كذب الخبراء ولو صدفوا!
منذ نحو العام تعرضنا لقصف واسع وكبير ممن سماهم العلماء "خبراء في السياسة والعلاقات الدولية" استهدف إقناعنا أن حياتنا سوف تكون أفضل مع ترامب الذي تمكن من الفوز على هيلاري كلينتون في انتخابات الرئاسة الأمريكية.. واستند هؤلاء إلى ما قاله ترامب ووعد به في حملته الانتخابية، سواء تجاه العالم أو تجاهنا، خاصة بعد أن التقى مع الرئيس السيسي في نيويورك وهو ما زال مرشحًا وحديثه الطيب عن مصر ورئيسها ودورنا في حرب الإرهاب.. غير أن كل هذه التوقعات والتنبؤات سرعان ما تبددت رويدا رويدا، حتى تلاشت تمامًا مؤخرًا، ليحل التشاؤم محل التفاؤل إزاء إدارة ترامب!
وهنا لابد لنا من وقفة مع هؤلاء الخبراء الذين راهنوا على ترامب وإدارته وتوقعوا خيرًا مصريًا وعربيًا بقدومها.. فهؤلاء كشفوا لنا أن ما لديهم من خبرة لم ينفع في صياغة توقعات سليمة وحقيقية، وإنما هم روجوا لتوقعات غير صحيحة، لأنهم اعتمدوا على بعض الوعود الانتخابية وتصريحات استهلاكية تقتضيها العملية الانتخابية أو تفرضها ظروف النيل من المنافسة لتراقب في الانتخابات، وتجاهل أولا شخصية ترامب المتقلبة والصدامية والتي تتعامل مع كل شيء في العالم بمنطق التاجر الباحث عن أكبر ربح، حتى ولو باع الوهم للمشترين أو تهرب من دفع التزاماته الضريبية..
كما أن هؤلاء تعاملوا مع بعض الوعود الانتخابية المزعجة لنا باعتبارها ضرورة انتخابية سرعان ما سوف يتجاهلها ترامب ويتناساها مستقبلا بعد انتخابه ووصوله إلى البيت الأبيض، مثلما فعل غيره من الرؤساء الأمريكيين السابقين الذي وعدوا الناخبين اليهود في أمريكا بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس وعجزوا عن ذلك.
غير أن أكبر أخطاء هؤلاء الخبراء يكمن في أنهم صاغوا توقعاتهم لنهج الإدارة الأمريكية الجديدة استنادًا لآمالهم وتمنياتها وليس لما يمكن أن يحدث فعلا.. ولذلك جاءت توقعاتهم لسياسات ترامب نوعًا من الأمانى وليست توقعات سليمة.. وهذا لا يمكن أن يفعله خبير!