رئيس التحرير
عصام كامل

كنيسة أطفيح وسلطة تشريعية غائبة


تقول المادة 53 من باب الحقوق والحريات والواجبات العامة في الدستور المصري، دستور 2013: "المواطنون لدى القانون سواء" وهم متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعى أو الانتماء السياسى أو الجغرافى أو لأي سبب آخر، والحض على الكراهية جريمة يعاقب عليها القانون، وتلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة على كل أشكال التمييز، وينظم القانون إنشاء مفوضية مستقلة لهذا الغرض".


نحن في دولة قانون ودولة مؤسسات بها ثلاث سلطات (تشريعية وتنفيذية وقضائية)، وأتوقف عند السلطة التشريعية المتمثلة في مجلس النواب الحالي، الذي من اختصاصه ممارسة الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية كما نص الدستور في باب نظام الحكم المادة (101)، بل أقسم هذا المجلس على احترام الدستور والقانون وأن يراعي مصالح الشعب رعاية كاملة، هذا ما تضمنه الدستور المصرى فيما يخص المواطنة وفيما يخص مسئولية مجلس النواب تجاه شعب هو بالأساس مصدر السلطات ويحق له أن يسحب هذه الثقة التي أعطاها للسلطة التشريعية في حالة عدم القيام بواجباته نحو الشعب في أوقات الأزمات وفى وقت الكبوات التي تمر بها مصر، وما حدث أمس الأول في كنيسة أطفيح مشهد تكرر في عهد الإخوان فى ذات المركز بإحدى كنائس أطفيح، وحين ذاك لم يسكت الشعب المصرى بالمسلمين والمسيحيين بسبب تكرار هذه المشاهد بجانب مشاهد قتل الجنود والشرطة وعدم احترام القانون، وكان رد الفعل من قبل الشعب المصرى الأصيل بنزع الإخوان من السلطة وقبلها حل برلمان 2012..

وأتساءل الآن لماذا تسكت السلطة التشريعية عن مساءلة ومحاسبة من يقومون بأعمال الحض على الكراهية والعنف وبث أعمال طائفية تهدد سلامة المجتمع وتعصف بالمواطنة عرض الحائط، ففى الوقت الذي يقوم فيه الرئيس بإطلاق اسم الشهيد أبانوب على كوبري عائم لقناة السويس وإعطاء رسالة لتكريس مبدأ المواطنة نجد في ذات الأسبوع من يخربون كنيسة ويغلقونها وينددون بكلمات تعتبر ازدراءً للدين ولا يحترمون ديانة سماوية.

وخرج علينا نائب مركز أطفيح ينادي بجلسة عرفية للمصالحة ويضرب بالقانون عرض الحائط، بل يضرب بنصوص الدستور الذي انتخب وفقًا لمبادئه عرض الحائط أيضًا، ويعطي رسالة مهمة إلى الجميع أن السلطة التشريعية غائبة عما يحدث في الشارع.

ففى كل مرة كنا ننتظر تحرك نواب الشعب لما يحدث ولا نجد منه شيئًا سوى الإدانة والشجب وتصريحات على صفحات "فيس بوك"، فعندما حدث ما حدث في تفجير كنيسة البطرسية انتفض الشعب المصري كلحمة واحدة تجاه ما حدث لأنه يدرك أن الكنيسة والجامع جزء أصيل من تراثه، بل رتبت جنازة رسمية على رأسها الرئيس السيسي وقداسة البابا تواضروس الثانى وقيادات الأزهر والأوقاف، بل قامت مبادرات شعبية ومدنية لتسند مصر، ولم يتحرك البرلمان خطوة واحدة سوى كلمات الإدانة والشجب، وأتذكر أيضًا بعد هذا الحادث بشهور تفجيري كنيستي طنطا والمرقسية بالإسكندرية في أعياد القيامة، ولم نسمع استجوابًا واحدًا من مجلس النواب، بل الأمر انسحب على تفجير مسجد الروضة في العريش بالمصلين ووقوع شهداء بعدد كبير.

ولم نجد سوى سلطة تشريعية غائبة تنادي بترشيد الإنفاق للشعب وتحرص أشد الحرص على مكافآتها الشهرية، في الوقت الذي ينبغي أن تعمل فيه بصورة تطوعية مساندة للوضع الاقتصادي لمصر ويذكرني أيضًا نواب التأشيرات، وجعبة الشعب المصرى فيها الكثير من الأنات والضيق.. وأطرح السؤال الآن لكم: هل ستظل السلطة التشريعية غائبة أم ماذا؟!
الجريدة الرسمية