خنجر البشير!
نتأنى كثيرًا عند أي تناول يمس علاقات مصر مع أشقائها العرب، فإذا تناولنا أي مسألة نستبعد الشعب العربي في أي مكان من أي دور في أي مشكلات وأزمات، فكل الشعوب العربية مغلوبة على أمرها، وأغلبها محبون لمصر إلى أقصى حد ممكن!
أمران لا يمكن الصمت عليهما.. أمن مصر أولا، والثاني كرامتها وشعبها!
بعد ثورة يوليو وبداية تأسيس دولة حديثة حدد الخبراء المصريون في عدد من المؤسسات المهمة تعريفًا للأمن القومي، وتم تحديد 4 مخاطر أساسية عليه، وهي: إسرائيل وتركيا وإيران ومصادر المياه.. ولم تزل هي ذاتها الموجودة لليوم باعتبار الدول الثلاث تتعارض مصالحها مع مصر.. صحيح لا يمكن مساواة أي دولة بالعدو الإسرائيلي في إجرامه واحتلاله الأرض والمقدسات، لكن كل من إيران وتركيا تتعارض مصالحها القومية مع الأمن القومي العربي، ولما كان لا يوجد حاليًا أمن قومي عربي بالمعنى العلمي ولا المنطقي للكلمة، لذا تتصادم مصالح هذه الدول مع الأمن القومي المصري ذاته وبشكل مباشر!
إيران وتركيا يسعيان لاستعادة نفوذ دولي سابق تغازلها وتغذيها أحلام عودة إمبراطوريات قديمة، بل تحول في هذه الدول إلى هدف استراتيجي نهائي يتم السعي إليه على مراحل تنجز كل حكومة وينجز كل حاكم جزءا منه.. هذا الصراع القومي الدائر هنا تدركه مصر وتديره على أسس سياسية وقومية وليس على أسس مذهبية أو طائفية، لكننا للأسف الانشغال بالإرهاب في الداخل مع أزمات داخلية أخرى لا يساعد مصر على مواجهة محاولات حصار مصر من كل جانب بذات الأدوات التي تستخدمها الدول الأخرى، وهو ما يسهم في استمرار التعامل بحذر مع كل المخاطر والبقاء طويلا في دائرة رد الفعل، وهو ما أدى إلى منح تركيا قاعدة في البحر الأحمر تبعد قليلا عن حدودنا لكنها قريبة جدا من مصالحنا الحيوية ونقاط التقائها الواصلة والممتدة بين باب المندب وقناة السويس!
خنجر جديد في الجنوب الشرقي يضاف إلى تهديدات الغرب وسيناء يتطلب حلا سريعا، خاصة أن المقابل كان أموالا واستثمارات تركية، وبالتالي فاللعب بورقة التعاون مع دولة جنوب السودان لا يكفي.. لكن في كل الأحوال المخاطر لا تتوقف وكلها تدفع إلى مزيد من التماسك الشعبي خلف القيادة، ومن المخاطر ما يؤكد صحة المسار المصري.. فلا مؤامرات تتم بطبيعة الحال على مريض أو عاجز أو فاشل!