رئيس التحرير
عصام كامل

التكاتك تتحدى الكاوبوي


اقترب العام الجديد ليحاول البعض إنهاء الخصومات الشخصية قبل دخوله، وفي المقابل تبدأ الخصومات في بعض محال الملابس، ويمكن أن نأخذ من الجميع زمام المبادرة لنقدم خصومات على المقال حتى يحصل القارئ المحترم الليلة على مقالين بسعر مقال واحد.


المقال الأول: جرت مياه كثيرة في الأنهار العربية حتى وصلنا إلى "عهد التميمي" التي قاومت الاحتلال، وأصبحت أيقونة، و"عهد الناصر" التي قاومت الرجعية، وأصبحت أول مذيعة في التليفزيون السعودي.. وهي أمور إيجابية إذا تجاهلنا مرورنا بذكرى رحيل "صمويل بيكيت" الذي مات منذ سنوات، بعد أن تركنا جالسين طوال "عهود" طويلة بجوار الشجرة العارية فوق الأرض الجرداء "في انتظار جودو" لعله يأتي كما وعد، وعندها سوف يحقق آمالنا التي عجزنا عن تحقيقها بأنفسنا.

وفي صغري قضيت أحد أجازات الصيف في مشاهدة أفلام "الكاوبوي"، وعندما عدت إلى المدرسة وجدت طالبًا جديدًا استقر به المقام في الفصل، وقرر أن يجلس مكاني ويطردني، وكلما حاول رفاقي مساعدتي يهددهم المدرس بأنه سيعطي أسماءهم إلى الناظر، ليعاقبهم حتى وصلنا جميعًا إلى قناعة بأن ثقافة "الكاوبوي" انتقلت من قاعات السينما إلى قاعات الأمم المتحدة، كما أن "جودو" نفسه لن يأتي أبدًا لينصرنا، وأننا وحدنا تمامًا لا تظللنا إلا شجرة عارية فوق أرض جرداء لا تحترم إلا الأقوياء.

المقال الثاني: مع نهاية العام يقرأ البعض نبوءات "نوستراداموس" في محاولة لتوقع العام الجديد، ولكنني أتعجب من محاولاتهم لفهم المستقبل، لأنني أجد نفسي أحيانًا عاجزًا عن فهم الحاضر، لذلك أحاول تفسيره بالاستماع إلى الموسيقى التي تُعطينا فكرة عن ملامح الشعوب، وإذا صدقت العبارة الأخيرة فأخشى أننا في طريقنا للتحول إلى "زومبي" حيث جاءت معظم الاهتمامات الموسيقية طوال العام الجاري ناحية الموسيقى الصاخبة المعروفة بالمهرجانات، تبعًا للتفضيلات المصرية على موقع "جوجل ترند"، ليجعلني الأمر على يقين بأن المعارك العسكرية الدائرة في سيناء ضد الإرهاب تلزمها معارك ثقافية في القاهرة تساهم في التوعية بما نواجهه من مخاطر، وتحشد الجهود للبناء وتعظم قيم العمل والانتماء للوطن، وإذا كانت "عدى النهار" تناسبت مع مرارة النكسة، و"خلي السلاح صاحي" عبرت عن روح الاستنزاف، و"رايحين شايلين في إيدينا سلاح" مهدت لانتصار أكتوبر، فإن "دلع تكاتك" و"العب يلا" وغيرها من قوائم الأغاني الصاخبة ذائعة الصيت، لا تبني وعيًا أو تمهد إلا للمزيد من النكسات.
الجريدة الرسمية