لكن لم يكن الأمر كذلك عند «الأستاذ» الذي يوضح ما سر هذا التواجد الروسي الكبير في سوريا والذي قلب موازين الحرب الأهلية فعليًا.

ليبيا كانت كلمة السر، يقول «هيكل» أن عملية حلف الناتو في ليبيا لإنهاء القذافي، حدث فيه ما يشبه تجاهل روسيا، ورغم إن موسكو كانت تعلم بتفاصيل الخطة إلى أن الاتفاق كان «لا وجود لقوات برية في ليبيا» وهو ما خلفته الولايات المتحدة الأمريكية بإنزال جنود لتغيير نظام الحكم.

يضيف «الجورنالجي» ذلك الحدث أوغر صدر «بوتين»، وما إن بدأت سوريا حتى قدم لها الدعم لعدة أسباب أولها المصالح الروسية في سوريا وثانيا ردًا على حلف الناتو في لبيبا، بل أن «هيكل» لم يستبعد التدخل الروسي العسكري، كاشفًا أن هدف واشنطن الوصول إلى سوريا حتى تصبح خطرًا حقيقيًا بإيران الملاصقة، وتهديد إيران بشكل أو بآخر تهديد للصين وهو هدف الولايات المتحدة الأمريكية باعتبار «بكين» الهدف الأساس، ودلل على ذلك بأن الصين دعمت دمشق في كل الأحوال.

إيران العدو الأول
ومن سوريا إلى إيران، ورغم الود الظاهرى بين الولايات المتحدة الأمريكية برئاسة أوباما وإيران، إلا أن «هيكل» توقع أن تكون إيران هي العدو الأول خلال السنوات المقبلة، مشيرًا إلى أن ما يحدث في سوريا خطوة نحو طهران التي ستكون البداية للسيطرة على آسيا وهي منطقة الحروب المقبلة.

«نبوءة» هيكل تحققت بالفعل فخلال الأشهر الماضية وتحت قيادة «ترامب» تحولت طهران للعدو الأول وبدأت التهديدات بإلغاء الاتفاق النووي، وزاد العداء لها من جانب الدول العربية بسبب تدخلات إيران في الشئون الداخلية للبلاد العربية.

حماس
في الوقت الذي تحدث فيه «هيكل» كانت جماعة الإخوان تقوم برعاية محاولة صلح بين حماس وفتح، ورغم أن الكثيرون أن ذلك يتم لأن «حماس» تتبع حركة الإخوان، إلا أن «الجورنالجي» أكد أن رعاية المصالحة الفلسطينية ومحاولة رأب الصدع هي مهمة الدولة المصرية، قائلًا «شئنا أو ابينا سنتعامل مع حماس لأنها أمن قومي فغزة منفذ لسيناء».

كلام «الأستاذ» تحقق فعلًا بعد أن نجحت الدولة المصرية بلم شمل الفصائل الفلسطينية وإعلان إنهاء الانقسام الفلسطيني في خطوة عدها الكثيرون دليل واضح على قدرة مصر الإقليمية وما تمثله من قوة تاريخية وجغرافية يمكنها من لعب تلك الأدوار الكبيرة.

سيناء
حدود سيناء كبيرة، الدفاع عنها يكون من الخارج لأنه إذا تسلل أحد بداخلها فمن الصعب مواجهتها، أنت أمام مساحات شاسعة جدًا، تلك كانت كلمات محمد حسنين هيكل وهو يحذر من التفريط في سيناء ومطالبًا نظام الإخوان وقتها أن لا يجعلها مرتع للإرهابيين، ولعل حديث يجسد لماذا الحرب على الإرهاب شرسة إلى هذا الحد.
الجريدة الرسمية