أربعة شرايين في قلب الحبيبة
معذرة أيتها الحبيبة على التأخير، معذرة على إهمالنا الذي طال سنين فجعلك مطمعًا للكثيرين، نعلم أن قلبك موجوع، وندرك أن أطرافك التي لم نهتم بتغطيتها يسعى للعبث بها من استحلوا الحرام، وأيقنا أن كل مسامات جسدك المنسق تحمل لنا حنينًا وشوقًا، وحضنك الدافئ الذي يستوعبنا جميعًا يحمل لنا خيرًا ورزقًا.
معذرة سيناء.. فقد أحببناك طوال عقود بالغناء والأناشيد، أحببناك على طريقة حب قيس لليلى، كان يتغنى بعشقها فينشد الشعر حتى في كلب رآه مرة في حيها، لكن خنوعه وعدم إقدامه جعل ليلى مطمعًا (لورد) الذي فاز بالزواج منها بسبب قوته وشجاعته وإرادته، وقتها فقط.. أدرك قيس أنه أخطأ، لكنه تمادى في سلبيته بأشعار نظمها وهو يهيم على وجهه في الصحراء تارة.. وفي الدوران حول بيت ليلى الذي جعله كعبته تارة أخرى عله يراها.
معذرة سيناء.. لأننا لم نحبك على طريقة عنتر وعبلة فقد امتلك إلى جانب أشعاره فيها قوة وإرادة جعلته لا يستسلم لمن حاموا حولها، عنتر أدرك أن نعومة قلبه يلزمها قوة لحمايتها، فحارب حتى فاز بحبيبته غير معول على حبها له وتمسكها به ورفضها الزواج من غيره.
معذرة سيناء على التأخير والإهمال فقد استوعبنا الدرس، ويشفع لنا من سالت دماؤهم على رمالك عشقًا فيك وزودًا عنك، فلنا في كل يوم شهداء نزفهم إلى الجنة، وهناك الملايين يقفون على أعتاب الشهادة حبًا فيك وتعويضًا لك عن عقود مضت من التناسي إما لتوازنات سياسية، أو لإرادة غائبة، أو لكسل ولا مبالاة.
واليوم.. توفرت الإرادة، وأصبح حبنا لك فعلًا لا قولًا، أربعة أنفاق هي بمثابة الشرايين التي تمتد إلى قلبك لتعود إليه الحياة، وجسران يحملان اسمي ( المنسي وأبانوب ) وهما كما تعلمين ضمن قائمة عشاقك الذين سارعوا للشهادة دفاعًا عنك، ومشروعات بالمليارات للتفتيش عن خيرات أرضك، ومياه سوف تروي عروقك لتخضر أطرافك بعد أن تعطل مشروع ترعة السلام، المياه لسيناء، سيناء فقط، وليس كما ادعى المتربصون بنا، فما تحويه السحارات، وما تحمله ترعة السلام الذي أوقفت الإرادة الغائبة استكمالها.. هو لسيناء التي لن نفرط في شبر منها، قال ذلك السيسي أمس الأول.. ورددها كل المصريين، فالإهمال والتناسي في عهود سابقة.. لا يعني النسيان، فالمياه لسيناء فقط، لا لمشروع زمزم الذي أراده اليهود من قبل لزراعة صحراء النقب، والأرض للمصريين رغم أنف الإسرائيليين بداية من هرتزل وانتهاء بنتنياهو.
الجهد غير المعهود الذي تبذله الحكومة لربط الوادي بسيناء، قابله جهد آخر من القطاع الخاص الذي لمس جدية هذه المرة في تعمير أرض الفيروز، فبادر بالإعلان عن خطة طموحة لمشروعات عملاقة، الأسبوع الماضي اجتمع الاتحاد المصري لجمعيات المستثمرين للبحث في كيفية ضخ الاستثمارات في سيناء، ورصد الاتحاد مليار جنيه لمشروعات جديدة، وفي المؤتمر الذي حضره ممثلون عن الحكومة وأهالي سيناء.. اتفق الجميع على سرعة إنجاز ما يتم الاتفاق عليه بعد أن رصدوا ٢٠٠ مليون جنيه كبداية للعمل، هذا التحرك المؤجل من رجال الأعمال لم يكن له أن يتم إلا بتحرك جاد لمسوه من الحكومة فشعروا بالطمأنينة.
معذرة سيناء على التأخير والتناسي، فقد لملم الماضي أوراقه وولى وها هي صفحة جديدة كتبت الحكومة أول سطورها أمس الأول، صفحة سيكون حبنا لك فيها يشبه حب عنتر لعبلة، لا حب قيس لليلى.
basher_hassan@hotmail.com