رئيس التحرير
عصام كامل

«أم محمد صانعة الطواقي»: المصانع سبب انقراض المهنة (فيديو وصور)

فيتو

كان الرجال في مصر حتى منتصف القرن الماضي لا يخرجون من بيوتهم إلا ورؤوسهم مغطاة، ولكل فئة غطاء رأس مميز لها فالمتعلمون أو "الأفندية" كانوا ملزمين بالطربوش المغربي، أما الفلاحون والصنايعية والتجار فكانوا يلبسون الطاقية، كل حسب عمله.


هناك طاقية الصعايدة ذات قرص ثماني أو سداسي الزوايا وأخرى مستطيلة للفلاحين في الوجه البحري، والطاقية الشبيكة للتجار و"المعلمين" والطاقية القماش لغير القادرين.

وتنفرد صناعة الطاقية عن أي صناعة أخرى بأنها مهنة السيدات فقط، في القري سواء في الوجه القبلي أو البحري، وظلت قاصرة عليهن حتى الوقت الراهن رغم التقدم التكنولوجي.

وكانت صناعة الطواقي والطرابيش مزدهرة حتى خمسينيات القرن الماضي، ثم تدهور حال الطربوش وظلت الطاقية محتفظة بمكانتها، باعتبارها نوعا من الأزياء الوطنية العريقة، وما لبست أن لحقت مع بدايات القرن الحالي بالطربوش، وأصبحت الطاقية من الفلكلور القديم، لا يلبسها إلا قليلون، وانصرف صناعها وتجارها إلى أعمال أخرى، إلا تلك السيدة التي تفترش سور السكة الحديد بالقرب من نادي الشرطة بوسط مدينة الفيوم.

إنها أم محمد ذات الـ 53 عامًا وتعيش في قرية السنباط التابعة لمركز الفيوم، تستيقظ في الصباح الباكر حاملة معها، أدوات تصنيع الغزل من صوف الخروف أو وبر الجمل، وإبر تصنيع الطاقية بكل أشكالها وألوانها.

تقول أم محمد "إن أدوات تصنيع الطاقية، تستخدم لنفش الصوف أو الوبر وتنقيته من أي عوالق سواء قشا أو أتربة، ومغزل لتصنيع خيوط الصوف أو الوبر، وإبرة لشغل الطاقية تشبة إبرة التريكو"، مشيرة إلى أن خامة الطاقية تشغل الزبائن فالفقير يشتري الصوف الصناعي، والمتوسط يشتري صوف الخراف، أما المصنعة من وبر الجمل فلا يحصل عليها إلا طبقة الأغنياء لأنها مكلفة، ولكنها ناعمة لا تشعر مرتديها بحرارة الجو.

تأخذ أم محمد نفسا عميقا وتقول: كنت أبيع نحو 50 طاقية في اليوم، والآن هناك أيام لا أبيع سوى طاقية أو اثنتين أو لا أبيع فظروف الناس أصبحت صعبة والجيل الجديد لا بيلبس جلابية وطاقية ويفضل القميص والبنطلون حتى الفلاح، أما الجيل القديم هو فقط المتمسك بالجلابية والطاقية، وبسبب ضعف الإنتاج وقلة الطلب انصرفت البنات والسيدات لأعمال أخرى.

واستكملت: كل حاجة الآن أصبحت سهلة لكن دون بركة، زمان كنا نكد ونتعب لنحصل على الصوف ونعدة للغزل.. كان تحضيره متعب ويحتاج مجهود والآن الصوف معد من المصانع جاهز ونظيف وغير مرهق وأغلبه يكون من محافظة المنوفية يسافر تجار الجملة لإحضاره ثم نشتريه منهم، ولكن ما زال هناك من يطلب طاقية "وبر أو صوف بلدي".

وتستطرد، زوجي كان خفيرا وبلغ سن المعاش والمعاش لا يكفي التزاماتنا من علاج ومصاريف فصممت على الاستمرار في العمل رغم عدم الإقبال، وأحاول أن أعلم سيدات وفتيات أخريات من القرية حتى لا تموت المهنة”.

واختتمت: زمان السيدات لم يكن يشغلهن سوى البيت و"الغيط" وكن يعملن في تصنيع الطواقي في البيت، أما الآن البيوت تحتاج شغل أكتر، والبنات تفضل العمل بالمصانع والمحال التجارية رغم أن أجر تصنيع الطاقية الواحدة 10 جنيهات وتستطيع أن تصنع من 6 إلى 10 طواق في اليوم.
الجريدة الرسمية