فيها حاجة حلوة.. مركز الجهاز الهضمي
مصر فيها أشياء جميلة وإنجازات كثيرة تتحقق على أرض الواقع، وملايين المواطنين يعملون بإخلاص وضمير، دون صخب أو ضجيج أو انتظار لأي مقابل، ولكن للأسف الإعلام دائما يهتم بكل ما هو سلبي، ولا ينظر إلى النصف المليان من الكوب، وبالتالي أصبحت لغة الإحباط هي السائدة في المجتمع، والمواطن يرى فقط النقطة السوداء في الثوب الأبيض..
هناك أخطاء؟ نعم، هناك سلبيات؟ نعم، هل يجب تناولها في الإعلام؟ نعم ولكن في حدودها، وبهدف القضاء عليها، وليس من منطلق تشويه السمعة والإساءة إلى الأشخاص والمؤسسات، وبالإضافة إلى تناول السلبيات يجب تسليط الضوء على الإيجابيات من أجل نشر روح الأمل والتفاؤل في المجتمع، والإشادة بالمجتهدين وتحفيز الآخرين على العمل والإنجاز.
من الأشياء الجميلة في بلدنا مركز جراحة الجهاز الهضمي والكبد بجامعة المنصورة، هذا المستشفى الذي أنشئ عام 1991 لعلاج دوالي المريء والمشكلات الناتجة عن البلهارسيا.. في منطقة ريفية كان معظم سكانها مصابون بهذه الأمراض، ويضطرون للسفر إلى القاهرة للعلاج منها، فجاءت فكرة الراحل د فاروق عزت أحد عظماء الطب في مصر (ألف رحمة ونور عليه) بضرورة إنشاء مستشفى متخصص في المنصورة، لعلاج أمراض الكبد والجهاز الهضمي، والذي شهد تطورا خلال السنوات الماضية، حتى أصبح الأول في مصر والشرق الأوسط والثالث عالميا في زراعة الكبد بين الأحياء..
مركز جراحة الجهاز الهضمي والكبد بجامعة المنصورة يقدم خدمات طبية متميزة، وفي حدود إمكانيات الدولة لمحافظات الدلتا، ويتردد عليه 35 ألف مريض سنويا في مجال جراحة الكبد والقولون وجراحة الأمعاء والمريء والمعدة والاثنى عشر وعلاج تليف الكبد وجراحات المناظير المتطورة وجراحات أورام الجهاز الهضمي والكبد ومناظير المعدة والقنوات المرارية.
أكثر من 60 حالة زراعة كبد مجانية أُجريت في مركز جراحة الجهاز الهضمي، والكبد لمرض فقراء وحالات أخرى كثيرة ساهم أهل الخير في تكلفة علاجها، ولأنه مستشفى حكومي فإنه الأرخص في مصر، ويقصده المواطنون من كل المحافظات، لأن تكلفة عملية زراعة الكبد تتجاوز المليون جنيه في بعض المستشفيات الخاصة.
فريق زراعة الكبد بمركز الجهاز الهضمي أجرى 600 حالة زراعة كبد، بنسبة نجاح 87% وهي نسبة النجاح العالمية والمركز يتحمل تكلفة علاج المريض ما بعد العملية، وطوال حياته وفريق الزراعة هو مصري خالص وأعضاؤه ملائكة للرحمة، يقومون بإجراء عمليتي زراعة كبد أسبوعيا، الواحدة تستغرق 18 ساعة في غرفة العمليات.
مركز جراحة الجهاز الهضمي والكبد بجامعة المنصورة يكاد يكون المستشفى الوحيد في مصر الذي يطبق أخلاقيات الطب بحذافيرها في مجال زراعة الكبد، حيث يرفض إجراء العملية إلا بين الأقارب منعا لتجارة الأعضاء التي أساءت لسمعة مصر عالميا، ونظرا لهذه الثقة الكبيرة فيه وفي جامعة المنصورة قام أحد المواطنين بالتبرع (عادل عرفة) لإنشاء مركز جديد لزراعة الكبد على نفقته الخاصة(عشرات الملايين) سوف يكون الفريد من نوعه في مصر ومنطقة الشرق الأوسط يجري العمل فيه حاليا على قدم وساق، وسوف يُفتتح العام القادم حتى يقضي على قوائم الانتظار لمرضى زراعة الكبد.
التحية واجبة لكل رؤساء جامعة المنصورة، وعمداء كلية الطب ومديري مركز الجهاز الهضمي والعاملين فيه، وأهل الخير الذين ساندوا ودعموا هذا الصرح الطبي العظيم، حتى يستمر في خدمة فقراء المرضى منذ ثلاثين عاما وحتى الآن وسوف تحيا مصر برجالها المخلصين.
egypt1967@yahoo.com