رئيس التحرير
عصام كامل

إبراهيم العجمي يكتب: «في محكمة أسوان»

إبراهيم العجمي
إبراهيم العجمي

سمراء نحيفة هزيلة، صاحبة ملابس رثة تخفي ملامحها داخل برقع يفيض الهم من خلفه.. تجلس منكبة على نفسها في أحد جوانب محكمة أسوان نادتنى في صوت خافت يجمع بين القلق وخجل امرأة قروية لم تعتد أن ترفع صوتها في مكان يجتمع فيه رجال.. تسأل عن محام وعن قضية وزوجها.. لم أفهم منها ماذا تريد غير أنها تسأل عن محام في لهفة بعد أن تأخر وتخشى من كارثة على وشك الحدوث.

ساعدتها في السؤال عنه في غرفة المحامين وبين طرقات المحكمة، ولكنه لم يكن أحد من المحامين الموجودين، ولا حتى رقم هاتفه..!!

تركتها وذهبت لأنجز مهمتي، وبعد الانتهاء.. نفس الصوت الخافت مرة أخرى من خلفي ينادي " يا أستاذ.." إنها نفس المرأة ذات الوشاح وفي يدها ورقة صغيرة بها أرقام هاتف المحامي الذي كانت تسأل عنه وتطلب منى أن أتصل به لأن هاتفها قد أفرغ طاقته، أخرجت هاتفي وطلبت الرقم ورد المحامي سريعا وأعطيت الهاتف للسيدة وإذا بها تعتذر للمحامي بشدة وتقول: "أنا أسفة يا أستاذ أنا هلغى رفع القضية، الناس خوفونى لحسن جوزى ياخد العيال ويطردنى في الشارع وأنا معنديش مكان تانى أروحه وهتشرد"، ثم أعطتني الهاتف لأغلق مع الرجل.

وبدون أي مقدمات تقول لي بالله عليك كلمه وقوله ما يزعلش منى أنا خايفة أرفع قضية جوزى راجل مفترى وما يعرفش ربنا...
- انتى عاوزة ترفعى قضية إيه يا أمي..؟
هو مش بيصرف على البيت وفلوسه كلها رايحة على القروض.
- وانتوا بتصرفوا من فين..!!؟
اهو ماشية على كدة.. قولى أعمل إيه دلوقتي..؟
- كلمى اخواتك واهلك يتكلموا معه طيب..
كلموه ومافيش حاجه بتحصل أهم حاجه عنده السجاير والشرب والمخدرات..
- أنتى من فين؟
من قرية "دار النعيم " مركز أسوان.
- معاكي فلوس تروحي...!!؟
2 جنيه ونص...
ذهبت من المحكمة وأنا ألعن قائمة طويلة آخرهم هذه السيدة نفسها التي تركت حالها يصل لكل هذا السوء.. وعلى الطريق ذهب كل منا ينتظر سيارته على الجانب المقابل للآخر... ذهبت ذات الوشاح وانتهى يوم عصيب وحار على أي حال، ومازال يشغلني كيف سوف يكون غدهم.. وهل تعرف هذه السيدة وأمثالها أنه عام المرأة..!!؟
الجريدة الرسمية